المقالات

تيار شهيد المحراب ... المصداقية والواقعية

857 10:10:00 2010-01-27

ميثم الثوري

لعل الفهم السائد حول الاداء السياسي للحركات السياسية في العالم هو الوصول الى الغايات والاهداف السياسة بكل السبل والوسائل وان طبيعة الاهداف واهميتها تلغي اهمية الوسائل وخطورتها وهذا الفهم كان يخلص افكاره بالمفهوم الميكافيلي " الغاية تبرر الوسيلة". وقد نحى هذا الفهم باتجاهات خطيرة جعلت من الاخلاق والقيم والفضائل عبارة عن ثانويات او هامشيات ليس لها دخل في المواقف السياسية ومساراتها وانما اصبحت هذه المفاهيم من المثاليات التي تتعلق بالدين وثوابته المقدسة.

وقد يقال بان مبدأ (الغاية تبرر الوسيلة) الميكافيلي له جذر فقهي ويرجع الى قاعدة "الضرورات تبيح المحظورات" او يعود الى قاعدة التزاحم التي تفيد بان المكلف يمكن ان يؤدي التكليف عن الامتثال في التزاحم بين تكليفين متعارضين بان يختار اقل الضررين او يقدم الاقل مفسدة على الاكثر او الاهم على المهم.

واما قاعدة "الضرورات تبيح المحظورات" فهي قاعدة دلّ عليها قوله تعالى " فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلا عَادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ" ومعناها واضح وهو ان المكلف اذا اضطر الى شىء بحيث لو لم يتناوله لهلك جاز ان يفعله ولو كان محرماً مثال ذلك ان لا يجد الانسان طعاماً حلالاً ووجد ميتة فانه يجوز له ان يأكل منها بالقدر الذي يسد حاجته وينقذ حياته لان الضرورة تقدر بقدرها ، فان هلاك النفس مفسدته اكبر من تناول المحرم وبذلك يقدم الاقل مفسدة وهو تناول المحرم على الاكثر مفسدة وهو هلاك النفس، والفرق بين هذه القاعدة الشرعية وبين قاعدة "الغاية تبرر الوسيلة" واضح، وذلك أن القاعدة الثانية لا تقصر ممارسة المحرم عند الضرورة لتحقيق الغاية،

 بل ما دامت الغاية حميدة في نظر واضعهما وأتباعه، فإنها تبرر له ممارسة الوسيلة المحرمة ولو كانت مفسدتها تساوي أو تربو على مصلحة الغاية، وعليه فالقاعدة الشرعية مستنبطة من القرآن الكريم والسنة النبوية، وأما المقولة المنسوبة إلى ميكافلي فهي مطلقة ولا انضباط لها بالشرع الحنيف. ومن هنا فان الغايات مهما كانت نبيلة فهي لا تبرر الوسائل المحرمة وان الله لا يطاع من حيث يعصى وان الوصول الى الاهداف العليا ينبغي ان يأتي عبر الوسائل الصحيحة لان الغايات من صلب الوسيلة.

وهؤلاء الذين يستهدفون الابرياء بسياراتهم المفخخة واحزمتهم الناسفة يسلكون هذه الوسائل القذرة والمحرمة والاجرامية بحجة الغايات التي يتوهمونها بانها نزيهة ويحاولون اخراج الناس من الدين افواجاً بزعمهم ان الناس كافرون ويضيقون فهم الدين بطريقة مشوهة وسيئة.وضمن هذا السياق كان المجلس الاعلى الاسلامي العراقي يراعي الوسائل والغايات على حد سواء فلم يفرط بالوسائل بحجة الغايات النزيهة والكبيرة وقد كان اية الله العظمى السيد محمد باقر الحكيم (شهيد المحراب) (قدس سره) يؤكد باستمرار بان السياسة لن تحرم حلالاً او تحلل حراماً ولذلك كان ينظر الى القضية بكل زواياها وخفاياها ولم يدع ثغرة او فجوة الا وناقشها واول قراءة له لاي قضية سياسية او جهادية او اجتماعية يراد اقرارها او البت بها فيناقش ابتداءاً الوجه الشرعي في مقدماتها ووسائلها لاعتقاده ان المقدمات لو كانت باطلة فالنتائج باطلة ايضاً وما تعرض عليه قضية جهادية فيها مكاسب كبيرة الا وتناول وجهها الشرعي فوقع بيديه كراساً يتضمن فتاوى الجهاد وقرأ احدى فتاواه التي تجيز تسميم اواني وقدور ازلام النظام اذا لم يضر هذا الفعل بالابرياء برفض ذلك بقوة وطالب المجاهدين بعدم الالتزام بهذه الفتاوى وعلل ذلك ان تسميم اواني وقدور ازلام النظام من جرائم الحرب ومن الاساليب المكافيلية البعيدة عن المبادىء والاخلاق الاسلامية فان استهداف ازلام النظام لا ينبغي ان يكون بالوسائل القذرة والخاطئة التي يرفضها الاسلام الحنيف.وبذلك حرم شهيد المحراب (قدس سره) استهداف محطات الكهرباء ومصافي النفط لانها الاموال الشعب وضربها يضر بالشعب اولاً وان كان يضعف الحكومة الظالمة.وفي العراق الجديد سار المجلس الاعلى على نفس النهج الذي اسسه شهيد المحراب ورسخه عزيز العراق الراحل السيد الحكيم وسار عليه سماحة السيد عمار الحكيم رئيس المجلس الاعلى الاسلامي فلم يضع المجلس الاعلى في حسابه يوماً ان تكون الغايات مهما عظمت مبررة للوسائل الخاطئة فان مواجهة الخصم السياسي والرد عليه ينبغي ان يكون ضمن المبادىء الاسلامية والقواعد الاخلاقية والاصول العلمية ( وجادلهم بالتي هي احسن) ومهما كانت الشبهات والاراجيف التي يثيرها اعداؤنا فهي لا تبرر الرد بالمثل وبنفس اساليب التسقيط والافتراء لان الرد على الاعداء ينبغي ان يكون وفق الرؤية الاسلامية واما المعاملة بالمثل فلا تعني ان يكون تعاملنا معهم بنفس اساليب والاعيب الكذب والتشويه والافتراء.ان المجلس الاعلى ينتهج منهجاً اسلامياً في ادائه السياسي وان العمل السياسي ليست غاية بذاته بل وسيلة للوصول الى الغايات النبيلة والفضائل الكريمة التي ارادها الاسلام وان اساس العمل السياسي هو وسيلة لتحقيق الاهداف الاسلامية العليا وتحقيق العدل وليست الوصول الى السلطة ومواقعها.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك