المقالات

السفسطة الأمريكية بين الإرهاب والمقاومة

1474 16:53:00 2009-08-08

علي محمد البهادلي

من نافلة القول أن أُذكِّر بأن الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية تعتمد منظومتها القيمية على أساس مبدأ المنفعة ؛ مما يؤدي ذلك إلى تبدل موضوع القيمة على الأساس نفسه ، فما كان بالأمس القريب قبيحاً ورذيلة من الممكن أن يصبح غداً حسناً ورذيلة ، كل هذا ساهم في انتهاج الإدارات الغربية وبالخصوص الولايات المتحدة سياسة مزدوجة المعايير ، وخلط في المفاهيم والتصورات . قبل أيام تداولت وسائل الإعلام ، قبيل زيارة رئيس الوزراء إلى أمريكا ، نبأ اتصال مسؤولين أمريكيين بما يُسمَّى المجلس السياسي للمقاومة العراقية ، في خرق واضح للاتفاقية الأمنية التي وقعها الجانب الأمريكي مع الحكومة العراقية . فمن هؤلاء الذين تحاورت معهم المسؤولون الأمريكان ؟ أهم مسلحون يقاومون الاحتلال الأمريكي ، لكن أمريكا تسمي من يوجه ضرباته نحو قواتها بالإرهابي ؛ لأن الوجود الأمريكي ـ حسب قول الأمريكان ـ قانوني وشرعي بطلب من الحكومة العراقية المنتخبة ، أو إنهم ـ أي المسلحين ـ يقاومون الشعب العراقي بتفجير الأسواق ودور العبادة والأماكن العامة ، بيد أن مثل هذه الجماعات لا يمكن لأي جهة إلا أن تسمهم بالإرهاب . إذاً كيف يمكن للأمريكان أن يتفاوضوا مع هكذا جهات تعتبر على كل المقاييس إرهابية ؟! ومن الذي خوَّلهم ذلك مع وجود حكومة عراقية قد تسلمت السيادة قبل أقل من شهر ؟ أقول إن أمريكا ليس لها عدو أو صديق دائم ، فالمصلحة والمنفعة التي تعود على أمريكا هو ما يقرر ذلك ، فصديقها هو من لا يتعارض مع خططها وسياساتها في المنطقة والعالم ، وعدوها الإرهابي هو من يقف بوجه مصالحها أو من يحاول أن يحجم التأثير الأمريكي على قراراته ويظهر في موقف الحر المستقل ، فمن تسميه بالإرهابي بعد أيام سيكون راهباً! أي بعد أن يدخل معها في صفقات سياسية .!!فما هو السبب الذي يدعو للتفاوض مع هذه الجهات ؟ إن هناك أكثر من تحليل لهذه الخطوة المشبوهة ، منها تحليل الحكومة العراقية وآخرين مشتركين معها في العملية السياسية ، يقولون إن هناك أجندة إقليمية ، لا سيما الأجندة السعودية منها ، تحاول أن تحدث خللاً في العملية السياسية وتجهضها وتعود بنا إلى المعادلة الظالمة قبل 2003 ، فهذه الجماعات ـ كما تقول الحكومة ـ هي خلايا لحزب البعث المنحل ، وتريد أن تتصدر المشهد السياسي العراقي من جديد ، وتتهم السعودية بإنفاقها ما مجموعه 5 مليارات دولار لإجهاض العملية السياسية . وهناك رؤية أخرى تقول إن الجانب التركي بدأ هو الآخر بتنفيذ أجنداته في الساحة العراقية من خلال الضغط على الحكومة العراقية في ملف المياه ، مياه ( نهري دجلة والفرات ) لإرجاع هذه الجماعات للسلطة ؛ ربما بسبب تعهدات من قبل هذه الجماعات للجانب التركي في ملفات عديدة منها مسألة كركوك وحقوق التركمان وحزب العمال الكردستاني في شمال العراق .لكن غابت عن البعض الأجندة الأمريكية ، فالأمريكان بعد توقيعهم الاتفاقية الأمنية وانسحاب قواتهم العسكرية من المدن إلى القواعد الرئيسة .، بدأو يفكرون بجدية في مسألة قوة الحكومة المركزية العراقية ، فهم لا يريدون حكومة عراقية قوية ؛ لأنها سوف تقف بوجه المصالح الأمريكية إذا ما تعارضت مع المصلحة الوطنية ، وإذا ما أرادت أمريكا أن تستخدم الأراضي العراقية لتصفية ثاراتها مع جيران العراق لا سيما إيران . يتصور الأمريكان أن ما يسمى بالمجلس السياسي للمقاومة العراقية يمكنه أن يقوم بدور فعال في إضعاف الحكومة العراقية إذا ما انخرط في العملية السياسية ؛ الذي من الواجب ، حسب تصورهم ، العمل على إيجاد صفقة ساسية تمهد لإرجاعهم إلى السلطة ، وربما يكون هناك سبب آخر لا يتقاطع أو يتعارض مع السبب الأول ، وهو إحراج المالكي أثناء زيارته لواشنطن ، وأن تلقي هذه الأنباء بظلالها على المباحثات التي سيجريها هناك مع المسؤولين الأمريكيين على أعلى المستويات ؛ كي تصوره على أنه لا يمكن أن يفعل شيئاً تجاه اللاعب الأمريكي ؛ مما يؤدي إلى ضعفه وفقدان مصداقيته ، إذ إنه طمأن الشعب العراقي والأطراف المعارضة للاتفاقية الأمنية بالعمل بقوة وبجدية على استحصال السيادة وعدم التدخل الأمريكي في العمليات العسكرية ، فضلاً عن التدخل في العملية السياسية ، ووعدهم من قبل أن البعثيين غير مشمولين بدعوته التي أطلقها للمعارضين للعملية السياسية . . إذ إن الشعب العراقي المظلوم يتحسس كثيراً من أي محاولة ترمي إلى إرجاع البعثيين إلى السلطة ، وقد تدراك رئيس الوزراء موقفه المتراخي تجاه البعثيين قبيل انتخابات مجالس المحافظات ، وصرح بأنه لم يعنِ بتصريحاته تلك البعثيين القتلة وإنما الجهات التي عارضت العملية السياسية ولم تتلطخ أيديها بدماء العراقيين ، وغيَّرت موقفها وتريد العمل المعارض داخل العراق ؛ فقد كادت ، أي تصريحاته الأولى ، أن تشكل عامل ضعف لقائمته التي نزل بها في تلك الانتخابات ، إذ إن أكثر من جهة سياسية انتقدت موقفه ذلك بغض النظر عن نواياهم وبالتأكيد أن الكثير منهم كان انتقادهم لرئيس الحكومة المالكي كان عن حسن نية ، وحرص على الشعب العراقي ، والمحافظة على حقوق هذا الشعب المسكين التي نال البعض منها جراء التضحيات الجسيمة التي تكبدها ، ربما تصب الخطوة الأمريكية في هذا الاتجاه أي في محاولة لإضعاف قائمة المالكي ؛ كي يضطر إلى التحالف مع أطراف أمريكية التوجه أو في صالحها بقاء قوات الاحتلال الأمريكي ؛ لأن خروجها لا يمكنها من تحقيق أهدافها المتبقية . يجب على الحكومة العراقية أن تقف بقوة تجاه أي خطوة من هذا القبيل ، وعلى القوة الوطنية الأخرى التي هي خارج الحكومة العراقية أن تساند الحكومة في هذا المجال ؛ لأن المسألة لا تعني الحكومة العراقية فحسب ، وإنما الأمر يتعلق بمصير شعب يُراد له أن يُذبًح مرة أخرى .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
سلمان النقاش
2009-12-16
في بداية التسعينات اتفق الباكستانيون والامريكان على الدعم الكامل لحركة طالبان في افغانستان وادعوك للاطلاع على كتاب (طالبان) للكاتب احمد رشيد لتكتشف بنفسك كيف كانت الشركات متعدية الجنسيات تعتمد على الحركات المسلحة في تأمين استثماراتها وتحديد نوع السياسات المطلوبة اقليميا لفتح الطريق امامها دون اعاقات ، وهذا يعني جهدا تعبويا يأخذ في حسابه ادق التفاصيل السلوكية للمجتمعات التي شاءت ارادة الاستثمار ان تكون في طريقها ، البعث يا صديقي لا يشكل مشكلة بالنسبة لحركة الرأسمال العالمي اذا ما ابدا نية صادقة و
الصقر
2009-08-08
تسلم ايدك
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك