حميد الشاكر
عندما تتفشى ظاهرة الفساد ونهب المال العام في العراق ، ويتحول هذا البلد الى سوق للنخاسة السياسية لبيع الضمائر لدول الجوار والى من يدفع اكثر ، وعندما يرتع الارهاب وتنتعش الجريمة المنظمة ، وتخرّب المرافئ العامة ، وتهمل المدن بلا تنظيف ورعاية وبلديات ، وتدمر الجسور والطرق تحت سمع المواطن العراقي وبصره بدون ان يرتجف قلبه على تهديم وطنه ، ......الخ عندما يحصل هذا كله في بلد كالعراق فهل يعني ذالك وبصريح العبارة والاشارة هو بحاجة الى علمانية سياسية لتخرجه من ظلمات التخلف الى نور المدنية والنظافة ؟.أم انه بلد بحاجة الى ضمير في السياسة واخلاق في تعامل المجتمع لينتقل من ذلّ التخلف الى باحة البناء والتقدم ؟.هل العلمانية كما يرّوج لها البعض السياسي هي بالفعل الدواء الشافي لكل سلبيات العراق الدكتاتورية والسلوكية والاخلاقية والداخلية والروحية والفكرية ؟.أم ان العلمانية اليوم ولعراق هذه صورته هي بترول حارق سوف تدمر مابقي من الانسان العراقي وداخل ضميره واخلاقه ؟.بمعنى آخر : هل العلمانية تستطيع انتاج الضمير الحي داخل المواطن ، والاخلاق الخدمية العالية داخل السياسي ، والامانة المشرفة داخل رجل البرلمان والدولة ؟.أم انها وبالعكس تقدس السياسة على انها فن الغاية تبرر الوسيلة ، وذكاء حياكة المؤامرة لبيع الوطن لاول من يدفع ، وكيفية الوصول الى السلطة لقمع الاخر وابادته ؟.في بلد كالعراق جاءت او استجلبت لنا العلمانية وبكافة اشكالها بدءاً من الغربية الراسمالية في العصر الملكي الحديث ابان قيام الدولة العراقية في القرن المنصرم ، وحتى العلمانية الاشتراكية على يد الشيوعيين العراقيين ومن ثم القوميين وبعدهم البعثيين لنرى ونتعلم العلمانية السياسية على اصولها في الدولة العراقية ، وماهي الا دورة واحدة حتى حملت العلمانية السياسية معول الهدم للاخلاق ومن ثم للانسان العراقي لتنتهي لتسليم السلطة الى اعتى نظام علماني بعثي صدامي شهدته القرون الاخيرة وهو ينهي مراحله الاخيرة في تهديم اخر حجر في العراق قبل زواله بعد ان اباد العباد والبلاد في حروبه وفي تصفياته السياسية وفي احقادة العنصرية والطائفية على الشعب العراقي ، وحتى بعد ذهابه تحولت وبقدرة قادر جميع كوادرعلمانيي الاشتراكية البعثية والتي هي الوليد الشرعي للعلمانية الشيوعية العراقية الى تكتلات وكوادر وتجمعات للارهاب العالمي الذي فتك فتكا لامثيل له في الشعب العراقي انتقاما منه وحقدا عليه وعلى نبذه من قبل هذا الشعب المغلوب على امره !!!.نعم بعد ذالك ارتأى الشعب العراقي ان يغير بوصلة انتمائه بعد رحلته مع العلمانية السياسية التي قضت على كل شيئ من حياته ليلتفت ويعود للجذور وللاصول وللاخلاق وللضمير وللداخل ليبدأ رحلة جديدة تحاول ترميم ماتهدم من حياته المعنوية والاخلاقية والروحية والفكرية ....، ولكن وقبل ان يبدأ طريقه هذا تصدّت لهذا الانسان العراقي خفافيش الظلام العلمانية القديمة من جديد لتحيك شباكها وتبني كل مصائدها لتفترس من جديد هذا الانسان المسكين ، وايضا تحت يافطة التقدمية والوطنية والحرية والمرأة والثقافة ..... عادت خفافيش العلمانية الدكتاتورية القديمة سيمفونيتها الموسيقية المعهودة في السابق لتعود من جديد للحياة لتدمّر ماتبقى من حياة هذا الانسان العراقي المسكين !.شيوعيون عراقيون مضاف لهم بعثيون سابقون ، وانتهازيون سياسيون لا الى هؤلاء ولا الى هؤلاء .... هي الكوادر الجديدة الداعية لعودة العلمانية للحياة العراقية الجديدة ، كما انها هي هي الكوادر القديمة التي خدعت الانسان العراقي لتعده بالوحدة والحرية والاشتراكية ليصحوا الشعب العراقي بعد اكثر من تسعين سنة من قيام الدولة العراقية الحديثة على التفرقة والطائفية والدكتاتورية والابادة الجماعية للشعب ، ولتقسيم المجتمع الى اسياد من قرية واحدة وباقي الشعب العراقي كله عبيد وارقاء وموالي لهؤلاء الاسياد العوجاويون !!.ان الانسان العراقي حقيقةً وبعد هذه الرحلة الشاقة مع نفاق ودجل علمانيي العراق القدماء والجدد بحاجة الى رؤية وفكرة وايدلوجيا تحيي له مامات من اخلاقه العربية والاسلامية الراقية ، كما انه بامس الحاجة لاطار ثقافي يعيد لهذا الانسان معنى الضمير الحي والداخل الهادئ والنظيف ، والتشبث بصدق الكلمة ومراقبة الله سبحانه وتعالى والخوف منه ومن عقابه والتطلع الى حسن ثوابه الاخروي بعد ان يتمرس بالعمل الصالح والاحسان للاخر وحب الوطن والخوف عليه والامتناع عن رؤية المال العام على اساس انه غنيمة عشائرية او حصة حزبية لهذه الفئة او تلك من فئات الشعب العراقي المتعددة الاطياف والالوان !.إن الانسان العراقي بحاجة الى تغيير داخلي لاتستطيعه العلمانية ولاغيرها من افكار تطرح اليوم باسم المخلصّ بينما هي كانت بالامس القريب اهم من هدم هذا التغيير من الداخل ليصحّر حياة الانسان العراقي وروحه من جمال الخضرة المعنوية المراقبة لله سبحانه في خلقه لتمنع البشر من اعتداء بعضهم على بعض في هذا الوطن وهذه الحياة !.إن الانسان العراقي اليوم مصاب بمرض اخلاقي ومعنوي وداخلي خطير وخطير جدا هو الذي انبت الفساد وانبت اللامبالاة وانبت موت الضمير وانبت القسوة وانبت الارهاب وانبت الجريمة وانبت الاعتداء وانبت ارتفاع الرحمة من قلوب الناس ورؤيتهم للاخر العراقي ؟!!.إن الانسان العراقي بحاجة الى نهر وماء نظيف يتطهر به من الماضي الثقيل ليعيد صياغة حياته من جديد ويسدل الستار على تاريخ يدمّر بهذا الانسان يوما بعد يوم كلما اعاد شريط ذاكرته عليه في هذه الحياة !!.إن هذا الانسان بحاجة الى ولادة تخلقه من جديد لتلد طفلا عراقيا نقي الصفحة ابيض المشاعر والقلب والنيات !!.ولايوجد حسب علمي البسيط من لديه القدرة على بناء حياة انسانية بهذه المواصفات غير العودة للاسلام والتمسك باخلاقه الحقيقية واتباع مناهج تربيته النقيه وانتخاب وجوده في حياتنا والى الابد كمقياس وميزان من خلاله ندرك الصالح من البشر العراقي من الطالح ليتم عزله وتتشخص حاله الردية ومرضه المزمن الذي ليس له دواء شافي اخر !!.ياترى هل العلمانية قادرة ايضا على خلق كل هذه المعاني للانسان العراقي اليوم في حال عودتها للحياة ؟.أم انها ستكون رصاصة الرحمة التي ستطلق على دماغ وجمجمة الانسان والكيان والوطن العراقي ليفارق رمق الحياة الاخيرة التي لم تزل تضخ الحياة لهذه الجثة العراقية ؟.
https://telegram.me/buratha