منى البغدادي
قد يشكل على المجلس الاعلى وبعض الحركات الاسلامية بانها نشأت خارج الوطن وفي ظروف مشوشة وملبدة بالحروب الاقليمية والصراعات الدولية وتحت رعاية الدول المضيفة ومباركتها. ولم يتوقف البعض عن هذه الشبهات بل يتعدى الى ابعد من ذلك فيسوق الاتهامات التشكيكية بوطنية هذه القوى التي نشأت في ظروف الخارج والمنفى. قد يكون هذا الكلام منطقياً لو كنا في سويسراً او بريطانيا ويمكننا عقد مؤتمر تأسيسي لتشكيل معارض للحكومة في الهايد بارك. واما الحديث عن تأسيس كيان سياسي معارض داخل العراقي في عهد نظام صدام المقبور فيصبح حديثاً مضحكاً واقرب الى الخيال والجنون ولا يفكر به الا من فقد عقله ووعيه ويحاول الانتحار الجماعي الفوري. وان نظام صدام لن يسمح بالسير مشياً على الاقدام لضريح الامام الحسين في كربلاء ويحاسب ويعاقب على الكلمة ولو كانت همساً ولن يسمح باي تجمع ولو كان بضعة افراد قرب مسجد او داخل جامعة فكيف نتصور حال تشكيل كالمجلس الاعلى يعقد مؤتمراً تأسيسياً في بغداد في فندق الرشيد الوطني او منصور ميليا في ظل النظام السابق؟ واذا ثبت ان هذا الكلام مستحيل وضرب من الجنون والخيال فيتيعين امام المعارضين عددة خيارات نشير اليها باجمال : الاحتمال الاول: البقاء في الوطن والاستسلام تماماً ومجاراة النظام والخضوع والخنوع لارادة الحكومة. الاحتمال الثاني: مواجهة النظام بسرية عالية والتحرك بالخفاء. والاحتمال الاول مرفوض والثاني صعب قد يقيد ويعقد حركة المعارضين ويجعلهم اكثر عرضة للاعتقال او الاغتيال. واما الخيارات المتوفرة للمعارضين في الخارج فهي لا تتجاوز الثلاث احتمالات نشير اليها باختصار: الاول : الانسجام مع الواقع المهجري والانشغال بترتيب الاوضاع الخاصة وترك الجهاد والمواجهة والانتظار حتى سقوط النظام. الثاني: الانشغال بالعمل الثقافي والسياسي المحدود وعدم الظهور الحقيقي في المواجهة والتصدي. الثالث: المواجهة والتصدي واستثمار ظروف المهجر وامكاناته لتشيكل كيان سياسي معارض كالمجلس الاعلى او مسلح كفيلق بدر والاستعداد لكل ضريبة متوقعة وواقعة. والاحتمال الاخير هو الاكثر جدية وجدوى خصوصاً ان النظام السابق لم يتعامل مع معارضيه الا بمنطق القهر والقتل وقوة السلاح ولم يتح خيارات سياسية لمعارضيه بل احرق المراحل كلها فلم يلجأ الى الاساليب العادية التي تمارسها الانظمة السياسية في العالم كاستخدام مكبرات الصوت لتفريق المتظاهرين او خراطيم المياه او القنابل المسيلة للدموع بل يلجأ ابتداءً بما تنهي اليه الانظمة المستبدة في العالم في قمع مناهضيها. وفي هذه الحال لابد ان تكون حركة المجلس الاعلى لاستقطاب واستيعاب العراقيين في المهجر وفتح شبكات داخل العراق وفي مناطق الاهوار والعراقيون في المهجر يتوزعون ما بين مسفرين قسراً بحجة الاصول الايرانية او العثمانية وبين مهاجرين سواء كانوا ضمن الحشود الهاربة من الحدود العراقية او القادمة من اوربا او سوريا او الكويت او الاخوة الذين زجهم النظام قهراً في قادسيته الرعناء ولم يكونوا مقتنعين اساساً في هذه الحرب الظالمة وفضل اغلبهم الوقوع في الاسر. فلم يستثن المجلس الاعلى هذه المجاميع العراقية التي أشرنا اليها بالانضمام اليه بل كان كياناً جامعاً لكل القوى والاحزاب العراقية كحزب الدعوة ومنظمة العمل الاسلامي وبقية الشخصيات السياسية. فقد كانت اغلب القيادات العراقية ورموز الاحزاب الاسلامية ضمن شورى المجلس الاعلى في بداية التأسيس ونهاية الثمانينات باعتباره الاطار الجامع لكل القوى الاسلامية العراقية.
https://telegram.me/buratha