حامد جعفر
قال الله تعالى : لا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم. وقد قال الشاعر:
انما الامم الاخلاق ما بقيت........ فان هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا
وعبر التاريخ الانساني رأينا أن الدكتاتوريات لا تقوم الا في المجتمعات المتفككة, مريضة الاخلاق هينة الكرامة. ولهذا ثبت حكم البعث الصدامي البشع أطناب الفساد من رشوة ومحسوبية وسرقة وخيانة أمانة وفساد ذمة , خصوصا بعد استلام صدام قمة السلطة البعثية وتصفية من تصدى له من البعثيين , ثم أفقر الشعب ومزقه بحروبه العبثية الخاسرة.
وانتشرت رموز صدام الفاسدة على قمم المسؤوليات , وقصص لصوصه الذين عانى منهم الانسان العراقي البائس أكثر من أن يجمعها حتى مجلد ولا الف ليلة وليلة.. ومن منا لا يعرف البعثي المرتزق نوري المرسومي وكيل وزير الاعلام الصدامي لطيف نصيف جاسم . لقد جاء نوري المرسومي بقريبه اللص الكبير المهندس الكهربائي مازن حسن عبد الرضا ليعين مديرا للصيانة في وزارة الاعلام..وما أدراك ما الصيانة في وزارة الاعلام..!! انها تعني أن تكون تحت سلطته قبول او رفض عطاءات المقاولين لصيانة المصاعد الكهربائية مثلا في الوزارة وجميع الدوائر التابعة لها وعلى رأسها قصر المؤتمرات والمنظومات الالكترونية والميكانيكية المعقدة وما أكثرها في مباني هذه الوزارة, وغير ذلك مما لا يخطر على بال بشر.. وللتيسير لحراميته, أصدر الحكم البعثي الدكتاتوري قانونا عجيبا لم يسمع به العالم وهو: الدولة غير ملزمة بأقل العطاءات..!! وهذا يعني ان اللص مازن حسن هو الذي يحدد المقاول الذي سيحصل على المقاولة الدسمة بلا شرط ولا قيود. وطبعا كان المقاول الذي يدفع رشوة اكبر من منافسيه من المقاولين هو الذي يحصل على المقاولة ولو على حساب المقدرة الفنية والاخلاقية..وهكذا أخذ يحصد هذا اللص وقريبه المرسومي الملايين ظلما وسحتا ليطعموا به اولادهم ونساءهم ويبنوا القصور في المنصور في حين كان العراقيون يموتون جوعا ومرضا ويبيعون اثاث بيوتهم بل حتى ابواب هذه البيوت كي يستطيعوا ان يطعموا عوائلهم المتضورة جوعا وفقرا وذلا..
ولم يكتف هذا اللص بهذه الرشى المليونية وحسب المثل الذي يقول : الانسان لا يملأ عينه الا التراب. فما أن احتل العفالقة الكويت وراحت العائلة الصدامية الحاكمة تسرق كل شئ حتى أنطلق الحبربشية الى الكويت بمختلف الحجج ليسرقوا فتات مأدبة الحرامية الصدامية وكان منهم اللص مازن حسن عبد الرضا وقريبه المرسومي. وقد سرق ذات مرة ست سيارات حديثة, وبهذا تجاوز الخط الاحمر الذي حدده الحكم الدكتاتوري الحرامي لحبربشيته, ولذلك فقد قدم مع مجموعة من أمثاله الى لجنة شكلها العفالقة لمحاسبة الحبربشية الذين سرقوا أشياء أثمن مما حدد لهم لانها من حصة العائلة الصدامية المالكة..!!واليوم يدفع العراقيون ومنذ ما يقرب من عشرين عاما خمسة بالمائة من عائداتهم من النفط الى الكويت, التي تنتزع من أفواه اليتامى والارامل والفقراء, تعويضا عن سرقات صدام واولاده واقاربه علي كيمياوي وحسين كامل واخرين, وحبربشيته من أمثال سئ الذكر الذي ضربناه مثلا مازن حسن عبد الرضا..!! ولم يستفد الشعب العراقي المظلوم من هذه السرقات قط, فقد باعها الصداميون بالاسواق وحولوا اثمانها الى العملة الصعبة وهربوها الى حساباتهم السرية خارج العراق.
واذا كان مثلنا هذا عن الفساد الحكومي لنحذر حكوماتنا الحالية ونكشف امامها وامام الناس طرق واساليب سرقة المسؤولين والقوانين الجائرة التي تسهل لهم السرقة والرشوة كقانون :( الدولة غير مسؤولة عن أقل العطاءات),فان للفساد الاجتماعي وجوها لا تقل قبحا عن الفساد الحكومي . ففي أيامنا هذه حيث زادت مرتبات الموظفين بشكل كبير وتحسنت كثيرا جدا قدراتهم المعاشية وخاصة في مجال التعليم , كنت في زيارة الى بغداد. ذهبت مع قريب لي الى احدى ثانويات البنات للحصول على وثائق اخته لكي تقدم للامتحان الخارجي.دخلنا على المديرة وبعد حديث قصير اخرج قريبي مبلغا من المال من محفظته ووضعه امامها على مكتبها . تلألأت عيناها فرحا وابتسمت ابتسامة عريضة ونادت احدى المدرسات وامرتها باحضار الوثائق المطلوبة باسرع من مارد النبي سليمان..!!دهشت مما جرى ولمت قريبي على الرشوة فنظر لي يائسا وقال اننا ان لم نفعل ذلك لن تقضى حوائجنا.
ولذلك نقول أن الفساد مرض حكومي اجتماعي ولا تكفي قوانين الردع الحكومية للقضاء عليه بل يجب مكافحته اجتماعيا بواسطة رجال الدين الذين يقع عليهم عبئ كبير في اشهار تحريم الفساد وسوأ عاقبته دينيا ودنيويا وان لا حجة للفاسد ابدا وعلى الدولة أن توجه اعلامها ضد الفساد والمفسدين وتكثر من برامج التوعية والتثقيف .
حامد جعفرصوت الحرية
https://telegram.me/buratha