حافظ آل بشارة
كلما انفجرت فقاعة عفلقية من داخل الصف الوطني الافتراضي تجددت الاسئلة على لسان من هب ودب عن مدى نجاح العملية السياسية ولماذا لايجري تطهيرها من الاعداء الداخليين ؟ انها عملية سياسية وليست عملية مصران اعور، اصبحت بحاجة الى معجزة لكي تنجح او تستمر لانها تدار بفريق متناقض في اهدافه مجموعة تريد ان تبني ومجموعة تريد ان تهدم ما بناه الآخر ، لم يفشل السياسيون في التعامل مع المشكلة فحسب بل فشلوا حتى في توصيفها وشرحها للناس ، اعظم المتحدثين بلاغة واصدقهم لهجة يعجز لاسباب غير معروفة عن شرح المشكلة ، لكن احد السياسيين نفد صبره ذات يوم فقال: (ان ممثلي النظام البائد يشتركون معنا في العملية السياسية ، ومع اننا نستحي ان نصفهم بهذا الوصف لكنهم يفتخرون به ويجاهرون بالدفاع عنه) .هؤلاء الممثلون لا يعلنون اهدافهم ، ولذر الرماد في العيون يتقاسمون مع الآخرين الخطاب السياسي الاستهلاكي المألوف ، من يريد معرفة اهدافهم بالتفصيل فعليه ان يأخذ ورقة بيضاء ثم يكتب عليها اهداف العملية السياسية ثم يعود ليضع امام كل هدف علامة (في) او اداة نفي ليحصل على اهداف فريق التهديم ، لديهم قدرة عالية على الازدواجية السلوكية والصاق التهم بالاخرين فهم اصحاب السنة طويلة في الحديث عن الديمقراطية او اللبرالية او الحريات او حقوق الانسان او الدستور ويغلبون الجميع ويسكتونهم مع انهم لايؤمنون بواحدة منها فاذا خلوا الى شياطينهم قالوا انا معكم ، اصل المشكلة ان اعضاء هذا الفريق مختوم على قلوبهم فان نصحتهم شتموك وان عاتبتهم اتهموك وان احسنت لهم تآمروا عليك وان وثقت بهم غدروا بك وان حدثتهم عن القيم والمبادئ اعتبروك متخلفا ، هم من اصحاب الزاوية الواحدة لا يفهمون سوى حالة صدامية حافلة بالقمع والتهديم والفناء والنار والحديد وصليات البرنو والهوسات والكاولية ، غضب وانفعالات وصرع تسلطي ، فلك خرافي من الجريمة والوحشية وهم مجرد جلادين يطوفون حوله . اذا كانت العملية السياسية تحمل عناصر فناءها وموتها وفشلها من داخلها فكيف ستنجح ؟ هذه كارثة مضحكة ومصيبة هزلية ، ضحايا ومعارضو ومقاومو النظام البائد يجلسون حاليا مع جلاديهم على طاولة واحدة ، وبدلا من ان يبحث جلادهم عن العفو والصفح اصبح يفتخر بأنه من جلادي الامس ويحاول تذكيرهم دائما بأنه الاقوى ، هذه الحالات جعلت الفدائيين القدامى يمارسون خداع النفس للنفس فيسمون وجود قوى الهدم والتدمير في الحكومة والبرلمان بانها تعددية ، ويخدعون شعبهم بالكلمات الباهتة التي لامعنى لها ، في البداية اعتبروا المواعظ هي الحل فقال احد السياسيين من قراء دعاء كميل : ان سوء الظن حرام وعلينا ان نقترب من بقايا نظام صدام ونطمئنهم وننصحهم ونحل عقدهم ونتبادل معهم الثقة فهم خائفون مذعورون وهذا من حقهم ، وبدأت عملية التقرب والاحتضان والمؤانسة وزرع الثقة وحاول ورثة الصدر والحكيم احتضان ورثة عواد البندر وفلاح عاقولة لكنهم فوجئوا بان الطرف الآخر اعتبر هذه التصرفات الودية دليلا على الخضوع والخوف والتنازل وقرر ان يقابلها بالتهديدات والغطرسة الصدامية التي تجري في العروق ، اتضح ان حسن الظن حرام وان اختلافا جذريا وهوة سحيقة تفصل بين امتين وخندقين ومنهجين ، والعجيب ان التناقض قائم في كل شيء حتى في نظرة الفريقين الى الشعب العراقي ، فريق البناء يرى ان الشعب ورضاه وخدمته قيم عليا في أي عملية سياسية وهي معيار للشرعية ، اما فريق التهديم فيرى ان الشعب العراقي شعب مجرم يستحق الابادة لانه فرح لسقوط نظام صدام وفرح لاعدامه ، ويطالب يوميا بمحاكمة واعدام جلادي النظام البائد ، كما يرفض هذا الشعب عودة البعث الصدامي الى الحياة السياسية ويرفض عودة الاستبداد . الفرز ضروري وليس عيبا ان يعبر كل فريق عن اهدافه ، انها شجاعة وثقة بالنفس ، ولكن العيب ان يخدع الرجل نفسه فيصر على صداقة عدو لا يرحم ويصبر ويتمسك بالمغالطات حتى تنفجر العبوة في جيبه ، ولا يزداد بالتودد الى عدوه الا ذلا .
https://telegram.me/buratha