خيون العكيلي
أن نهر الفرات يعاني من شحة مائية وتردي في نوعية المياة وخصوصاً في محافظات السماوه والناصريه والبصرة ولفتره طويلة بدأت من نهاية ثمانينات القرن الماضي. فمدن الناصريه والسماوه محرومة من الحصول على مياة الشرب من نهر الفرات بالرغم من أن المدينتين يمتدان على جانبي النهر. نهر الفرات في جزءه الجنوبي أي من شمال السماوه وحتى الملتقي مع نهر دجله في القرنة أصبح مجرى لمياة البزل الزراعي عالية الملوحه والملوثه بالملوثات الاخرى لسببين رئيسيين: الاول هو استيلاء تركيا على حقوق العراق المائية في هذا النهر وأطلاقها كميات قليلة من المياة لاتسد ثلث الأحتياجات العراقيه وأعتباراً من 1989, والسبب الثاني هو سوء أدارة الموارد المائية في العراق والذي هو سمة العقود الثلاثه الاخيرة.
لم تلتفت الحكومات العراقيه المتعاقبة خصوصاً بعد سقوط نظام صدام في عام 2003 الى مشكلة شحة المياة وتردي نوعيتها التى يعاني منها الجنوب ولم تعرها اي اهمية الا في فترة الشهريين الاخيرين بعد أن صدرت صيحات أعلامية من مواطنيين وأختصاصيين تحذر من الكارثه المائية وخصوصاً في جنوب العراق. وتعليقاً على دعوة الأستاذ فائز التميمي للقيام بحفر أبار مائية للأستفادة من المياة الجوفية في معالجة شحة المياة وهي بالطبع دعوة صادقة ومخلصةُ ويجب أن يتم تبنيها من قيل الحكومة العراقية.
ولكن مواقع هذه الابار يجب أن تكون مدروسه وليس من الضروري أن تحفر في المناطق التي تعاني من شحة المياة وكما طالب قبل فترة وجيزة السيد محافظ ذي قار. حيث وجة السيد المحافظ بأن يتم تحديد 400 موقع لحفر الأبار في محافظة ذي قار لمواجة شحة المياة التي تعاني منها المحافظة. مع أحترامي للسيد المحافظ فأن احتمالات الحصول على مياة جوفية عذبه في محافظة ذي قار ضئيلة جداً. وعلية فأني أدعو الى أن يكون حفر الأبار المائية في العراق ضمن أطار خطة شاملة لأدارة الموارد المائية على نطاق البلد. خطة تهدف الى أستغلال الخزين الجوفي العذب في المناطق المتوفر فيها مثل هذا الخزين كالمناطق الشمالية وأقليم كردستان وبعض المناطق في الصحراء الغربية. وأن يتم تحويل المياة السطحية العذبة المتوفرة في هذة الماناطق الى مناطق الجنوب لمعالجة الشحة المائية فيها.
كمثال على ذلك هو أن يتم أستغلال المياة الجوفية في سهل التون كبري الواقع شمال وشمال شرق كركوك والمياة الجوفيه في سهل أربيل الواقع جنوب أربيل لتغذية مناطق كثيرة في كركوك وفي أقليم كردستان وأطلاق المياة السطحية من هذة المناطق الى الجنوب عبر سد العظيم أو الى نهر دجلة مباشرةٍ من رافد الزاب الاسفل. وبهذا يمكن أيصال تصاريف من المياة السطحيه الصالحه للاستخدام البشري والزراعي لتعويض جزء من النقص الحاصل في أحتياجات الجنوب. أضافة الى أجراءات أخرى ممكن أن تقوم بها وزارة الموارد المائية لأيقاف تصريف مياة البزل في نهر الفرات وفي جزءهُ الممتد من الشنافية والى القرنه. المقصود هنا أكمال مبزل الفرات الشرقي الذي تمت المباشرة بهِ قبل أكثر من 20 عام ولم ينجز لحد الأن. كما وأن فلسفة حجز المياة وخزنها في السدود دون الأخذ بنظر الأعتبار أحتياجات الجنوب من المياة العذبة أمر غير صحيح .
حيث انه لايجوز أن تمنع الماء عن أنسان عطشان حالياً لتقدمهُ لهُ بعد فوات الاوان وعندما يكون هذا العطشان قد مات وأنتهى كل شئ. وبغض النظر عن كمية الايرادات المائية الواردة الى البلد, يجب أولا أن تلبى أحياجات العراقيين ( كل العراقيين) من المياة العذبة ويتم خزن الفائض عن ذلك. أن أدارة الموراد المائية بشكلها الحالي والمبنية على محاولة أملاء السدود والخزانات شمال بغداد دون الأخذ بنظر الاعتبارأحتياجات الجنوب وترك الماحافظات الجنوبية تعاني من شحة قاتلة للمياة وكأنهم ليسوا عراقيين يجب أن تتوقف. وتعليقاً على تصريحات للسيد وزير البيئه لأقليم كردستان والتي تناقلتها الصحف الألكترونية حيث اشار الى أن سبب شحة المياة في العراق هو الهدر المائي من نهري دجلة والفرات الى الخليج. وبالتحديد فتناقلت الصحف عن السيد الوزير قوله أن( 11 الف متر مكعب يومياً) في مكان و ( 11 الف مليار مكعب) في مكان أخر والكميتين غير دقيقتين ولا نعرف ما هو الصحبح. ولكن جوهر هذه التصريحات والاشارة الى هدر الموارد المائية العذبة الى الخليج غير دقيقة. فمثلاً نهر الفرات محروم من أي تصاريف مائية عذبة في جزءةُ الواقع جنوب الكوفة والى القرنة. و لايمكن أن تهدر مياة عذبة من الفرات الى الخليج لان الفرات في جزءةُ الجنوبي يعاني من شحة قاتلة. الأمر نفسهُ ينطبق على نهر دجلة جنوب سدة الكوت ولو بدرجة أقل من الفرات.
ولكن من المؤكد أن مدينة العماره الواقعة على نهر دجلة تعاني من تردي نوعية مياة دجلة معظم أوقات السنة وخصوصاً السنوات الشحيحة. وبالأمكان توضيح هذا الموضوع أكثر وبالأرقام لو كانت الأرقام المنقولة عن السيد وزير بيئة كردستان العراق دقيقة.
أن المطلوب من الحكومة العراقية أن تعطي أولوية قصوى لموضوع شحة المياة في البلد وفي مسارين: الاول هو جعل التعامل مع تركيا بصورة رئيسية وأيران بالدرجة الثانية مبني على أساس ضمان حقوق العراق المائية في نهري دجلة والفرات وفي شط العرب. والمسار الثاني هو تبني خطة جريئه وغير تقليدية لأدارة ومناقلة الموارد المائية على نطاق العراق. خطة تتسم بالشمولية ومعاملة البلد كوحدة واحدة والأبتعاد عن الأجراءات التي تستهدف مناطق معينة دون الاخرى.
https://telegram.me/buratha
