المقالات

هل نحنُ حقاً مُسلمون ؟!

1692 01:12:00 2006-07-29

( بقلم / المهندس الاستشاري رضا صاحب المؤمن )

شاءت الأقدار والظروف أن أكون الوكيل العام المفوض عن ضحية من ضحايا البعث المقبور وطاغيته الذليل صدام .عائلة عانت الكثير من عنت وتعسُّف النظام البعثي المتخلّف وكان جزء من تلك المعاناة مُصادرة أملاك هذه العائلة والمتمثلة بالدار الخاص بهم ونهب جميع مُحتوياتها بما ضمّت إضافة إلى سجن أبناءهم ، ممّا إضطرّهُم إلى مُغادرة الوطن ، كُل ذلك لأن رب هذه العائلة كانت لهُ مواقف في فضح جرائم البعث والدفاع عن قيم السماء .

وبسبب هذا التوكيل إضطررت إلى التقصي عن أوليات القضية والإلتقاء بالعديد من الناس الذين يُعانون من حالات مُشابهة ومُراجعة المحاكم والمحامين وبمرور الوقت وكثرة اللّقاءات إطلعت ومن خلال الوثائق الرسمية على الكثير من ضمن آلاف الحالات مع كافة تفاصيلها .

وبعد مرور سنتين من المتابعة في دوائر الدولة ومع الناس ولأن القضية وبكُل إبعادها الإنسانية والدينية والإجتماعية والأخلاقية وخاصة في مدينة مثل النجف الأشرف مدينة أعظم إنسان عرفتهُ البشرية إسلاماً وخُلقاً ونُبلاً وعلماً ومعرفة وشجاعة وشهامةً.

إلاّ أنني وبكُل مرارة إتضح لي بأن مدينة النجف تحوي الكثير ممّن يحملون إسم الديانة "مسلم" وهُم حقاً غير ذلك [ قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلْ الإِيمَانُ ] من خلال التحريات والإتصالات لاحظت أن جميع وأؤكّد على كلمة ( جميع ) الذين يستغلون الدور أو الأملاك التي قامت حكومة البعث المقبور بمُصادرتها من أصحابها الشرعيين هُم على علم تام بذلك . والأنكى من ذلك فإن البعض قد ساهم وأعان سُلطات البعث على جرائمها لكي يستملك أو يحصل على دار أو عقار أو قطعة أرض بثمن لا يُساوي جُزء من العشرة من سعرها الحقيقي .

إلتقيت بأحد الأشخاص ممّن إستولى على عقار في أحد شوارع مدينة النجف وكان يقوم بإيجاره إلى المواطنين بما في ذلك الدكاكين ويدّعي أمام الناس بأنهُ الوكيل الخاص بصاحب العقار وأنهُ يقوم بإرسال ثلاثة أرباع الواردات لعائلة ذلك الشخص وهُم خارج العراق .

وعندما جاء إبن المالك الشرعي إلى النجف بعد سقوط نظام البعث ذهبتُ معه إلى ذلك الدعيّ وبدأتُ بالحديث عن الموضوع دون التعريف بالشخص برفقتي فقال الدعي بأنهُ يرسل الأموال بإنتظام إلى عائلة المرحوم ( ويقصد المالك الشرعي ) التي تسكُن حالياً في الشام حسب إدعائه وانه عانى من بعض المخاطر من جرّاء ذلك العمل الإنساني ..!!

هُنا سألته : هل أنت مُتأكد بأنهُ السيّد فُلان ( المالك الشرعي ) مُتوفي وتعرفهُ جيداً ؟ قال : أنهُ صديقي المخلص وهو الذي كلّفني من دون الناس بالولاية على أملاكه.سألتهُ : هل تعرف هذا الشخص الذي معي؟ أجاب : كلاّ . وهُنا أبرزت هويتهُ وقُلت لهُ : إقرأ تفاصيل هذه الهوية ، إنها هوية إبن الشخص الذي تدعي أنك وكيلهُ وتدعي أنه مُتوفي الآن وإنك ترسل لعائلته ثلاثة أرباع واردات الإيجار، ولعلمك فإن الشخص الذي تدعي توكيلك عنهُ هو حي يُرزق وسوف يعود إلى النجف الأشرف وسوف يشكيك إلى سيّد العدل والعدالة الإمام علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) فماذا ستقول حينها؟!ومن المآسي إن هذا النصّاب يدعي أنه من دارسي القانون فيا أسفاه على مدينة الكرار أن تحصل فيها مثل هذه الأمور.

لقد تكررت حالات أسوأ من هذه بكثير لأشخاص حاولوا إسترجاع أملاكهم المغتصبة من المنظمات الحزبية آنذاك أو من خلال دوائر الأمن المحلية أو من أشخاص في المحافظة آنذاك والتي لم تكُن مُصادرة رسمياً كما هي الحال في أكثر الحالات حتى تصدى شاغلي هذه الدور لأصحابها الشرعيين بالشتائم والكلام البذيء وبالتهديد وعدم إستعدادهم لمغادرة تلك الدور .

أما الجانب الآخر من القضية والذي أصبحت فيه الدولة طرفاً جديداً في الموضوع فقد جاء ذلك من خلال تشكيل هيأة دعاوى الملكية العراقية لقد قامت هذه الهيأة بإجراءات مُنظمة ومُبرمجة لجميع من سُلبت أملاكهم بمُصادرتها من قبل السُلطة البائدة .إلاَّ أن التباطؤ في إنجاز المعاملات جعل عمل هذه الهيأة موضع تساءل وكمثال على ذلك قضية عائدة لعائلة عراقية مُهاجرة .فقد جرى تسجيل الدعوى وكافة أولياتها في بداية كانون الثاني ( الشهر الأول ) من عام 2005م وأعطيت رقماً خاصاً في الحاسوب.

وأصدرت هيأة دعاوى الملكية في النجف قرارها بإعادة مُلكية العقار إلى أصحابه الشرعيين في شهر حُزيران ( الشهر السادس من عام 2005م ) ثُم جرى الطعن من قبل المستغلين للعقار وأُحيل الطلب إلى هيأة الطعن في بغداد في الأيام الأولى من ( شهر آب ) (الشهر الثامن من عام 2005م) ولم يرد الحسم لحد الآن (حُزيران 2006م ) أي أن الموضوع إستغرق ولحد هذا اليوم ما يُقارب السنة والنصف دون البت في الموضوع .وفي هذا المجال لا بُد من مُلاحظة أمرين هامين أولهُما أصحاب العقار الشرعيين اللّذين ينتظرون العودة إلى الوطن وهُم على أحر من الجمر ولا يُمكنهُم الرجوع والحال هذه حيث ليس لهُم دار سكن فيها ، وعلى القارئ الكريم تصوّر حال العوائل التي تُعاني من مثل هذه الحالات ومُلاحظة التقصير الكبير من قبل الحكومة في تسهيل مهام العودة للوطن لهؤلاء المهاجرين والمهجرين .

إنني ومن خلال الإطلاع على العديد من هذه الحالات أرى أن على هيأة دعاوى الملكية أن يكون عملها في مثل هذه القضايا على مرحلتين ودون تعليق الواحدة بالأخرى.

تكون الأولى في التثبت من أحقّية المالك الشرعي بإسترجاع عقاره من خلال المستمسكات والمستندات الصحيحة والمباشرة بإجراءات إعادة العقار لهُ فوراً .

أما المرحلة الثانية فتكون في موضوع التعويضات والمتعلقات إن وجدت والذي تقوم به لجان مُختصّة .لأن بقاء المال المغتصب ( وعلى أيّة صورة كان ) تحت تصرف مُغتصبيه ومهما كانت الذرائع القانونية يُمثل مُشاركة وإستمرارية لأعمال السُلطات السابقة ، فهذا التأخير في إعادة الحقوق لأصحابها الشرعيين هو الظُلم والإجحاف بعينه بل هو مُشاركة فيه .

أما الأمر الثاني فهو لماذا لا تُراعى الأمور الشرعية أي تطبيق قوانين الشريعة الإسلامية وهي واضحة وصريحة في حل مثل هذه الأمور والمنازعات أليس الدستور العراقي يقر بأن الدين الرسمي للدولة هو الإسلام .. ؟!!

لماذا لا يتم الرجوع في هذه الحالات إلى رجال الدين من كبار الفُقهاء والمجتهدين وهُم والحمد لله كُثُر وإشراكهم عملياً في قرارات هيأة دعاوى الملكية العراقية وبالتالي ضمان التطبيق الحق لدين الله.إن الدولة مدعوة إلى مزيد من الحزم والجدية لإثبات صُدقيتها للمواطن الذي ضحى وتشرد من أجل زوال نظام البعث الفاسد ولا يجوز التباطؤ والتلكّؤ في هذا المجال لأسباب مُصطنعة ومُقولبة بعبارات قانونية مُستندة إلى مصالح شخصيّة مُتباعدين ومُتقاطعين مع القوانين السماوية وشريعة الإسلام السمحاء .على الدولة الرجوع إلى عُلماء الدين وفُقهاء الشريعة الإسلامية في أي تشريع من هذا النوع فهي ليست مسألة وضع قانون لتنظيم المرور أو قانون تنظيم السلّم الوظيفي أو غيره من الأمور.

إنها مسألة خطيرة وخطيرة جداً أراد منها النظام البائد هدم رُكن مُهم من مبادئ الإسلام الحنيف ، وإذا لم تتصدى الدولة لبناء هذا الرُكن فسوف تتهاوى أركان أُخرى خاصة وإن أعداء الإسلام يكيدون ليل نهار لهذه الدولة وللإسلام ، ولعل ما جرى ويجري هذه الأيام من تهجير مذهبي مقيت هو الحصاد الحقيقي للزرع الذي بذر بذوره نظام البعث المقبور ، فإتعظوا يا أولي الألباب والله الموفق .العزيز والله الموفق .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
almajahi : نحن السجناء السياسين في العراق نحتاج الى تدخلكم لاعادة حقوقنا المنصوص عليها في الدستور العراقي..والذي تم التصويت ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
جبارعبدالزهرة العبودي : لقد قتل النواصب في هذه المنطقة الكثير من الشيعة حيث كانوا ينصبون كمائنا على الطريق العام وياخذون ...
الموضوع :
حركة السفياني من بلاد الروم إلى العراق
ابو كرار : السلام عليكم احسنتم التوضيح وبارك الله في جهودكم ياليت تعطي معنى لكلمة سكوبس هل يوجد لها معنى ...
الموضوع :
وضحكوا علينا وقالوا النشر لايكون الا في سكوبس Scopus
ابو حسنين : شيخنا العزيز الله يحفظك ويخليك بهذا زمنا الاغبر اكو خطيب مؤهل ان يحمل فكر اسلامي محمدي وحسيني ...
الموضوع :
الشيخ جلال الدين الصغير يتحدث عن المنبر الحسيني ومسؤولية التصدي للغزو الفكري والحرب الناعمة على هويتنا الإسلامية
حسين عبد الكريم جعفر المقهوي : عني وعن والدي ووالدتي وأولادها واختي وأخي ...
الموضوع :
رسالة الى سيدتي زينب الكبرى
فيسبوك