كمال طلعت
ماذا تعني هذه الكلمة الصغيرة الكبيرة؟ هل فكّر الكتاب على اختلاف أشكالهم ومشاربهم! ومواقفهم المتنوعة القديمة والحديثة... هل فكروا ولو لساعة أو ساعة يكتبون ما هي الحرية وكيف هي الحرية؟ أم أن الإطلاق والتعميم أصبح طابع سيء في الكتابة وتناول المواضيع السياسية وغيرها.. ألم تكن الحرية بكل بساطة مسألة نسبية وليست مطلقة عند الذين يفهمونها بعد دراسة طويلة عريضة صادقة, وخاصة عند محترفي الكتابة والنقد ومعالجة الأمور وتناول المواضيع. المعروف عن الحرية أنها نسبية تختلف من بلد إلى آخر, ومن مجتمع إلى مجتمع آخر أيضا, وقد تكون نسبتها في مدينة ما تختلف عن مدينة أخرى في العراق على الأقل..
أي مدى للحرية وأي أفق أو مظهر من مظاهرها هنا وهناك وكيف تميز من حالة إلى أخرى.. وما معنى الحرية قبل كل شيء؟؟ هل هي الانطلاق بلا حدود أو سدود للتصرف والتكلم والنقد؟ هل هي بلا حدود في الملبس والمأكل!! والمظهر والتصرف في الأجواء العامة.. أو المناخيات المختلفة؟ ليس لمثل هذه الحريات وجود في العالم كله, غربه وشرقه, وقد توجد مثل هذه الحرية في مجتمعات غابات الأمازون أو مثيلاتها في مجاهل أفريقيا!!؟متى يمكننا أن نستخدم الحرية أو نطالب بها وبالنسبة التي تلاءم مجتمع ما أو بلد ما بعد دراسة واطلاع على ظروفه التي يمر بها.. قد تكون ممارسة الحرية في ظرف معين سبب من أسباب الفتنة والاقتتال وتستخدم كسلاح لخوض معارك مخطط لها باسم الحرية.
الحرية كلمة أو اصطلاح نسبي وليس مطلق.. يا سادة, فلا تسيئوا استعمالها أو استغلالها لأغراض غير شريفة فلها حدود يجب التوقف عندها.. اعطوني بلداً فيه حرية مطلقة.. يتصرف فيها الإنسان كيفما يشاء ومتى ما يشاء وأين ما يشاء.. عندها سوف يصطدم بالأعراف والقوانين والعادات فتحد من تصرفه قبل أن تكتشف أنه مجنون!!؟فالحرية في بلدنا تختلف عن الحرية في البلدان المجاورة لنا, بل تختلف اختلافاً بينا في بلدان أخرى سبقتنا إلى ممارسة الحرية - والديمقراطية - منذ عهد بعيد ومع ذلك فأن للحرية عندهم حدود وقيود بالرغم من أنها حرية!!؟هل مدى وسقف وحدود الحرية في فرنسا مثل الحرية في المملكة العربية السعودية!!؟ مقارنة غير عادلة كما يبدو ولكن تلك هي الحقيقة.. وهل الحرية في فنزويلا مثلا مثل الحرية في الأردن! أم الحرية في مدينة النجف الأشرف مثل أجواء الحرية في بغداد؟ أو مدينة الكاظمية مثل السليمانية؟ وهل الحرية في السويد تقاس مثل الحرية في سوريا؟ وهكذا.. فهناك قوانين وأعراف مختلفة كانت نتيجة مخاضات عديدة وعسيرة حتى توصل أصحاب الحرية الواسعة الواعية الهادئة الهادفة, عكس ما نفهمه نحن عن الحرية في "كتابات" أو البعض من كتابها أو دفاع صاحب موقع كتابات عن الكاتب الذي أثار تلك الضجة بل الفتنة باسم الحرية أو حرية الصحافة والكتابة التي ليس لها حدود وليس لها بنود وإنما حرية الحيوانات المنطلقة في الغابات والصحراوات!!؟ والتي يراد منها تطبيق مبدأ أو مفهوم "خالف تعرَف" .. خالف الأصول.. خالف الأخلاق.. خالف العرف.. خالف المبادئ.. خالف الظرف وما يمليه علينا من ضوابط يجب الالتزام بها للمساهمة في الخلاص مما نحن فيه من مشاكل يصنعها "طلاب الحرية" المنفلتة والذين لا يعرفون عنها إلا شكل الكلمة "الحرية" وبس .. ويكتب باسمها عندما يكون "منفلت" بعد تناوله كأس أو كأسين من أشكال الخمور ثم يبعث بها إلى الطبع وينام على نومة واحدة على الظهر وحتى الظهر!!؟
يتخذ البعض من صغار الكتاب وحتى بعض كبارهم!! من الحرية أو حرية الصحافة درعا أو جداراً يحتمون به في تخرصاتهم وتجاوزاتهم وأكاذيبهم حتى تصل إلى المواطن البسيط ليقرأها أو يسمع بها ومن ثم يدور في دوامة الكذب والدعايات والمبالغات في الوصف والتحليل والتفسير دون أن يمتلك هذا الكاتب أو ذاك "الصحفي"! من الأدلة والبراهين ما يثبت قوله أو نقله أو حتى تصوره أو اعتقاده مما تكون مثل هذه التصرفات الصبيانية سبباً في خلق البلبلة والتشويش في وسط وضعنا السياسي الحالي الذي يمر في مخاضات نأمل أن تسفر عن تصاف وتوافق بعيدا عن الطائفية والعنصرية والقومية والتكتلات الكثيرة التي لا تنفع مسيرة الشعب ولا تخدم مستقبل الوطن.. وعلى مَنْ يدعي الإخلاص للوطن والشعب أن يتناول تلك المشاكل باسلوب واضح وهادف ومخلص دون تهجم أو سخرية.. بعيداً عن بيع أقلامهم إلى مَنْ يدفع أكثر والاستلام في عواصم دول الجوار العزيز!! التي ما فتئت تمد القوى المعادية المهزومة بالدعم المختلف الجوانب وتوفر لهم الحضن!! الدافئ شتاءً والبارد صيفاً.
نعود ونقول لا تجعلوا من الحرية التي بين أيديكم كحرية الدواب والحيوانات التي تجوب الغابات والصحارى دون رقيب أو حسيب ولا تجعلوا من أرضنا الطاهرة وبلدنا العزيز مقذفاً لنفاياتكم بل انثروا بذور الخير لتحصد أجيالنا ثمرات هذا الجهد الخير.. وفرقوا بين النقد البناء الهادف الهادئ وبين النقد التخريبي الصاخب الذي يدفعكم إليه ويشجعكم فيه أمثال موقع "كتابات" ومَنْ يقف خلفها من حثالة البعث المهزوم.
https://telegram.me/buratha