المهندس بهاء صبيح الفيلي
الصحافة مهنة نبيلة إذا ما كان الصحفي نزيهاً في نقل المعلومة إلى القراء , وأنا اعتقد انه يجب على الصحفي أن يجيد فن التوازن والموضوعية في أطروحاته ولكن ليس على حساب التضليل .قال الفيلسوف جون دويي : إن الحقائق لا تضع مدلولاتها على أكمامها
وكما نعلم جميعاً إن الحقيقة لها أوجه عدة ولذلك كل يرى في منظاره الوجه الذي يعجبه ويتماشى مع ما يؤمن به من أفكار أو عقائد أو أي شيء آخر , ولكن للكذب وجه واحد , والكذب قد يعجب البعض وهذا البعض قد يحب أن ينشره لأغراض شخصية أو اجتماعية أو سياسية , وعندما ينشر صحفي موضوع كاذب وملفق واتهامات لا أساس قانوني له البتة , فأن له غرض واحد فقط هو التسقيط أي اسقاط شخص أو مجموعة أو حزب أو دولة في نظر القراء .لنعود إلى الصحفي احمد عبد الحسين الذي نشر مقاله 800 ألف بطانية في جريدة الصباح فلو نشر المقال في جريدة أو موقع آخر لما أعطيت المقال أهمية أو حتى تعليق ولكن المشكلة إن المقال نشر في جريدة مملوكة للدولة العراقية وهنا تكمن الخطورة في استخدام الإعلام الرسمي ضد مجاميع وأحزاب وحتى أفراد دون إعطائهم الحق في الرد من خلال الجريدة ذاتها , كيف تكون الدكتاتورية إذن ؟ هل تجرأ شخص أن ينتقد النظام الدكتاتوري البعثي في وسائل الإعلام البعثية وغير البعثية أبان حكم العوجة ولذلك كان الإعلام البعثي ذات حقيقة واحدة ( أو وجه واحد) هي الدعاية للدكتاتور وكيل الشتائم للآخرين , واعتقد إن فلاح المشعل يعرف ذلك جيداً لأنه كان جزء من الإعلام الدكتاتوري سابقاً ولا بد إن جهات جديدة تحب أن تستفاد من هذه الخبرات الإعلامية في التطبيل والتزمير والتلفيق ونشر الأكاذيب وعدم السماح للرأي الآخر في اخذ فرصته أو حتى الدفاع عن نفسه في إعلام الدولة فبات إعلام الدولة ملكاً للحكومة كما كان في عهد الطاغية , وأنا اعتقد إن الخلل في الإعلام سوف يؤثر بصورة سلبية على مصداقية الحرية في العراق , والحقيقة هناك البعض الذي لم يفهم حقيقة الوضع واعتبروا إن احمد عبد الحسين هو المعتدى عليه والحقيقة إن جريدة الصباح والعاملين في هذه الجريدة ومن ضمنهم احمد عبد الحسين يهاجمون الآخرين ويتهمونهم بتهم كيفية وينشرون مقالات تسقيطية ضد الآخرين دون إعطائهم الفرصة للرد أو الدفاع عن أنفسهم , واعتقد إن القائمين على الجريدة يظنون إننا لا نفهم ما ينشرون والى ماذا يروجون , وان لم تتدارك الحكومة لهذا الخلل في الميزان فأنها ستكون الخاسر الأكبر , لأن مصداقيتها ستتبخر بعدما بدت عليها علامات الجفاف .
وألان أود أن انقل مقتطفات مما كتبه جون ماكسويل هاملتون وجورج أ. كريمسكي في كتابهم صناعة الخبر في كواليس الصحف الأمريكية في صفحة 27 (وكان هارفي شواندر رئيس قسم الأخبار المحلية لفترة طويلة في ميلووكي جورنال نموذج لعقلية الحقائق أولاً في الصحافة , في يوم من الأيام تلقى مخبر صحفي صغير موهوب يعمل على مقربة من شواندر قصة حادث سيارة ابلغها مخبر في الميدان.
سلم المخبر الشاب أول صفحة لشواندر , وكان قد كتب عليها موقع القصة على انه فون دي لاك.قال شواندر : " كنت أظن إن هذا الحادث وقع في اوشكوش " فكان رد الصحفي الشاب هو : " اوشكوش او فون دي لاك , ما الفرق في ذلك ؟ " وحين ذاك هب شواندر الذي احمر وجهه واقفاً ودفع الصحفي الشاب ناحية باب المصعد . ولم يره احد في صالة الأخبار مرة أخرى . )
وفي مكان آخر في نفس الكتاب وفي صفحة 28 و صفحة 29( أشار المر ديفيز , وهو واحد من صحفي هذا القرن العظام , فأنه : لابد أن تسير الصحيفة الجيدة ومحطة إذاعة الأخبار الجيدة على الحبل بين خليجين كبيرين _ على احد الجانبين , الموضوعية الزائفة التي تأخذ كل شيء بالقيمة الاسمية وتدع الرجال الأكثر جرأة يخدع الجمهور ؛ وعلى الجانب الآخر نقل الأخبار " التأويلي " الذي لا خطاً فاصلاً بين ما هو موضوعي وما هو ذاتي , أي بين الحقيقة ذات الأسس المنطقية وما يتمنى المخبر أو المحرر أن يكون هو الحقيقة .) .
أردت بنقل بعض من مقتطفات هذا الكتاب إلى الإخوة الذين بدئوا بما يسمى حملة لمناصرة احمد عبد الحسين وان يعلموا على ماذا يريدون أن يناصروه , على مقالته التي لم تستند على أي دليل , واتهامات ملفقة لم تستند على أي أسس منطقية وواقعية أم لحرية الرأي , والحقيقة إن جريدة الصباح لا تنشر سوى المقالات التي تتماشى مع مواقفها وليست هناك حرية للرأي في جريدة الصباح وكان احمد عبد الحسين جزئاً من هذه الجريدة لا بد إن البعض من الذين يتباكون على حرية الصحافة من خلال طرد أو إخراج احمد عبد الحسين يظنون إن حرية الرأي في بقاء المطبلين والمزمرين والأقصائيين الذين حولوا جريدة الصباح في اتجاه يخدم جهة معينة وتهاجم الآخرين ومحاولة نشر أفكار معينة ودون السماح للآخرين أن ينشروا أفكارهم .
المهندس بهاء صبيح الفيلي
https://telegram.me/buratha