المقالات

ذكريات الدفان الملثم

980 15:52:00 2010-01-14

حافظ آل بشارة

اي مرشح يريد الفوز حقا في الانتخابات القادمة ونصيحة لوجه الله وقبل ان تبدأ الدعاية الانتخابية عليه ان يجعل النقطة الاولى في برنامجه الاعلامي تأكيد احترامه لحقوق الانسان وخاصة حق ممارسة الشعائر والطقوس ، لأن في قلب كل عراقي جرحا لا يندمل من قضية الشعائر ، القمع الصدامي هو الذي حول الشعائر والطقوس الى قضية كفاح طويلة عريضة ، كل الحكام يخشون فقدان السلطة و يعيشون هاجس المؤامرة حتى صياح الديك عندهم مؤامرة لانه يوقظ المصلين ! لكن المعروف ان شعائر اي دين او مذهب لاتشكل خطرا على الحكومات الا اذا استخدمت في تعبئة سياسية تغييرية لكن من الذي يدير تلك التعبئة ولماذا ؟ فالتغيير يلزمه التخطيط لثورة ، والثورة تعني وجود مشروع سياسي بديل ، والمشروع البديل يعني قيادة موحدة ومنهج ، وهذا لم يكن موجودا في العراق على هذه الصورة ، ولم يكن قمع نظام صدام للشعائر الدينية الا بسبب قراءة الظاهرة بطريقة خاطئة ومأزومة وجاهلة ،

احيانا استخدمت الشعائر لتعبئة سياسية لكنها كانت تعبئة مطلبية لاثارة غضب الشارع ضد السلطة ولفت انتباهها الى مشكلة بحاجة الى حل ، تعبئة كهذه لا تشكل خطرا على الحكومات ، الجمهور العراقي كان يراوح بين التعبئة المطلبية والتعبئة الانقلابية بطريقة خطيرة ، ولم يكن لديه توجيه او تحكم فالشعائر حالة عامة لا يمكن ضبط ايقاعاتها ، لكن النظام كان يخلط هو الاخر في الفهم فلا يميز بين تعبئة مطلبية و تعبئة تغييرية ، وكان يعتبر النوعين خيانة عظمى وبسبب تلك الفوضى المفاهيمية توقع بعض المتفائلين والمتحمسين من منظمي المواكب الجرارة واصحاب الولاء الصادق ان رحلة النصر تبدأ من باب الحسينية الى كل شارع ثم الى قصر الطاغية ليعتقله الثوار ، فيعتلي الكرسي بديله وينتهي كل شيء وسط التهليل والصلوات والثالثة بأعلى اصواتكم . صدام قلب المشهد فجعلها رحلة ابادة باتجاه مختلف فمن باب الحسينية الى كل شارع ثم الى كل الزنزانات بالجملة ثم جثث مشوهة الى الطب العدلي بالمفرد ثم الى مقبرة النجف ، الدفان ملثم والفاتحة ممنوعة . شعب موال و سلطة قمعية معناه تحويل الشعائر الى رحلة ابادة . عندما تعلن البرامج الانتخابية احترامها للشعائر والطقوس والعادات العرقية او المذهبية فهي تقنع الناس بأن لايستخدموا تلك الشعائر وسيلة تعبئة عنيفة ،

في ظل الديمقراطية تكون التعبئة سلمية لان الانتخابات والاستبيانات الميدانية ومؤسسات المجتمع المدني كفيلة بأن تستوعب مطالب الناس وتحولها الى مشاريع عمل ، لا حاجة الى فدائيين يتلقون بصدورهم سهام الغدر ويسقطون شهداء ، يكفي رأي عام واع يقوده خبراء يتحكمون بقوى الضغط المشروع على اصحاب القرار لتحقيق المطالب ، خوف الانظمة الظالمة من الشعائر هو الذي دفعها الى القمع مما دفع الجمهور المظلوم بالمقابل الى تأكيد مواقفه والاستعداد للموت من اجل شعائره ، وبالفعل ورد الفعل اصبحت الشعائر مسيسة ، وباستمرار القمع انتقلت المشكلة الى مرحلة اكثر خطورة وهي مرحلة تسييس الانتماء الجزئي باعتباره يستند الى منظومة ثقافية لها استحقاقاتها ، فلم تعد الطقوس مستهدفة بل تصبح الفئة الاجتماعية مستهدفة ، الدعوة الى احترام الطقوس هي دعوة للوحدة الوطنية ، وتعزيز للانتماء الوطني لأن الفئة المستهدفة تضطر دائما الى البحث عن الحماية خارج الوطن ، ستكون الاسرة الوطنية في وضع محزن اذ يجد ابن البلد نفسه لاجئا الى احضان خالته الاقليمية الحنون هربا من قسوة امه الوطنية الماجدة ذات الرسالة الخالدة .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك