سعد الكاتب
الزميل احمد عبد الحسين ....احذر ضجيج القوم فانهم لا يبحثون عن قلمك بل عن جنازتك ...نعم وعذرا لهذا التعبير الدموي ولكنا في العراق اعتدنا لغة الدم وصار هديل الحمام نوعا من كماليات زائدة مثلما هو الهدوء الذي تمنيناه طويلا فاصبح معشوقنا المفارق وخلنا المجافي ...فقعقعة الكلمات ونشاز ايقاع السياسة واختباء الارادات وراء جبال الشعارات افقدتنا القدرة على ان نطيل الوقوف عند اطلال الاماني ...وهاهي ترتد اليوم اليك تلك النبال نفسها التي ارتدت الى صدور من سبقك فسلبت الكلمات قدرتها على الاختباء في غيوم لحنها الشارد ..فلكل مقام مقال لديهم ولكل فصل العوبة ولكل جناية تدبير ولكل موبقة تفسير ..تعشق الثقافة انت...وتطرب لدغدغة المعاني ..وترسم مشاكساتك على الورق..وقد تغرقك الرغبة احيانا في ان تصبح موجة مراهقة تتكسر عند اجنحة الشواطي ..لكني انصحك بان لا تختفي مثلما يدعون ...فليس هناك من قاتل لك سواهم .. اولئك الذين اقاموا الدنيا واقعدوها من اجل لا شيء حتى تحول مقالك الاقل من عادي الى ايات شيطانية جديدة سيصدرون هم انفسهم الفتاوى التي يهدرون بها دمك ..اكتب لهم ان يتوقفوا عن الضجيج وان لا يتستروا بسوءات الاخرين ..فالشجاع لا يختبأ والقلم المبدع لا يخاف ...واذا كنت لا تجد بطانية واحدة تختبأ تحتها ...فاين ذهبت بطانية العام الماضي ؟بل اين ذهبت ال800 الف بطانية التي وزعت عليك وعلى غيرك لتجد نفسك وحيدا فريدا في صحراء قاحلة من الخوف ...الست كاتبا لايشق لقلمه غبار ؟ فاعلم اذن انك بين خيارين لا ثالث لهما اما ان تصبح جرذا مثلهم او ان تواجه ...تستمر ...تصحح ...تعتذر ..تساوم ..ترتد ....تراجع نفسك ثم تندم..اليست هذه كلها خيارات الرجال حين تضعهم الاقدار او التفاهات او حتى الحماقات او السكر في مواقف صعبة ...الاخرون الذين يطبلون ويزمرون ويصمون اذان الدنيا ضجيجا هل تعرف عن اي شيء يبحثون من وراء كل هذا ؟لا الومك على شيء .. ولكني اهديك شيئا من النصيحة ..فكلنا مثلك ...نكتب ....نغامر ..نتهور ...ولكنا في النهاية نمشي في الاسواق وناكل الطعام مثل انبياء من ورق ...قد تسقطنا رصاصة طائشة في اي لحظة ..لنصبح جزءا من الامس ...هل قرات...او لعلك قرأت هذا السيل الضاري من الهمهمات والكركرات والتأتأت التي تتسلق مركبك مثل طحالب مجنونة تجنح بالسفن بعيدا عن حكايات البحارة ..لا تعتقد ان كل مايلقى من حولك هو ازهار ياسمين بيضاء من كل سوء ... بل ان اكثرهم لو مدوا ايديهم في جيوبهم لارتدت بكل سوء سوداء يعلوها الدرن وتفوج منها رائحة الدولارات ..فكل شيء دفع ثمنه ايها الصديق ...ربما حتى جنازتك التي يتلمضون ليشموا رائحتها ..المطبلون لاختفاء احمد والمحذرون من رصاصات ستنتزع احمد من حقول الكلمة ..والمنادون بحماية قلمك وكل الاقلام في العراق هم انفسهم الذين قد ينتظرون موتك حتى لو كان ذلك بالجلطة ..لتكون شهيدا يرفعونك على الرماح مثل مصاحف ال ابي سفيان ..لهذا اكتب اليك وانا لااعرف منك سوى كلماتك التي لا انكر اني قراتها كثيرا ..ولهذا اخشى عليك منهم كثيرا مثلما اخشى على كل شيء في بلادي .. الطيور والازهار وفوهات الاقلام وشظايا الكسل المتطاير من اعين العشاق ..انهم يسرقون كل شيء ...فلا تمنحهم تلك الفرصة الذهبية ليسرقوك من الحياة ليكون هنالك ثمة شهيد ....فهم مساكين ..لم يخلفوا شهداء في قوافلهم الطويلة المعبئة بالمؤامرات والتي تنز تحت حوافرها الذكريات دما ..فلاتكن كبش الفداء في العوبة البحث عن ضحية يسوقونها لترضى عنهم الهة البعث واصنامها المختفية في جحور الجوار ..
https://telegram.me/buratha