بقلم داود نادر نوشي
البعث في العراق خاض تجربة السياسة والحكم لأكثر من 35 سنة وكانت التجربة المرة والقاسية التي عايشها العراقيون , وسنوات حكمه كانت حبلى بالمصائب والويلات للشعب العراقي بل لشعوب المنطقة بكاملها, من خلال المغامرات والحروب التي دخلها وتحمل الضريبة في ذلك الشعب العراقي والتي لا ناقة له بها ولا جمل في كل تلك المغامرات والحروب , وإنما كانت بالنيابة عن الآخرين , وتحت شعارات القومية العربية والبوابة الشرقية .إضافة إلى ذلك كان البعث لا يؤمن ألا بسياسة الحديد والنار ضد أبناء الشعب العراقي وتحول العراق بفضل تلك السياسات إلى سجن كبير ومعزول عن المحيط الدولي والإقليمي , ولذا ترك خلفه الملايين من الضحايا الأبرياء الذين سقطوا قربانا للحرية والعيش الكريم والذي لايوجد في قاموس البعث وأدبياته مصطلح لهذه الكلمات وإنما مبدأ الحزب الواحد والقائد الضرورة هي كل مايؤمن به ويعتقد , ولذا ليس مستغرب على هكذا حزب ولا على الشرذمة التي تقوده أن تنهار وتتبخر بمجرد دخول دبابتين أمريكيتين إلى وسط بغداد وتنهار معها كل شعارات البطولة والمقاومة التي كانت تسد أسماعنا طيلة 35 سنة , والكل يعرف مصير قيادات هذا الحزب الديكتاتوري كيف بدأت بالاستسلام المذل إلى القوات الأمريكية وكان صدام المقبور خير دليل على هذا الهوان المزري بعد أن تم إخراجه من الحفرة التي كان فيها والتي لاتصلح حتى لسكن الجرذان , وهو الذي كان يشغل بال الكثير من المتزلفين والمتملقين والسذج بعنترياته الخاوية , وكيف كان يستطيع أن يحرق نصف إسرائيل , وأقام الدنيا بتصريحاته الرنانة الباليه .ورغم كل هذا الذل والهوان الذي عاشه البعث وقياداته المهزومة بعد 2003 إلا أنهم عادوا لمسلسل القتل والإرهاب من جديد مع تحالف التكفيريين وعصابات القاعدة عناوين وشعارات براقة وهي المقاومة والجهاد , والكل يعرف أن البعث ومن تحالف معه بعيد كل البعد عن أصل ومحتوى الجهاد والمقاومة التي لم ولن تتشرف بهذه المجاميع الضالة والمنحرفة .ورغم هذه التجربة المريرة التي عاشها العراق والتي انتهت بما انتهت عليه ألا أن البعض ممن يحسبون على السياسة والمتطفلين عليها يريدون بنا العودة مرة أخرى إلى نفس المعادلة الجديدة وتحت عباءة الديمقراطية التي لايؤمنون بها ، وذلك من خلال الدعوات التي لا تنقطع بعودة البعث إلى الحياة السياسية التي حرمها عليهم الدستور , بل أن البعض من هؤلاء ذهب إلى ابعد من ذلك المطلب وراح يمجد ويبرر الأعمال الإجرامية التي ارتكبها البعث بحق العراقيين مستفزا الملايين من ذوي الضحايا في المقابر الجماعية والأنفال وحلبجة والانتفاضة والآلاف الشهداء , والأدهى من ذلك أن المنادين والمرجوين لعودة البعث والداعمين له يتبجحون بالوطنية وحب العراق والخوف على مصلحته الوطنية , ناسين أو متناسين أن المصلحة الوطنية لن تكون بدون عراق حر وشامخ ومقتدر وهذا لن يكون مع البعث والصداميين الذين لايؤمنون بالتعددية والحرية وبلد المؤسسات .والذي لايؤمن بالعملية السياسية لايمكن أن يكون شريك فيها , والذين قتلوا العراقيين في الجامعات والأسواق ودور العبادة لاتشملهم المصالحة الوطنية, وطي صفحة الماضي لاتعني أبدا أن نساوي بين الضحية والجلاد .ولذا فأن الذين يريدون عودة البعث من جديد لهم مآرب وأغراض خبيثة تقودها أجندة إقليمية ولأسباب طائفية وسياسية يعرفها القاصي والداني ولا تحتاج منا إلى شرح وتفصيل , يضاف لها مكاسب انتخابية يحاول هؤلاء المنادين بعودة البعث الحصول عليها بعد أن وصل بهم الإفلاس السياسي إلى مراحله النهائية وتذمر الشارع العراقي من تفا هات مايقولونه ويصرحون به ، وهؤلاء دخلوا العملية السياسية مع عدم إيمانهم بها وهنا لايمكن الجمع بين الحالتين وهذا التناقض هو الذي فضحهم بين العراقيين ، وكانوا ومازالوا حجر عثرة في طريق العملية السياسية من أن تتقدم إلى الإمام , ومحاولاتهم المستمرة في الرجوع إلى المربع الأول وزمن المعادلة السابقة لن تتوقف , وتحقيق هذه الأمنية بالنسبة لهم تعني الكثير فمن خلالها يستطيعون تحقيق ألأجندة الإقليمية التي يعملون لصالحها .ونحن كعراقيين نقول لهم أن الوقت مازال مبكرا للعودة إلى الصف الوطني والبراءة من البعث ومن جرائمه وباب التصالح مع العراقيين مفتوح بعد ذلك, والعملية السياسية تحتوي الجميع ألا من حرم عليهم الدستور ذلك , وأما الذين يريدون ركوب موجة البعث والعهد البائد ويحاول الإضرار بالعملية السياسية القائمة, وعندما نشعر أن التجربة الديمقراطية مهددة من قبل هؤلاء الأقزام المختبئين تحت عناوين سياسية فأننا نحذرهم من أن المساس بالعراق الجديد لن يكون سهلا ولابد لهم أن يعرفوا أن الطريق إلى ذلك لن يكون ألا على أجساد العراقيين , لأننا لن ولم نضحي بما تم بناءه خلال السنوات الستة الماضية من اجل سواد عيون أيتام البعث والحالمين بعودتهم, ولا لكي ترتاح هواجس البعض من الحكام العرب وخوفهم من الديمقراطية في العراق حتى لاتطيح بعروشهم الخاوية , وهجومنا القادم ضدهم سيكون كاسحا ومدمرا من خلال المشارك بقوة وفعالية في الانتخابات البرلمانية القادمة وهي سلاحنا الوحيد في مقاومة المؤامرات والدسائس التي تحاك من هنا وهناك , وهذا السلاح لايملكه أعداء العراق ولا يؤمنون به وهو طريقنا إلى عراق الشموخ والنمو والازدهار وعندها سيندم الحالمون بعودة البعث حين لا ينفع الندم .
https://telegram.me/buratha