المقالات

الطغمة التي لاتؤمن بالديمقراطية ولا بالمساواة

789 12:48:00 2010-01-21

شاكر حسن

لأول مرة في تأريخ العراق القديم والحديث تجري في العراق انتخابات شبه حرة ونزيهة باعتراف الامم المتحدة ودول العالم المتحضر. ولأول مرة في تأريخ العراق القديم والحديث يشكل برلمان وحكومة وطنية تمثل جميع اطياف ومكونات الشعب العراقي الرائعة والزاهية. ولأول مرة تشكل مئاة الاحزاب وتصدر مئاة الصحف والمجلات وتفتح عشرات القنوات التلفزيونيه والمحطات الاذاعية. الا ان اعداء العراق الجديد، اعداء الديمقراطية والمساواة لايروق لهم ذلك .

فالطغمة التي حكمت العراق منذ تأسيسه عام 1921 هي نفسها التي كانت تتمتع بكافة الامتيازات والمناصب العليا والمهمة خلال فترة الاحتلال العثماني . وبعد سقوط الدولة العثمانية وسيطرت الانكليز على العراق، سارعت هذه الطغمة الى تقديم الولاء والطاعة لهم وتسلموا اهم المناصب والمراكز المهمة مرة اخرى . وبعد اندلاع ثورة العشرين ضد الانكليز وتكبيدهم خسارة فادحة ، غادروا العراق وسلموا الحكم الى هذه الطغمة الانتهازية لتخدم مصالحهم. واستمروا في الحكم لغاية قيام ثورة 14تموز 1958 بقيادة الزعيم الوطني عبدالكريم قاسم والذي استمر في الحكم لغاية 1963 . وقد حاول عبد الكريم قاسم كسر المعادلة السابقة والعمل على تحقيق المساواة بين افراد الشعب العراقي، الا ان هذه الطغمة كانت له بالمرصاد وتم القضاء عليه بعمل جبان بعد ان عفا عنهم بعد محاولة اغتياله.

وعادت هذه الطغمة لحكم العراق مرة اخرى وبثوب جديد هو ثوب القومية العربية والوحدة العربية عن طريق حزب البعث، وبشعارات رنانه هي الوحدة والحرية والاشتراكية، ودخل العراق في عصر الظلام 40 عاما من قتل وتشريد وحروب واقصى انواع التمييز الطائفي والعنصري والمناطقي على يد هذه الطغمة . وتم تصفية خيرت ابناء العراق من علماء ومفكرين ووطنيين ومناضلين ومن مختلف المكونات والاتجاهات امثال الشهيدين الصدر الاول والثاني والشيخ عبدالعزيز البدري والمناضل سلام عادل وآلاف غيرهم . ونفس الطغمة هي التي قامت بتفجير مرقدي الامامين علي الهادي والحسن العسكري(ع) في سامراء وخلق الفتنه الطائفية والتي راح ضحيتها عشرات الالوف. وهي نفسها التي قامت بتفجيرات الاربعاء الدامي والاحد الدامي وغيرهما من التفجيرات الدموية التي شهدها العراق الجديد .

وبعد سقوط الصنم وهروب القادة الميامين الى الجحور عند ظهور اول دبابة امريكية بعد ان ملأوا الدنيا صراخا ونباحا بانهم سيجعلوا بغداد مقبرة للغزاة، وتشكيل مجلس الحكم واجراء عدة انتخابات وتشكيل برلمان وحكومة وطنية يمثلان جميع اطياف الشعب العراقي الزاهية، عادت هذه الطغمة من جديد وبوجوه جديدة وبأسم مقاومة المحتل بقتل المدنيين الابرياء في الشوارع والاسواق والمساجدوالحسينيات وضرب محطات الماء والكهرباء لافشال العملية السياسية ولزرع اليأس والاحباط في نفوس الشعب العراقي، ومع الاسف نجحوا في ذلك الى درجة معينة .

أن هذه الطغمة لا تؤمن بالديمقراطية ولا بالمساواة ولا تريد ان تتنازل عن الامتيازات الهائلة التي حصلت عليها سابقا وتنظر الى بقية افراد المجتمع نظرة استعلاء واستهزاء وتصفهم بشتى الاوصاف غير الانسانية وغير الاخلاقية كالعجم والهنود والعملاء والخونة والشروك والصفويين والشعوبين وغيرها من الاوصاف الغير لائقة. وانهم اشراف واصحاب عزة وكرامة وانهم عرب اقحاح وغيرهم اجانب اقحاح مرتزقة جاؤوا من ايران والهند لسرقة خيرات العراق والقضاء على عروبته وتأريخه وامجاده. وخير مثال على ما اقول المقالات التي نشرت بعد قمع الانتفاضة الشعبانية ضد النظام البعثي الصدامي عام 1991 في جريدة الثورة والشعارات التي كتبت على الدبابات في الوسط والجنوب (لاشيعة بعد اليوم) .

ان هذه الطغمة هي التي ساعدت عناصر القاعدة في الدخول الى العراق وهم الذين اعطوهم السكن و المأوى ووفروا لهم السلاح والعتاد وسهلوا لهم حرية التنقل ووفروا لهم كل ما يحتاجونه للقيام بأعمالهم الاجرامية ضد الشعب العراقي، حتى ان البعض منهم زوج ابنته او اخته بهم . فأغلب عناصر القاعدة غرباء ولا يعرفون عن جغرافية العراق اي شئ فدلوهم على الاماكن المهمة والحساسة لتخريب الاقتصاد وترهيب الناس .

خلاصة القول ان هذه الطغمة المصلحية والانتهازية تبدل ثوبها حسب المتغيرات والظروف وبأسماء احزاب ووجوه جديدة بين فترة واخرى لمحاولة ارجاع مجدها الغابر ولو على حساب خراب العراق وجثث الملايين من ابناء الشعب العراقي الصابر، وهي لا تحمل اية اخلاق او مبادئ وطنية او انسانية.

لقد خاب ظني عندما توقعت ان تعترف هذه الطغمة بعد سقوط آخر معاقلها والمتمثل بنظام البعث الصدامي عام 2003، بجرائمها بحق الشعب العراقي وشعوب دول الجوار وطلب العفو والصفح من هذه الشعوب ، ولكن يبدو ان ذلك كان سرابا .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك