يوم بعد يوم تظهر ملامح جديدة من المشروع البعثي للتغلغل في اجهزة الحكم ، ولوحظ منذ سقوط النظام الصدامي ان المئات من الصحفيين البعثيين غيروا جلودهم ولبسوا جلود التغيير في عراق جديد ، وتزلفوا للاحزاب المشاركة في العملية السياسية ودخلوا في صحافتها وقنواتها واذاعاتها ، وقسم غير قليل من البعثيين تزلفوا للامريكيين وباعوا لهم ولاءهم ، فيما كانوا يصفونهم في صحف النظام البعثي البائد بـ " الامبرياليين ".!!
والان وبعد تسرب انباء الاتصالات بين الامريكيين والبعثيين ، الذي وصفته تقارير غربية بان " قمة جبل الثلج " الطافي فوق ماء البحر ، من حقيقة الاتصالات القائمة فعلا بين البعثيين والاميركيين بوساطة سعودية واردنية ومشاركة بريطانية، نشط البعثيون في انتهاج اسلوب " التوحد " مع طموحات بعض الاحزاب المشاركة في الحكم ، وذلك في الاصطفاف الى جانب " تحزبهم " ورفضهم للاخرين ، ومن هنا بدأ سلسلة من التقارير والاقلام تتحرك بايعاز من الخارج والداخل لشن هجمة اعلامية على احزاب وطنية وعلى رموز وطنية .
وجاء قرار تعيين عبد الكريم السوداني رئيسا لشبكة الاعلام العراقية الذي يملك علاقات واسعة مع البعثيين ومع الصحفيين الذين صفقوا لصدام امثال سعد البزاز ، ليعطي فرصة تاريخية للبعثيين من التمكن والسيطرة على وسيلة علامية خطيرة وهي قناة العراقية وبقية القنوات التابعة لشبكة الاعلام العراقي ، فحولها السوداني الى قنوات اعلامية لاوجود للدين والحياء فيها ، حتى ان مراسلة العراقية في كركوك تظهر في الشاشة دون خجل وحياء صباح الثلاثاء في حديث لها مع طبيب تجميل بشكل بدا الصدر مكشوفا الى حد يكاد يظهر مابين نهديها، وكانها تريد ان تعطي للعالم صورة المراة العراقية !! وحاشا للمراة العراقية ان تظهر بهذا الشكل المفضوح ، وكل هذه "العلمنة " للقناة ، يقابله تجاهل التفجيرات التي تحصد ارواح المئات من الشيعة الشبك والتركمان والعرب كل اسبوع بل كل يوم وحرص على تقليل عدد الضحايا ، كل هذه الممارسات لهذه القناة التي تسمى بالعراقية زورا وبهتانا ويجب ان تسمى " العلمانية " سكت عنها حزب الدعوة ونسي شيئا اسمه الدين والواجب الشرعي والحلال والحرام ، وقبل الحزب ، ان يمارس سياسة علمانية مائة بالمائة وباشراف مباشر ويومي من ياسين مجيد مستشار المالكي .
نعم كل ذلك الثمن تعطيه حكومة المالكي وتتنازل من اداء واجبها في اخطر جهاز اعلامي حكومي موجه للشعب ، مقابل تعيين اشخاص مطيعين منفذين يحولون العراقية وصحيفة الصباح والاذاعات والقنوات الاخرى التابعة للشبكة الى منابر للدعوة ورموزها وتسوق للحكومة وكانها "حكومة المعصومين" من الزلل والخطأ .
وفي هذا الوقت ، تؤكد مصادر نيابية في بغداد " ان البعثيين بدأوا يستغلون الخلافات بين اطراف سياسية ، وخاصة الخلافات التي تعصف بين المجلس الاعلى وحزب الدعوة ، اثر تنامي الشعور بالقوة والعظمة عند قيادات حزب الدعوة بعد انتصار قائمة رئيس الوزراء نوري المالكي المعروفة باسم " ائتلاف دولة القانون " بعد الانتخابات التشريعية، حتى اخذ الغرور و الكبرياء ، ماخذا كبيرا من اعضاء حزب الدعوة الى حد دفعا بالنائب والمستشار سامي العسكري الى دعوة المجلس الاعلى الى الاعتراف بانه هزم في الانتخابات امام حزب الدعوة !!
وجاءت مسارات التصعيد الاعلامي ضد نائب رئيس الجمهورية عادل عبد المهدي وضد المجلس الاعلى في وسائل اعلامية سيطر عليها حزب الدعوة ، مثل جريدة الصباح وقناة العراقية ، لتؤكد دون اية مواربة ،ان هناك مشروعا، اعده الحزب لاستغلال امكانات الدولة وتسخيرها لاهداف حزبية واستخدامها كوسائل اعلام حزبية بحتة ضد القوى المنافسة .
ومن هنا سارع المستشار الاعلامي لرئيس الوزراء المالكي مجيد ياسين الذي يدير لعبة الاعلام على الطريقة الحزبية المتزمتة ،متخليا عما علمته اذاعة البي بي سي البريطانية التي كان يعمل لها مراسلا اذاعيا في طهران بان يتظاهر بالحياد اثناء قيامه بعمله الاعلامي، وقام بحث احد كتاب جريدة الصباح وهو احمد عبدالحسين ، لاستغلال حادثة السطو على مصرف الرافدين في الزوية لتدبيج مقالة ضد المجلس الاعلى وضد نائب رئيس الجمهورية عادل عبد المهدي ، ولم يكتف بذلك مستشار المالكي بل امر رئيس تحرير جريدة الصباح الى نشر المقالة ، لانها توجه السهام الى غريم حزب الدعوة ، وهو المجلس الاعلى .
ولم يكتف ياسين مجيد بهذا الحد من مواجهة المجلس الاعلى ، وانما طلب من فلاح المشعل ، كتابة مقالة يندد بها بالنائب الشيخ جلال الصغير ، بل واقترح عليه ان يوسع افاق هجومه الاعلامي ، واعطاه جرعة كبيرة من الجرأة لفلاح المشعل الخائف من التمدد في اختيار الجهات التي يخاطبها خوفا من تاريخه البعثي والمخابراتي ، ودعا ياسين مجيد من فلاح المشعل الى ان يحمل في مقالته ، المرجع الديني اية الله العظمى السيد علي السيستاني ، مسؤولية التصريحات التي اطلقها النائب الصغير ضد جريدة الصباح التي صارت اداة بيد البعثيين والدعوة ، حتى غدت الصباح لاتشذ عن هوية صحف حزب الدعوة .
والجدير بالذكر، ان الصحفيين البعثيين ومنهم فلاح المشعل الذي كان يعمل مع مرافق الدكتاتور صدام عبد حمود في مجلته الفارس العربي ، حيث كان له عمود عن الفنانات والفنانيين ، وجدوا الفرصة مواتية في استغلال الخلافات بين حزب الدعوة والمجلس الاعلى ، واكد صحفي يعمل في جريدة الصباح رفض الكشف عن اسمه ، ان التعليقات التي كان يطلقها فلاح المشعل في مكتبه مع صحفيين بعثيين معروفين كانت تصف حزب الدعوة والمجلس الاعلى بانهما اعداء العراق والفرصة متاحة لاشعال الفتنة بينهما وكان يطلق سبابا لايمكن نشره هنا في هذا الموقع ،بحق قيادات الطرفين. ويضيف هذا الصحفي " ان فلاح المشعل ، كان يعلق امام زواره من البعثيين على كل اتصال ياتيه مباشرة من ياسين مجيد الذي يتصل به عدة مرات في اليوم: " غوبلز على الخط " في اشارة الى وزير الاعلام والدعاية الالماني في الحقبة النازية المشهور بدعاياته للحزب ولهتلر!!
وقال احد الصحفيين قائلا " ان بعض زملائه نصحوه بان لايرد على الشيخ جلال الصغير ، وقالوا له " لاتورط نفسك في صراع الملوك " فرد قائلا " هذه المقالة قرأتها على مجيد ياسين وقال انشرها ،وخلي القضية تتحول بين المرجعية والشيخ الصغير ، وليس بين الصباح والشيخ الصغير "!!
ومن هنا يرى مراقبون للشان العراقي ،ان التطورات السياسية والاعلامية في علاقة المجلس الاعلى مع حزب الدعوة ، تسير نحومنحدر خطير ، خاصة وان حزب الدعوة قرر الدخول بحرب مكشوفة ضد المجلس الاعلى والاستفادة من الاقلام الصحفية البعثية في هذه المواجهة ، بينما يرى الصحفيون البعثيون ،بان مشاركتهم في هذا الهجوم الاعلامي ضد المجلس الاعلى ورموزه ، هو افضل فرصة لتوجيه ضربة اعلامية للمجلس الاعلى ورموزه في ظل دعم ومساندة من مكتب رئيس الوزراء ومن مستشاره
ياسين مجبد .
وهكذا يجد الصحفيون البعثيون امامهم الفرصة متاحة لتنفيذ مشروعهم الاعلامي في تصعيد الحرب الاعلامية بين الاطراف السياسية المشاركة في العملية السياسية ، للايقاع بين حزب الدعوة والمجلس الاعلى وشن اقسى الهجمات على المجلس الذي يرونه، عدوا لدودا للبعث والبعثيين ، وتزامن هذا الهجوم مع بدء عودة الروح للبعثيين وحصولهم على اعتراف اميركي ودعم سعودي للعودة الى العراق من خلال ضمانة اميركية ودور أميركي ضاغط على رئيس الوزراء نوري المالكي الذي بدا انه غير مستعد لرفض الضغوط الاميركية وخاصة وان احتجاجه على اتصال الاميركيين مع البعثيين ، لاقت رفضا اثناء زيارته لواشنطن ورد عليه الرئيس اوباما بايجاز وبقوة " سنضع شروطا على البعثيين بعد عودتهم ".!
المصدر : شبكة الاخبار العالمية
https://telegram.me/buratha