المقالات

ضحايا البهتان الاعلامي

2671 15:04:00 2009-08-12

حافظ آل بشارة

مازلنا نعيش في منطقة اقليمية يسود فيها مفهوم الغابة ، اي غلبة القوة ، وتقبيل يد القوي وقطع يد الضعيف ، التملق للاقوياء وتعذيب الضعفاء ، قانون الغابة الشرق اوسطي يعمل بقوة في القطاع الاعلامي والدعائي ايضا ، عصابات ودول تشبه العصابات يشترون فضائيات وصحف ، يغدقون عليها الاموال لمدح هذا وذم ذاك والذم الاعلامي هو اعدام سياسي ، صحيح ان النائحة تتصاعد بقوة خوفا من الحرب النووية المزعومة لان تكنلوجيا القنبلة النووية اصبحت في متناول كل من هب ودب ، لكن يجب الاطمئنان الى ان الحرب النووية لا يمكن ان تقع لان الضربة الاولى تبيد المقتول لكن الضربة الثانية تبيد القاتل وليس هناك منتصر ، الا ان الحرب الاعلامية مرشحة للبقاء والتطور وتعاظم الدور في حسم كثير من الملفات .

القضية قضية كلام في كلام ، العالم ابغض الحروب المسلحة لذلك لجأ الى الحرب النظيفة القتل والابادة باستخدام الاعلام ، ازمة اقتصادية نشبت في العالم وضحيتها ملايين البشر ممن فقدوا وظائفهم وانزلقوا الى مستنقع الفقر ، ومئات الشركات والمصارف انهارت وتحطمت ، ثلاثة ارباع الازمة كانت مجرد كلام في كلام ، ارقام وخطوط بيانية واخبار عمن افلسوا واخبار عمن اغلقوا مؤسساتهم الاستثمارية ، ازمة اشعلتها الاخبار والتحليلات المبالغ بها حتى انتهت الى انهيار خطير. في العراق هناك قوم يفتقرون للنزاهة في الخصومة ، وليس لديهم روادع اخلاقية ، يستخدمون الكذب والبهتان والاختلاق والتحريض في الاعلام لتشويه سمعة ابناء البلاد المخلصين والمضحين واذا نصحتهم بالخوف من الله وذكر الموت والبرزخ اغمي عليهم من الضحك واعتبروك متخلفا ، وقالوا لك باستهجان : ( يمعود دروح والله انت بطران ... شوف هذا يا برزخ يا قيامة ... شنو انت شارب نفط ؟ ) .

ومن يعش في اوساط هؤلاء يدرك بوضوح ان الغابة الاعلامية تعمل على مدار الساعة في اجواء التنافس السياسي ، وتقدم خدماتها لاناس هدفهم الوصول الى السلطة ، ومن يجعل السلطة هدفه فكفى بذلك سقوطا وعارا وهلاكا ، لهاث لا ينتهي من اجل الوصول الى الكرسي خارج جميع السياقات سواء كانت اخلاقية او انتخابية ، هذا الفريق من وحوش السلطة الكاسرة ترى ان وصولها الى اهدافها غير المشرفة يتيح لها استخدام جميع الوسائل المشروعة وغير المشروعة ، بما في ذلك السعي لتسقيط المنافسين ، ومخادعة الرأي العام ، فاللعبة كلها مبنية على اساس الخداع والكذب والدجل واثارة مشاعر العداء ضد الطرف المستهدف ، اما الطرف المستهدف فعليه ان يتعامل مع هذا التجاذب الغريب تعامل المحارب المتاهب للدفاع عن نفسه وكرامته ومصداقيته ولا يستهين بأي هجوم يشنه الاخر مهما كان مظهر ذلك الهجوم بسيطا ، وما دامت الحرب الكلامية حربا حقيقية ولها ضحاياها ولها كوارثها فيجب الانخراط فيها واستحضار كل وسائل تحقيق الغلبة وسد ابواب اللغو والفتنة ، تلك الوسائل تشمل العنصر البشري اي المقاتلين الاعلاميين العارفين هدفهم والمتمكنين من وسائلهم واسلحتهم ، ووسائل التكنلوجيا الضرورية والمعرفة الكافية بكيفية الدفاع عن الرأي العام وحمايته من الهجمات المينية على الزيف والكذب والخداع ، وجمع المعلومات عن الطرف الاخر والتعرف عليه بدقة ، عندها يمكن ان تبدأ المبادرة سواء كانت هجومية او دفاعية .

ولكن ماهو الاطار الاخلاقي الذي يحكم ويقنن مثل هذا الصراع ؟ لاشك ان هجوم ذئاب الاعلام على شخصيات سياسية او شخصيات دينية او احزاب او اسر معينة وايراد كل ما من شأنه تشويه صورة الضحايا فذلك احيانا لا يشكل هجوما على شخص بعينه بل الهجوم على مايمثله ذلك الشخص من مذهب او منظومة او خط سياسي ، لذا يبدو ان منع مثل هذا الهجوم يصبح واجبا لانه يتعلق بحماية مبادئ كلية وليس شخصا معينا ، وفي هذا السبيل هناك قواعد اهمها الابتعاد عن مقابلة الهجوم الاعلامي بالتسامح او احتقار المقابل او الصمت او الترفع عن الرد لان هذا السلوك اذا بدا مفهوما وايجابيا في اوساط المؤمنين واصحاب القيم النبيلة فانه سوف يفهم بطريقة معاكسة تماما في اوساط المهاجمين الذين سوف يعتبرونه عجزا وتشجيعا على شن مزيد من الهجمات ، اما القواعد الاخلاقية لهذا الدفاع فتتضمن تعرية القوة المهاجمة باعتبارها تمثل منهجا خطيرا يجب مواجهته وحماية المجتمع منه وحماية الراي العام من الاباطيل التي يروجها ، ويفترض اتباع طريقة اصحاب الحق في مواجهة الباطل ، فاذا كان وحوش الاعلام في غابتهم يستحلون استخدام اساليب لا اخلاقية في اسقاط المقابل فأن اعلام المؤمنين ودعاة القيم النبيلة لايجيز لنفسه استخدام الاساليب نفسها لان استلهام القيم الحقة وتنميتها ونشرها في اوساط المجتمع هو الهدف الاصلي من وراء هذه المسيرة ، وان الغالب بالجور مغلوب ،

فلا يمكن تضييع هذه الاهداف او العمل باتجاه يخالفها لاي مبرر كان ، وقد لاحظنا في الايام الماضية حالات من البرود غير المبرر في مواجهة اعداء العراق الذين يشنون هجمات متواصلة على العملية السياسية ورموزها والحركات والاحزاب والقوى الوطنية التي تقف وراءها ، يمكن بسهولة ملاحظة التهاون والصمت والاهمال وارتخاء القبضة في مواجهة هذه الهجمات . بينما كان المطلوب ان يتم الرد دائما وكيل الصاع صاعين لمن يشنون هذه الهجمات ، وتعرية الجهات التي تقف وراء هذا البهتان خاصة وان تلك الجهات لديها من الفضائح والتاريخ المخزي والنهج المرفوض والمكروهية الجماهيرية مايجعلها هدفا واهنا في مواجهة اي عملية جادة لكشف الحقائق ، ولا بد من التذكير بأن قوى الارهاب والجريمة المنظمة التي تمثل اجندات جهات معادية تمارس العدوان الاعلامي كظهير دائم للعدوان المسلح ، واذا كانت قد خسرت معركة السلاح فانها ربما تربح المعركة الاعلامية وهنا يبدو النصر على الارض محدود القيمة مالم يتحقق نصر في الاعلام وعلى صعيد الراي العام ، كما لوحظ لحد الان ان الجهات المستهدفة بهذه الهجمات وصل بها التهاون الى حد اهمال الحق القانوني ، فمن حق المستهدفين بالهجمات ان يقاضوا الجهة المهاجمة على الاقل لدى الجهات المختصة وايقافها عند حدها وتكرار المقاضاة كلما حدثت تجاوزات جديدة ، ونشر اخبار المقاضاة ودعوة المهتمين الى التعليق على طلب المقاضاة ودعمه اعلاميا ، وهو اسلوب حضاري ومؤثر ويعد توجيها للمجتمع وتشجيعا على تغليب الاسلوب القانوني في فض النزاعات بدل المواجهة المسلحة التي تقود الى مزيد من العنف . وفي النهاية لابد من التذكير بان المعركة لا تتجزأ فمن ينتصر في معركة الاعلام سينتصر على الارض عاجلا او آجلا لان الحقائق تنشأ في الاذهان قبل ان تتحول الى واقع في الميدان .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك