محمود خطار ..
يمتليء البلد حاليا وفي سابقة رائعة بعشرات الصحف اليومية والاسبوعية والتي تعكس العصر الذهبي للاعلام المقروء شانه في ذلك شان الاعلام المرئي والمسموع الذي شهد انفجارا في الكم والنوع ..وهذا الانتعاش الاعلامي اثلج صدور العراقيين الذين تعطشوا طويلا لهذا الانفتاح وتلك الحيوية في تدفق المعلومات والتعدد في مصادر الخبر وتنوع وجهات النظر وتباينها .. فان يكون الاعلام حرا يعني ان تكون هناك مساحة كافية للحركة الفكرية والمساجلة التي تصب في خانة التعدد والتلون ما ينفس عن الكثير من هموم المجتمع ...وفي ظل هذا الانعتاق من بودقة الاحتكار التي كانت تشكل النمط السائد للاعلام المحلي في السابق و الذي نعني به اعلام المؤسسة الحزبية الحاكمة التي الغت الوان التعبير بشتى الوانها ووضعتها في خانة المحذورات التي يكون الموت اقل عقوبة ممكنة لها فان جريدة الصباح التي اسست في فترة مبكرة من مرحلة التحرر من الديكاتوري ولدت لتكون الانموذج الجديد للخطاب الحكومي في ظل التعدد الاعلامي ..
الصباح او بالاصح شبكة الاعلام العراقي هي الوريث الوحيد لوزارة الثقافة والاعلام التي تم حلها باعتبار ان المؤسسة الاعلامية في البلاد ستعمل بعيدا عن القيود وسيصبح الرقيب جزءا من الماضي وتغدو هيمنة الحزب الواحد الاعلامية واحدة من حكايات الامس القريب الغير مرغوب بتكرارها..فمالذي تحقق من كل ذلك ؟ ان من المفاجي ء والمذهل ان يضاف لسجل سلبيات شبكة الاعلام العراقي بشكل عام والصباح بالاخص انها خرجت عن هذا التوصيف وصارت اقرب الى ان تكون جريدة الحزب بعد ان كان من المفترض بها ان لا تمثل حتى السلطة وان كانت اشبه بالرسمية ..
فشبكة الاعلام بكافة مؤسساتها وجدت لتكون الانموذج الجديد لاعلام العراق المنفتح المتحرر ومولتها الدولة من خزائن الشعب لتصبح الرافد الاول الذي يصب في خانة التحرر من صيغ الماضي المربكة . ولكن ..التجربة اثبتت ان ثقافة الاستقلال والتحرر لازالت غير مستساغة في اذهاننا سواء اكنا مسؤولين في الدولة او عاملين في مؤسساتها..او حتى في مؤسسات شبه مستقلة ...فالتابع والمتبوع جزء من توليفة العمل الاعلامي المحلي الذي يأبى مسؤولونا والقائمون على مؤسساتنا الا ان يتشبثوا به حتى اللحظة الاخيرة ..
نعم من حق المسؤول في الدولة ان تكون له حصة في تغطية انشطته وتوضيح المكاسب التي احرزها للبلد ان كان في موقع المتصدر لحل المشكلات وتذليل العقبات ..ولكنه يجب ان يظل جزءا من الدولة وليس معبرا عن كيانه الحزبي او كتلته البرلمانية وان يقفز على توصيفاته المذهبية وصبغته السياسية ...ويجب على الصباح ان تميز بين خطاب المسؤول باعتباره جزءا من سلطة الدولة ولا يمثل شخصه او حزبه وبين خطابه الاخر الذي يخرج به عن كونه موظفا جاء ليخدم الشعب ليصبح قائدا ملهما جديدا...وجين نعود الى هذه التسميات البغيضة لا تصبح شبكة الاعلام الا شبكة لاصطياد الكلمة الصادقة والموقف الصائب ونصب الشراك للوعي المحلي الذي لازال في طور النقاهة ..
لقد اثبتت واقعة احمد عبد الحسين وعمود المشعل الذي سبقها ان اموال الشعب التي تنفق على الشبكة لا تغني الاعلام الحر في البلاد بقدر ما تشتري الاكف التي تصفق لهذا وذاك .. وان التصفيق لا يبني بلدا بل ينشيء سيركا لقرود تتبختر وبلهاء تصفق ..
https://telegram.me/buratha