حسن الهاشمي
ونحن نرمق الجموع المليونية الزاحفة لزيارة الإمام الحسين عليه السلام بمناسبة ميلاد حفيده الحجة المنتظر عجل الله تعالى فرجه الشريف في الخامس عشر من شعبان من كل عام، ينتابنا الشوق ويشحذ فينا الهمم على التحلي بأخلاقه والتمسك بالقيم التي يخرج لإحيائها من قبيل تثبيت الحق والعدالة في أرجاء المعمورة ودحض الباطل وأهله من دون رجعة، وأنه بحق أمل المحرومين والمستضعفين والمظلومين وعندما يكتوون بظلم الظالمين فإن سلوتهم الوحيدة بالانتقام من الظلمة ورد الاعتبار هو الحجة المنتظر، وكيف لا وهو الذي ادخره الله تعالى ليملأ الأرض به قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا، ووعد الله تعالى به المؤمنين بأن يبعثه إماما ووارثا ليخلف الأرض وما عليها ويحكمهما بالعدل والإحسان والتقوى والسلام.جاء في الحديث : (أفضل أعمال أمتي انتظار الفرج) يا لروعة هذا الحديث ! إنه يقول: أفضل الأعمال الانتظار ... فأوضح لنا إن الانتظار عمل وليس ركوداً ولا جموداً، وهذا يدل على أن الإسلام دين عمل وكدح وتغيير وإصلاح وهذه الأمور تتجدد دائما من خلال مبدأ الاجتهاد في فقه الإمامية الذي يواكب التطور في الحياة حيث أن المستجدات تخضع للثوابت الفقهية وتستمد شرعيتها منها، لذا فإن الفقهاء الجامعين لشرائط التقليد هم حجج الإمام المهدي على خلقه وهو حجة الله كما وصفهم في حديثه المشهور، حيث أرجع العباد في الأمور المستحدثة لرواة الأحاديث الفقهاء من بعده فإنهم أحق من غيرهم في إحقاق الحق وإبطال الباطل والتمهيد لظهوره عليه السلام.الانتظار معناه الرفض الكامل لكل ألوان الظلم في الأرض، وذلك لأنك إذا رضيت بالوضع الراهن للأمة الإسلامية لم تعد منتظرا للإمام- وإنما المنتظر له هو الرافض لكل أنواع الظلم والاستعباد، ولذلك جاء في الحديث عن أهل البيت: (إن المنتظر لأمرنا ، كالمتشحط بدمه في سبيل الله) اجل .. إنه يرفض الظلم والجور والاحتكار والحكام الخونة ويرفض المجتمع الجبان الرازح تحت أقدام الحاكم الظالم، ولا يزال الانتظار هو الرفض الشامل لكل الظالمين في الأرض والالتصاق الكامل بكل المحرومين والمعذبين في الأرض والإمام المهدي يتطلع بشوق بالغ إلى اليوم الذي يستطيع فيه أن يمد يده لخلاص البشرية وعذابها الطويل!.والإيمان بالمهدي المنتظر ليس للعادة والسلوة والتقليد الأعمى ... وإنما هو مصدر عطاء وقوة ، لأن الإيمان بالإمام المهدي، إيمان عميق برفض كل أنواع الظلم والجور في كل بقاع العالم، وهو مصدر قوة ودفع لا ينضب ليرش الأمل في القلوب لنرى النور، ونحن في أحلك ساعات الظلام... فهو انتصار النور على الظلام..وانتصار جحافل الحق على فلول الباطل، والمهدي لم يكن فكرة قديمة ننتظر ولادتها، وإنما هو واقع نعيشه ونحسه بوجداننا وأعماقنا وشعورنا وهو يعيش بيننا بلحمه ودمه ويشهد الآم المحرومين ويسمع أنين المعذبين.
وينتظر عجل الله تعالى فرجه الشريف اليوم الذي يأذن له رب العالمين لينشر رايات الحق في الأرض ويجتث الباطل وأهله ويقيم اعوجاج الدين وما لحق به من أباطيل وبدع وتحريفات من قبل المحسوبين عليه زورا وبهتانا، ليظهر دين جده المصطفى الأصيل الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ويدمغ به كل أنواع الظلم والاستبداد والقهر والقتل الوحشي للأبرياء كما يحصل في عراقنا الحبيب على أيدي أشر خلق الله من التكفيريين والإرهابيين شذاذ الآفاق الذين خلعت الرحمة من قلوبهم فأصبحوا وحوشا كاسرة لا يهمها شيء سوى مصالحهم الشخصية ومطامع الدول الظالمة التي تدفع بهم باتجاه الشر لأنهم لا يعرفون للخير منهلا ولا لسبله رشدا ولا لأهله بشرا، فهو عليه السلام الناصر للمؤمنين والقامع للظلم والظالمين ولولاه لما استطاع المؤمنون التثبت على الصراط المستقيم، فإنه أملهم بالنصر والغلبة ونصيرهم بمقارعتهم الظلم في كل عصر وزمان.
https://telegram.me/buratha