حيدر سهر
صدم المواطن العراقي إزاء الأخبار المتواردة بشأن عدم صلاحية وفعالية أجهزة كشف المتفجرات التي تستخدم من قبل قوات الأمن العراقية للكشف عن السيارات المفخخة والتي استوردتها الحكومة في السنوات الماضية حيث أنفقت ما يقارب الـ85 مليون دولار لشرائها من قبل شركة ATC البريطانية التي تعمل في هذا المجال، وصاحب هذه الشركة جيم ماكورميك، حيث تواردت الإنباء بقيام الأمن البريطاني بإلقاء القبض على هذا الشخص بتهمة الاحتيال وتصدير أجهزة لكشف المتفجرات (عديمة الفاعلية) وأصدرت الحكومة البريطانية أمرا يمنع تصدير هذه الأجهزة إلى دول العالم، وجاءت هذه الإخبار عن لسان صحيفة الاندبندنت البريطانية قبل أيام، وجاء هذا الخبر ليؤكد صحة الشائعات والأقاويل التي أطلقتها بعض الصحف الأمريكية عام 2008 ومنها صحيفة كريستيان ساينس مونيتور الأميركية والتي أوردت خبرا بعدم صلاحية هذه الأجهزة ، ولم تقم الحكومة العراقية حينها بأي رد فعل على هذه الشائعات لكي تتحقق من صحتها أو عدمها ، خصوصا إن هذه الأجهزة ترتبط مباشرة بحياة المواطنين بسبب ما يواجه العراق من تحديات أمنية كبيرة. ان الملاحظ في (هذه القضية) ان الحكومة البريطانية هي من اكتشفت عدم صلاحية اجهزة كشف المتفجرات وليس الحكومة العراقية رغم ان الحكومة البريطانية لا تستخدم هذه الاجهزة في حفظ امنها الداخلي من الهجمات الارهابية ولا يهمها ان كانت تعمل ام لا. وهنا نطرح التساؤل اين هي الحكومة العراقية من هذا الامر وهي من قامت باستيراد هذه الاجهزة لتستخدم في حفظ الامن في البلاد. لقد ابتعد كثير من الساسة العراقيون عن كل ما يرتبط بالمواطن العراقي بما فيها امنه ناهيك عن بقية الخدمات الاخرى وانشغلوا بالمناصب والمحاصصة الحزبية وتصفية الحسابات والقاء التهم في ما بينهم حتى انهم نسوا وتناسوا الضحايا الذين يقعون بالعشرات يوميا بفعل الهجمات الارهابية رغم الانتشار الكثيف لقوات الامن المتواجدة في كل زاوية من زوايا بغداد والتي لم تنته او تحد من الهجمات الارهابية، ونذكر مثالا على هذا ما حدث في ايام (الاحد ،والثلاثاء، والاربعاء) الدامية، حيث ظهر المسؤولون العراقيون يلقون بالتهم في ما بينهم ويتهربون من تحمل مسؤولية ما حدث ولم يبحثوا في اسباب هذه الاختراقات الامنية بعقلانية ، فاصبح لكل عمل اجرامي وارهابي له تفسير عندهم وهو القاء الوم على الاخر فمن يبغض الحكومة يقول هذا تقصير من الحكومة ومن يوّدُ الحكومة يلقي التهم على بعض الجهات بحجة انها تريد خلق فوضى في البلاد من اجل مصالح سياسية ولم يلاحظ او ينتبه احد منهم الى موضوع صلاحية اجهزة كشف المتفجرات من عدمها.الملاحظ في عمل شركة ATC البريطانية التي تقوم بتصنيع اجهزة كشف المتفجرات انها تقوم بتصدريها الى دول العالم الثالث فقط عن طريق موردين ووسطاء يقومون بتهيئة الاجواء بطريقة سرية مقابل عمولة تصل الى مبالغ كبيرة جدا لان الشركة تعلم بعدم جدوى وفائدة هذه الاجهزة في الكشف عن المتفجرات لذا تقوم بتصديرها عن طريق وكلاء، كي لا تكون في الواجهة اذا كشف زيف هذه الاجهزة وتقوم هذه الشركة ايضا بتجنب توقيع أي عقد مع أي دولة او مؤسسة حكومية كي تتهرب من المسؤولية لعلمها بعدم جدوى اجهزتها وهذا التصرف يثير الريبة والتساؤل في عمل هذه الشركة فكيف اتفق الجانب العراقي مع هذه الشركة ومن كان وكيل الحكومة العراقية الذي استورد من هذه الشركة ،أهي وزارة الدفاع أم وزارة الداخلية أم جهات أخرى تعمل في السر وكيف اتفقت هذه الجهات مع هذه الشركة وعبر وسائط من كل هذه تساؤلات مشروعة يجب الإجابة عنها من قبل الحكومة ويجب محاسبة المقصر الذي ساعد في عمله هذا بسقوط الآلاف من الضحايا بسبب هذه الأجهزة العديمة النفع.
ستولد فضيحة أجهزة كشف المتفجرات أزمة ثقة بين الحكومة من جهة وبين المواطن وقوات الامن من جهة اخرى فالمواطن العراقي الذي يتحمل أعباء كثيرة منها الزحامات الشديدة في شوارع بغداد بسبب السيطرات المنتشرة ، سيشعر انه وقع ضحية لعملية خداع واحتيال واستفزاز لمشاعره لوقوفه ساعات طويلة في طوابير التفتيش ليعرف في الاخر ان الاجهزة التي تستخدمها القوات الامنية غير فعالة، وكذا هي قوات الامن فهي تتحمل الكثير من الضغوطات وتتحمل برد الشتاء وحر الصيف لتعلم فيما بعد ان الاجهزة التي تستخدمها عديمة الفاعلية ومغشوشة فهذا استهزاء بهذه القوات واستهزاء بهذا المواطن .وستؤثر فضيحة عدم فعالية اجهزة كشف المتفجرات ايضا على الوضع الامني لان هذا الموضوع سيرسل ببرقيات الى الجماعات الارهابية مفادها ان اجهزة قوات الامن غير فعالة وبالتالي ستستخف بقوات الامن وستشعر هذه المجاميع ان يدها مطلقة في جميع انحاء العراق وستتحرك كيفما تريد دون خوفا او تردد لتضرب اهدافها دون أي خشية من الاجهزة الامنية ،وهذا ما حدث بالفعل خلال الايام التي تلت فضيحة اجهزة كشف المتفجرات ، حيث تعرضت مناطق بغداد الى هجمات عنيفة بواسطة سيارات مفخخة استهدفت لفنادق كبيرة ومؤسسات حكومية في قلب العاصمة .
ان ما يقع على عاتق الحكومة من لوم هو عدم اختبارها لهذه الاجهزة بواسطة المختبرات او بواسطة خبراء لهم القدرة على معرفة جدوى هذه الأجهزة من عدمها قبل استيرادها وإدخالها في مجال الخدمة الأمنية ,فالمواطن العراقي لم يفق للان من صدمة الفساد المالي التي كشف في امانة بغداد من سرقة مليارات الدولارات من المال العام لكي يتلقى صفعة اخرى بفضيحة عدم فعالية أجهزة كشف المتفجرات التي صرف عليها ملايين الدولارات فلم يعد هذا المواطن يتحمل هذه الصدمات المتلاحقة والتي تمتص راحته وأمنه بسبب مجموعة من السراق يوكل اليهم استيراد الأجهزة والبضائع عوضا عن الدولة.لقد وصل الفساد الاداري والمالي المستشري في البلاد للمتجارة بأرواح العراقيين ببرودة دم وسبب هذا عدم محاسبة المفسدين وعدم تقديمهم للقضاء لأخذ جزائهم العادل مما فسح المجال لضعاف النفوس بالمتاجرة حتى في حياة العراقيين وقاموا باستيراد هذه الاجهزة العديمة النفع بسبب نفوسهم المريضة التي غايتها الربح فقط،، ما نتمناه من الحكومة ان تتحلى بالشجاعة وتحاسب المقصريين وتقدمهم للقضاء مهما كان انتمائهم ،وان لا تغض النظر عنهم وتسجل القضية ضد مجهول ويهرب المقصر الى خارج البلاد كي ينعم بما سرقه من هذه التجارة التي راح ضحيتها العديد من الابرياء العراقيين.
https://telegram.me/buratha