علي محمد البهادلي
بعد الإطاحة برمز الدكتاتورية في العراق ، أخذت الأطراف المتصارعة على السلطة ، أخص منها من كان من أنصار النظام الصدامي او المستفيدين منه ، بتسييس كل شيء ، فالدين والطائفة مسيسان ، والتصويت على القوانين أو نقضها كثير منها يأخذ المنحى السياسي ، ورفع الحصانة واستجواب المسؤولين حاله حالهما حال ما سبق ذكره آنفاً ، ومن المخزي والمعيب أن تكون نتائج امتحانات الدراسة الإعدادية بفرعيها العلمي والأدبي قد وُظِّفَت لأغراض سياسية من قبل بعض الجهات السياسية وبعض القنوات الفضائية الهابطة . والأكثر خزياً وفضيحة هو تسييس شرف المرأة ، وكلنا يعلم ما فعله مكتب فخامة نائب رئيس الجمهورية ومستشاره لحقوق الإنسان عندما عرض إحدى البغايا على شاشات التلفاز مدعية أنها قد أُعتدِي عليها من قبل القوات الأمنية بُعيَد إنطلاق خطة فرض القانون . أما التفجيرات والعمليات الإرهابية فهي الأشد وضوحاً في أخذها الطابع السياسي . فالكثير من القضايا المصيرية والملفات المهمة كانت تواجه من قبل الإرهاب السياسي قبل أن تأخذ مسارها الطبيعي ، أو قبل أن يتم إقرارها لغرض عرقلتها ؛ بإرباك الوضع الأمني ، وتأزيم الساحة العراقية ، وإزهاق أكبر عدد ممكن من أرواح العراقيين الأبرياء . والذي يلفت النظر في بعض التفجيرات ، لا سيما في الأشهر القليلة الماضية ، هو تزامن هذه التفجيرات وحدوثها في وقت واحد ، وتجاه مكون معين ، فعندما دعا رئيس الحكومة الأطراف المعارضة للعملية السياسية خارج العراق إلى ممارسة عملهم السياسي داخل العراق وتوهم البعثيين أنهم مشمولون بهذه الدعوة ، وبعد أن نفى المالكي شمولهم بدعوته وتصادف ذلك مع اعتقال قادة صحوات متهمين بالانتماء إلى تنظيمات محظورة وأعمال إرهابية ، حدثت عدة تفجيرات في أماكن متفرقة من بغداد ، لكنها حدثت في وقت واحد ، كان أبرزها تفجير سوق شعبي في مدينة الصدر . فأي عاقل يستطيع أن ينفي العلاقة التي تربط بين هذه التفجيرات ، فبالتأكيد هناك علاقة قوية ، فالجهة المنفذة هي جهة واحدة تريد أن تبعث رسالة إلى الحكومة مفادها : إنكم إذا استبعدتمونا من هذه الصفقات أو لم تقبلوا بمطالبنا المشروعة !! فإننا موجودون بقوة في الساحة .
أما التفجيرات التي طالت دور العبادة في يوم الجمعة مستهدفة مصلي الجمعة ، فهي أقذر تلك التفجيرات ، إذ يحاول الطرف المنفذ أن يضرب عصفورين بحجر واحد ، فيستغل التفجيرات لتحقيق مطالب معينة ،وفي الوقت نفسه يحاول استعادة حالة التوتر الطائفي الحاد الذي تخلص منه الشعب العراقي إلى غير رجعة إن شاء الله . إن التفجيرات الأخيرة تحتمل عدة أهداف بعدد الجهات المحتمل أن تكون المسؤولة عن تنفيذها ، فما يُسمَّى المجلس السياسي للمقاومة العراقية ، خاب فأله ، يريد أن يبعث رسالة إلى الحكومة العراقية مضمونها هو : انكم إذااستطعتم أن تضغطوا على الأمريكان من أجل عدم التفاوض معنا ، فنحن نستطيع أن نضغط عليكم في الميدان . لكن هناك من يرى أن البصمة الأمريكية في هذه التفجيرات واضحة جداً ، بغض النظر عن الجهة التي نفَّذت العملية ، أو استغلها الأمريكان أو توافقوا معها . فبعد أن انسحبت القوات الأمريكية من المدن العراقية إلى قواعدها العسكرية الرئيسة تريد أن توحي بأن الوضع ما زال هشاً ولا تستطيع القوات العراقية الإمساك بالملف الأمني دون مساعدة القوات الأمريكية ، لا سيما أن موعد الانتخابات البرلمانية لا يفصلنا عنه سوى أربعة أشهر ، فكيف يستطيع اللاعب الأمريكي التأثير في القرار السياسي وعملية الانتخاب كما فعلها في المرة السابقة وهو بعيد عن الساحة ، إذ توافق حينذاك مع أكثر من جهة سياسية في البرلمان لإزاحة الجعفري عن منصب رئيس الوزراء ، على الرغم من أنه حصل على المنصب على وفق الآلية الديمقراطية . تكاثرت الملفات السياسية في الوقت الحاضر ، والبعثيون والأمريكيون قد متنوا صلاتهم وتوافقهم على أكثر من ملف ، و سيعمدون إلى الضغط بقوة على الشارع العراقي والسياسيين العراقيين والحكومة العراقية من أجل الرضوخ لمطالبهم وأجنداتهم . نناشد جميع الأطراف المعنية بالأمر بالتكاتف والتآزر لإبعاد شبح هذين العدوين اللدودين عن الشعب العراقي ، متجاوزين الاختلافات في وجهات النظر والمصالح الحزبية والفئوية ، فمصلحة الشعب فوق كل اعتبار، وصبره قد بلغ الزبى .
https://telegram.me/buratha