علي سعيد العراقي
نقلت بعض الاوساط الاعلامية والسياسية قبل عدة اسابيع تصريحا خاصا للملك السعودي عبد الله بن عبد العزيز ادلى به خلف الكواليس، مفاده (اننا اذا كنا قد انفقنا مليار دولار في الانتخابات البرلمانية الاخيرة في لبنان لتغيير المعادلات السياسية هناك، فأننا على استعداد لانفاق مائة مليار دولار في العراق لفعل نفس الشيء).
وحتى الان فأن المملكة العربية السعودية تصر على عدم خفض او حذف الديون التي لها بذمة العراق مثلما فعلت الكثير من الدول الاجنبية، علما ان تعرف وتدرك خلفيات تلك الديون، التي تعود الى ايام الحرب العراقية الايرانية، فهي ودول خليجية وعربية كانت تضخ الاموال الطائلة لنظام صدام من اجل الاستمرار بحربه العدوانية ضد ايران وكانت السعودية ومعها دولا عربية تخاطب صدام بالقول (منا المال ومنكم الرجال). وحتى الان تصر المملكة العربية السعودية على عدم اعادة فتح سفارتها في بغداد ليس بسبب الاوضاع الامنية كما تدعي، ولكن لان الواقع السياسي الراهن في العراق لاينسجم مع مصالحها واجنداتها الطائفية.
وقبل وقت قريب طلع علينا تقرير اميركي يتحدث عن كيفية دعم المؤسسة السعودية الحاكمة لتنظيم القاعدة الارهابي، وكيف انها الصقت جريمة تفجير مجمع الخبر في السعودية قبل عشرة اعوام بمواطنين شيعة، مع علمها الاكيد بأن تنظيم القاعدة بزعامة اسامة بن لادن هو وراء تلك الجريمة.ومعروف لدى الجميع ان السعودية رفضت رفضا باتا وقاطعا التعامل مع الحكومة العراقية، وبالتحديد مع رئيس الوزراء نوري المالكي لان تلك الحكومة بحسب رؤيتها حكومة طائفية، وهي -أي السعودية-ترفض الطائفية!!.وعلى صعيد التمويل المالي للارهاب الذي اجتاح العراق بعد سقوط نظام المجرم صدام، وتجنيد الانتحاريين وارسالهم الى العراق ليفجروا انفسهم وسط حشود الناس الابرياء، فأن الارقام والشواهد والادلة كثيرة على ضلوع السعودية اكثر من غيرها بهذا الامر، والفتاوى التكفيرية لعلماء الدين السعوديين، واخرها فتوى المدعو عادل الكلباني امام الحرم المكي الشريف، تمثل ادلة دامغة لايرتقيها الشك.
وعلى مواقع الكترونية عديدة وفي صحف ومجلات ، ومن على شاشات قنوات فضائية من بينها قناة العربية الممولة سعوديا نجد اعترافات بضلوع وتورط مواطنين سعوديين بالارهاب في العراق.وازاء ذلك كله، وغيره الكثير، فأنه يجب الا يستغرب المرء حينما توجه اصابع الاتهام واضحة الى السعودية من قبل أي عراقي سواء كان مسؤولا حكوميا او مواطنا عاديا، وسواء كان في كتلة الائتلاف العراقي الموحد او من اية كتلة سياسية اخرى، والتحذير من خطورة الدور السعودي قد يكون مطلوبا وضروريا في هذه المرحلة بالذات، مع العلم ان الائتلاف العراقي الموحد بذل جهودا ومساع حثيثة طيلة الاعوام الماضية لفتح صفحة جديدة من العلاقات مع السعودية، وتجنب فتح كثير من الملفات المعقدة والشائكة، واظهر قدرا كبيرا من حسن النوايا، لكن الجانب الاخر كان يقابل كل ذلك بردود فعل لاتنم عن رغبة في اقامة علاقات جيدة، والقبول بالواقع العراقي الجديد الذي اختاره الشعب العراقي، وهذا ما زاد الامور تعقيدا، وقلل فرص وامكانيات معالجة المشاكل والازمات.ومباديء عدم التدخل في الشأن العراقي، واقامة افضل العلاقات على اساس الاحترام المتبادل ووفق المصالح المشتركة التي رفعها وتبناها الائتلاف العراقي الموحد، لم ، تكن انتقائية بحيث تعني طرفا اقليميا مثل السعودية وتستثني طرفا اخر مثل ايران، فالمعايير والاعتبارات كانت ومازالت وستبقى واحدة.
علي سعيد العراقيكاتب وصحفي عراقي
https://telegram.me/buratha