خضير حسين السعداوي
البيروسترويكا الايرانية اغلب المنظرين في العالم كان يعتقد أن الثورة البلشفية في روسيا هي الثورة الأخيرة في العالم تواجه فيها الجماهير سلطة القيصر المدججة بالسلاح وهذا الاعتقاد قائم على أسباب منطقية فمنذ العام 1917 العام الذي حدثت فيه الثورة الروسية إلى العام الذي حدثت فيه الثورة الشعبية الإسلامية في إيران التي نفضت الغبار عن الفكر الإسلامي المستكين للسلطان الجائر ليطبق ميدانيا في ساحات وشوارع طهران والمدن الايرانية فكرا إسلاميا ثوريا مستمدا من الثورات الإسلامية التي وقفت بوجه الطغاة .
في إيران الذي حدث ثورة شعبية تواجه قوة مسلحة أعدت خصيصا للوقوف بوجه حلف وارشو ومما يلفت الانتباه أيضا أن هذه الثورة هي ثورة إسلامية متمثلة بقياداتها وعلى رأسها الإمام الخميني رحمه الله صحيح أن اغلب الفصائل الوطنية اشتركت في الثورة ولكن الغالبية العظمى لها الاتجاه الإسلامي وكانت الوسائل التي استخدمت هي وسائل اغلبها تظاهرات سلمية إلا أنها مليونية أربكت نظام الشاه إضافة إلى أسلوب الهتافات من أعالي السطوح وبث الأشرطة لخطب الإمام الخميني الداعية إلى الثورة كذلك التنظيم الدقيق والسيطرة على المظاهرات وتوجيهها من قبل اللجان الشعبية كذلك تأتي أهميتها كونها حدثت في الوقت الذي تشتد فيه الحرب الباردة بين العملاقين المعسكر الاشتراكي متمثل بحلف وارشو والمعسكر الغربي متمثل بحلف الأطلسي .. بعد نجاح الثورة استطاعت إن توجد نظاما سياسيا واقتصاديا متينا قفز بإيران قفزات كبيرة في التقدم على الرغم من وقوف جميع القوى التي كان يرعبها شاه إيران كشرطي للخليج هذه القوى وقفت موقفا معاديا للثورة وخاصة الأنظمة الرجعية في المنطقة والتي وجدت ضالتها في النظام ألبعثي في العراق للوقوف بوجه هذه الثورة وتحجيمها ومحاولة إجهاضها بكل السبل ومن المؤسف حقا وقوف القوى التقدمية العالمية والتي تدعي مقاومتها للامبريالية والهيمنة الأمريكية موقفا محايدا إذا لم يكن منحازا إلى جانب النظام ألبعثي في العراق حيث استمر توريد السلاح من مناشىء تدعي معاداتها للامبريالية والصهيونية ووقوفها إلى جانب حركات التحرر في العالم.
واستمر نزيف الحرب لثمان سنوات وبدفع من القوى الكبرى حيث استنزفت طاقات الشعبين العراقي والإيراني عطلت مشاريع الثورة في البناء والأعمار والانفتاح نحو العالم وانشغلت الثورة في جراحاتها ولكن الحرب أيضا أفرزت العناصر التي اندست مع القوى الثورية خلال أحداث الثورة ونلاحظ أن هنالك فصائل كانت تحسب على الثورة وإذا هي تقف إلى جانب صدام في الحرب ضد بلادها ، أن قوة ومتانة البناء السياسي الذي أوجدته الثورة ليس بالهين أن ينهار كما يحاول الإعلام تصويره فلقد واجهت إيران ماهو اشد شراسة وقسوة خلال فترة الحرب مع العراق عندما تم تفجير قادة الحكومة ولكن شيا لم يحدث أن تعرض النظام إلى الانهيار، ما يجري حاليا في إيران حدثا اخذ أهميته كون أن إيران تمارس الديمقراطية في محيط يراقبها عن قرب وأفرزت نتيجة متوقعه لفوز احمدي نجاد الشخصية البسيطة والذي لم تغييره السلطة ولا ظهرت عليه علامات الاختلاس أو الفساد الإداري إضافة إلى وقوفه بوجه الغطرسة الأمريكية كذلك الوقفة المشهودة إلى جانب القضية الفلسطينية بعد أن تخلى عنها العرب الذين ابرمونا بخطاباتهم الرنانة حول قضية فلسطين والحق العربي المغتصب واستسلموا لإسرائيل والتي إلى الوقت القريب كان كثير من اليساريين في الوطن العربي والعالم يقف ضدها واليوم انبرت أقلامهم تحلل وتنظر وترفع عقيرتها تغني للديمقراطية وانتهاك حقوق الإنسان في إيران بالأمس كانت الدبابات الصينية تسحق الطلبة في الساحة الحمراء ومحيط عربي يحكم الشعوب بالنار والحديد وتسحق فيه إرادة الشعوب وسط صمت إعلامي عالمي رهيب كما كان في زمن النظام السابق في العراق، إن موقف الحكومة الإيرانية من الاضطرابات الأخيرة التي أعقبت الانتخابات موقف ينم عن حنكه سياسية تسجل لصالح القيادة الإيرانية عندما تصدت لبيروسترويكا في إيران يقودها ما يطلق عليهم الاصطلاحيون نتيجتها معروفة كما كان غربا تشوف في الاتحاد السوفيتي السابق أن تمزق إيران إلى أقاليم ودول تدخل تحت العباءة الأمريكية ويكون تحقيقا للحلم الأمريكي في العودة إلى إيران ، إن القيادة الإيرانية الحالية تعي المخاطر الجمة التي تواجه إيران ولا يزال شبح مصدق ما ثلا أمامها عندما هيأت الظروف في الداخل والخارج لإفشاله خاصة أن الأحداث الأخيرة كشفت أن العدة معدة مسبقا في دعم من يناهض النظام ماديا وإعلاميا والنفخ الإعلامي في أحداث قد وقعت وتقع عبر العالم مثلها إذا لم تكن أكثر دموية منها ولا يستبعد أن الضحايا الذين وقعوا في شوارع طهران قتلوا عمدا من قبل العناصر المعادية للنظام لتأجيج الوضع وتازيمه .......
ما يستغرب في الأحداث الأخيرة في إيران التهيؤ الإعلامي المعادي للنظام الحالي وللتجربة الإسلامية في الحكموالأكثر غرابة موقف من كان يلعن أمريكا ويحذر من انفرادها بالعالم ويعلن الحرب على الامبريالية ويحسب على اليسار موقف معاد للتجربة في إيران رغم وضوح مواقفها المعادية للامبريالية منذ انبثاق الثورة إلى الوقت الحاضر ما عدا رئيس فنزويلا الذي اعتقد انه قرأ الأحداث بشكل مغاير لما يقراه اليساريون في البلاد العربية واستشعر بما يخطط للشعوب التي عجزت أمريكا عن ثنيها عن مسيرتها التحررية ...... أنا انطلق في تصوري هذا ليس من منطلق إني أقف إلى جانب القيادة الإيرانية في كل ما تتخذه من اجراأت ولكن ليس من المعقول أن يحدث التزوير بهذا الرقم الكبير الذي يصعب تصديقه أولا... وثانيا لو فرضنا جدلا أن التزوير قد وقع هل يبرر للمعترضين أن يلهبوا الشارع ويعرضوا أعظم ثورة في القرن العشرين إلى خطر الضياع وتفتيت إيران إلى دويلات خاصة وان أعداء الثورة متربصين بها من كل حدب وصوب حيث إن كل مرشح يخسر الانتخابات ينزل أنصاره إلى الشارع يعكر صفو الأمن لا اعتقد يسمح به في أرقى ديمقراطيات العالم... ثالثا أن هنالك أسلوب للاعتراض متفق عليه من جميع الأطراف التي شاركت في الانتخابات.. ....... ولكن كل هذا التوجه الإعلامي المعادي حقدا على التجربة الإسلامية التي شقت طريقها وسط الأهوال وإلا أين حقوق الإنسان في المحيط الذي يحيط بإيران كلها أنظمة قمعية يتوارثون الحكم أبا عن جد والظاهر أن النظام الوراثي لم يقتصر على الأنظمة الملكية وإنما انتقل إلى الأنظمة الجمهورية وأصبح كل رئيس جمهورية يهيئ ابنة خلفا له .إن الاعتقاد هو فشل أمريكا في إيقاف المشروع النووي الإيراني وعدم قدرتها على مهاجمة إيران عسكريا على الأقل في الوقت الحاضر جعل الأمريكان يراهنون على الشرخ الذي يحدث في القيادة الايرانية وتضخيم هذا الشرخ عبر الضجة الإعلامية وحقوق الإنسان علها تنجح في هذا الجانب
https://telegram.me/buratha