حافظ آل بشارة
تتصدر الوعود والمنجزات المزعومة قائمة الاخبار ، جميعهم يعدون الناس بعيش رغيد وعهد جديد ، الوعود مصنفة حسب موضوعاتها حتى ان طلبة الروضة تلقوا وعودا مع انهم ليسوا من الناخبين ، في سوق الوعود كان الغائب الاكبر البطاقة التموينية ومفرداتها ، لم يعد الناس يستمعون الى مسؤول نزيه من وزارة التجارة يشرح لهم مشاريع جديدة في تطوير البطاقة التموينية ، فمنذ نكبة المسائلة النيابية التي افترست الوزير توارت الوزارة وجيوشها الجرارة واعلامها المدوي في زاوية النسيان . يقال ان هناك رغبة سرية لدى الحكومة بالغاء البطاقة التموينية والخلاص من وجع الرأس الذي جلبته ، فهي تريد سد احد ابواب الفساد الشهيرة ، مواد توزع وهي منتهية الصلاحية ، مواد تسرق وتباع علنا في اسواق الجملة ، مواد يوزع نصفها ويختفي النصف الاخر ، يتم احيانا تجهيز ثلث او ربع المفردات ولكن يستقطع مبلغ حصة كاملة ، عقود بالملايين توقع مقابل لاشيء ، لصوص الحصة يمتازون عن غيرهم من اللصوص الوطنيين بشجاعتهم واخلاصهم لمبادئهم فواحدهم مستعد ان يذهب الى المشنقة وفاء لبرنامج سرقاته المتواصل دون ان يغير مواقفه ، لماذا تقرر الحكومة حل المشكلة بالطريقة التي تضر المواطن ولا تضر اللصوص الحكوميين ؟ يقال ان مؤسسات استثمارية دولية كبيرة لها يد في تهديد الحصة والقضاء عليها ، البنك الدولي وصندوق النقد الدولي يشترطان على الدول المقترضة اتباع سياسة انفاق رأسمالية متطرفة لضمان استرداد القروض ، تتضمن هذه السياسة عدم انفاق الحكومة على الاعانات والمساعدات والدعم الاجتماعي ومن لم يفعل ذلك حرموه من قروضهم ، الغريب في الامر ما يشاع بأن العراق خضع لشروط هؤلاء وعليه التخلص فورا من البطاقة التموينية لكسب ثقتهم ، ولكن خبراء الاقتصاد عندنا يؤكدون أن العراق ليس بحاجة الى قروضهم ، ولو احتاج فحاجته ليست ماسة وهي قابلة للتاجيل ، وحتى لو احتاج قروضهم فان الثمن كبير وغير متناسب مع الثمار المرجوة ، لكن هناك همس بأن البنك والصندوق علاقتهما بالدول الكبرى وثيقة بل تابعان لها وان بعض قروضهما مفروضة على العراق وبتلك الشروط . كانت الحكومة قد اطلقت بالونات اختبار كلها تنذر بقطع البطاقة التموينية ، فخبر يقول انها سوف تعوضها باموال منتظمة الصرف شهريا ، وخبر يقول ان هناك مشروعا لاحياء الاسواق المركزية المدعومة والتي ستجد الشرائح الفقيرة فيها احتياجاتها باسعار مناسبة ، واستخدمت مشاريع الحلول احيانا للدعاية السياسية ، لكن غياب وزارة التجارة عن المشهد الاقتصادي والسياسي والانتخابي الراهن يثير المزيد من الاسئلة فالمواطن يعطي للوزارات تصنيفا معنويا يختلف عن التصنيف الحكومي ويعتبر التجارة من الوزارات السيادية ، لان الحصة التموينية وتحولاتها مرتبطة بها فعليها يتوقف عيش المواطن وكرامته وامنه الغذائي الذي هو احيانا اهم من الامن التقليدي ، لان قتل الانسان بعبوة اقل ايلاما واهانة من قتله جوعا ، فالجوع يتضمن اهانة للكرامة الانسانية في بلد كالعراق وصلت امواله الى جيوب الاجانب من جميع القارات ، هناك من يرى التجويع لعبة سياسية، فاذا جاع الناس أتبعوا الحكام صاغرين ، واذا شبعوا تمردوا على عشاق السلطة ورموز الحكم وطالبوا بحقوقهم ، ويقال ان نهج بلدان العالم الثالث يتمثل دائما بتجويع المواطن لضمان تبعيته وصمته ، وهناك من لايقبل بهذا التفسير لانه لاينسجم مع الواقع الديمقراطي بل يخالفه ويرى ان سبب المشكلة التلكؤ والاهمال وعدم الشعور بمعاناة الناس الذين يعيشون على البطاقة التموينية ، يعد ملف البطاقة التموينية اكثر اهمية من أي ملف ساخن ، ومثلما يجري اعدام المجرمين كانت امنية المواطن محاكمة من يقفون وراء فشل البرنامج الغذائي في العراق واعدام اللصوص ، لكن حدث خطأ حكومي غير مقصود فقد اعدموا الحصة واعتذروا من اللصوص .
https://telegram.me/buratha