نعيم الهاشمي الخفاجي ||
بما نحن كعرب، ولدنا في البلدان العربية، ورأينا وتعرضنا لأبشع أنواع الظلم والاضطهاد على ايادي صدام الجرذ وحثالاته من البعثيين الاراذل، عندما أعيد ذاكرة حياتي، للوراء، بعد أن وصل عمري ستين عاما، عشت منها ثلاثين عاما بالقهر والظلم سواء تحت ظل سيطرة نظام البعث القمعي او السنوات الأربعة الأخيرة من الثلاثين عاما الأولى من حياتي بسجون آل سعود، ونتذكر الإهانات والمضايقات وحرماننا من العلاج، كنت بوقتها مصاب بقرحة نازفة، إلى الله المشتكى، صفحة سوداء انطوت وبقيت آثارها تلاحقني ليومنا هذا.
لازلت اعيش كوابيس حقبة الحروب الظالمة، وكيف ساقوني للإعدام لكن نجوت بإعجوبة، من إجرام المقبور عدنان خيرالله طلفاح، أو نتذكر اقتحام العسكر السعودي بمدرعاته خيامنا، أو ملاحقتنا من وكلائه من ضعاف النفوس، الذين كانوا يكتبون علينا تقارير للعسكر السعودي، وأكيد هؤلاء الخونة الان هم أعضاء في مؤسسة حسين السلطاني في مؤسسة السجناء السياسيين العراقيين.
سنوات قاهرة، انقذني صديق قريب لي اسمه فارس البنا الخفاجي راجع دائرة شؤون اللاجئين، وعندما جاء الوفد الدنماركي السعودية، كان اسمي لدى الوفد الذي انقذني وحصلت على لجوء سياسي في مملكة الدنمارك.
وحتى بعد وصولي إلى مملكة الدنمارك، عشت آلام ابناء شعبي العراق، ربما كنا الفصيل الوحيد من المعارضة العراقية السابقة الذي لم يفكر أعضائه في الحصول على المميزات، بيوم سقوط الصنم، رئيس الفصيل المرحوم العقيد المناضل المجاهد عبدالمنعم القطان أصدر بيان هنىء به شعب العراق وأعلن هيكلة الفصيل لانتهاء حقبة المعارضة لنظام البعث، لم نفكر لا في دمج ولا في خدمة جهادية، ويا سبحان الله حتى رئيس هيئة الفصل السياسي رسول عبد علي والذي واضع صورة الشهيدين الصدرين رضوان الله عليهم في مكتبه في الأمانة العامة لرئاسة الوزراء لم اتوفق معه ليقبل طلبي في العودة للجيش لأكمل ماتبقى من حياتي في العراق بين أهلي وأبناء مدينتي قضاء الحي، مدينة المناضلين والمجاهدين عبر تاريخها العظيم والتليد، بمقاومة النظام الإقطاعي الحقير وبمقارعة نظام البعث الساقط.
تعيش المجتمعات العربية بأجمعها في تخيلات وتصورات بطولات زائفة لماضي بالحقيقة مذل، كل دول العالم استعمرت العرب وأذلتهم، واذاقتهم كأس المرارة والهوان، بل الاستعمار التركي استعمر العرب في اسم الدين الذي نزل على سيد البشرية والخلق محمد ص، حكمونا في إسلام صوري واتبعوا سياسة التتريك، ونشر الأمية والجهل، بل لم يسلم العرب من محاولة تتريك حتى القبائل العربية الأصيلة، وعمل الأتراك العثمانيين تحالفات قبلية لضرب أصول العرب وارسال عوائل تركية ليصبح الكثير منهم شيوخ على القبائل العربية، بل لم يكتفوا بذلك، قاموا في شراء غلمان من جورجيا الحالية اسمهم المماليك، وقاموا في تربيتهم وتنصيبهم ولاة على شعب العراق الحالي، مماليك يتم شرائهم غلمان ويتم تدريبهم وينصبون الغلام والي على بغداد، ولمن يريد أن يتأكد فليقرأ عصر تولى المماليك على العراق طيلة قرنين من الزمان.
المشكلة الحقيقية الشعوب العربية تعيش في أوهام ماضي مقرف، ويعتبرون الماضي عصر ذهبي، رغم انها كانت عصور مظلمة، استشرى بها الظلم والقتل والذبح، والسبي، من رسم حدود الدول العربية، الدول الاستعمارية بريطانيا وفرنسا، وبخيانة شريف مكة اللاشريف حسين زعيم العرب السنة ومفتي مكة والعالم الاسلامي، هذا العميل الخائن قبل لنفسه أن يقف مع القوات البريطانية والفرنسية المحتلة لإسقاط دولة الخلافة العثمانية، رغم اضطهاد الأتراك إلى الشيعة لكن مرجعيات الشيعة والعشائر العربية الشيعية وقفت إلى جانب القوات التركية العثمانية للدفاع عن شكل الدولة الإسلامية الغير عادلة، الشيعة عبر تاريخهم يرفضون التعاون مع المحتلين عكس الآخرين، رغم أن الإعلام العربي السني يلقي كل موبقات خياناته وتعاونهم مع المحتلين على الشيعة للتغطية على عمالتهم، مهما ماقيل، لكن لننظر إلى عصرنا الحالي، الشيعة يقفون مع المعسكر الرافض للذل والانبطاح، بينما الآخرون يمسحون أحذية الصهاينة وقوى الاستعمار بشكل علني وواضح.
لذلك الأوساط الثقافية العربية ونتيجة لقرون من الاضطهاد والعبودية، لا يملكون القدرة للتحرر من سطوة القوى العميلة لدول الرجعية العربية صنيعة الاستعمار، ولا يملكون القدرة بمراجعات نقدية عميقة لموروث الثقافي العربي للماضي المظلم، بل هذه الفيالق الإعلامية المرتبطة بدول الرجعية تصف الماضي المظلم في العصر الجميل والعصر الذهبي.
الأمم الأخرى نقدت موروثها الثقافي واستفادت من اخطاء الماضي لعدم تكرارها مرة جديدة من قبل الأحفاد واعادة نفس الأخطاء التي وقع بها اسلافهم.
عندما نقرأ الكتب الثقافية العربية نجد اسماء يصفوهم في مفكرين النهضة العربية، وفي الحقيقة حتى هؤلاء المفكرون هم بالحقيقة مصابين في فيروس حقد قومي وديني جعلهم مشلولين وادوات فتاكة لتدمير الشعوب العربية والمسلمة، يعدون على سبيل المثال ميشال عفلق صنيعة الماسونية من رواد وقادة النهضويون وأصحاب المشاريع الإصلاحية العربية، إذا كان عميل الماسونية عفلق الذي أسس أسوأ حزب البعث الفاشستي، الذي دمر واظل شباب العرب والمسلمين زعيم النهضة والإصلاح العربي فعلى أمة العرب والإسلام السلام، ما يقارب مضى قرن من الزمان ، على قيام الاستعمار بصنع الدول العربية الحالية، بقي العرب محلوبين، وثرواتهم مسروقة، مهانين، محتقرين بين الأمم، بل حتى المسؤول العربي ببعض الدول العربية التي سقطت انظمتها الظالمة مثل الحالة العراقية واللبية والتونسية، تجد السياسي والمسؤول الذي كان ضحية للظلم ووصل لتبوء منصب معين يقوم في اضطهاد المواطنين الذين يأتي بهم حظهم العاثر ليكون هذا الغبي مسؤول على إنجاز معاملاتهم بالدولة، البيئة العربية فاشلة، بسبب تعرض العرب لقرون طويلة من الظلم والاضطهاد، انتج لنا الظلم الذي طال لقرون طويلة طبقات من المثقفين والمسؤولين أغبياء وحمقى، لا يستطيعون كسب حتى أصدقائهم والمحافظة عليهم، همهم الأول والأخير كسب المال ومستعد يضحي حتى في بيئة المجتمعية الحاضنة له.
عندما تتحدث مع غالبية المثقفين العرب جميعا، تراهم يتكلمون عن ماضي ذهبي وهو بالحقيقة، هذا الماضي وهم في المخيلة، لم يكن الماضي أفضل من الوقت الحالي الحاضر الذي نعيشه نحن وهم، طبيعة العرب للأسف، يمتازون في تمجيد وتبجيل الماضي، عبر إبراز الخونة عملاء الاستعمار،على أنهم راسمي حدود الدول العربية، ولولاهم لما تأسست هذه الدول، يفترض نستفيد من نقد الماضي لكي يخدمنا في المستقبل.
الذي يقرأ تاريخ العرب تجده حافل في أبطال كانت بطولاتهم في قتل ابناء جلدتهم من العرب الاخرين، دون غيرهم، كمعارك الزير سالم وحروب داعس، وحروب بني عبس وبني شيبان، وحروب المنادرة والغساسنة.
الشعوب الحية تصنع مجدها من خلال الجماهير، يوم أمس كنت اتابع قناة فضائية عراقية، الحوار كان حول التوصل إلى التسوية مابين حكومة بغداد مع الاقليم، ضيف الحلقة من شركاء الوطن، أعاد تكرار أمريكا ماتقبل اكثر من عشرين مرة، للاسف هذا وغيره من ساسة كثيرون يعيشون في وهم أنه بإستطاعت الدول الكبرى فرض كل شيء على الشعب العراقي، هؤلاء يعيشون في وهم التآمر العالمي، أو وهم أن تلك الدول هي التي تنصب حكومات، اذا كان هناك ساسة يستطيعون كسب الملايين المضحية التي تتجمع بكل عام في زيارة أربعينية الإمام الحسين ع فأكبر قوة لاتستطيع فرض هيمنتها، بل نرى العكس، أن تلك القوى العظمى تحاول كسب ساسة هذه الجماهير المليونية، لكن بظل وجود الانقسام والتشرذم اكيد تستطيع اي قوة عالمية فرض ما تريده وبسهوله.
خلال تصفحي لمواقع التواصل بالذات منصة أكس حاليا و تويتر سابقا، تجد ملايين من أتباع التيارات الوهابية والاخوانية يعيشون في كذبة كبرى ووهم ساذج في ان الله عز وجل وهب الجنة التي عرضها السموات والأرض إلى كل العوران والشكول القبيحة البدوية المتخلفة لهم دون غيرهم، بل رأيت خطيب وهابي يتكلم في مسجد، عن الحوريات، وأن كل حورية لديها سبعين وصيفة عبدة وكل عبدة لها من الجمال وان ممارسة الجنس مع العبدة يستغرق سنة واحدة وكل هذه السنين وبعده يمارس الجنس ولم يصل إلى الحورية الاصلية، والقطيع ينصت إليه والغرائز الجنسية وصلت إلى أعلى معدلاتها، وأصبح الكثير منهم مثل الشيخ الحافظ حكمت العاني، حافظ للقرآن يحفظ الاطفال قرآن وينكحهم في احد بيوت الله في قضاء الفلوجة التابعة لمحافظة الانبار العراقية.
قبل خمسه وعشرين سنة تعرفت على اصدقاء شباب بذلك الوقت فلسطينيين من حزب التحرير، يخرجون بمظاهرات ومسيرات يشارك بها آلاف العرب والمسلمين من افارقة وغيرهم يرفعون شعارات إعادة دولة الخلافة إلى جاكارتا، حتى سألني أحدهم عن رئيي، قلت له نحن نبارك لكم، ولا بأس نشكر جهودكم وبالاخير يستلمها الإمام المهدي، هههههه قلت له دولة الإسلام الإنسانية بدولة المهدي فقط وعليكم التفكير في توفير خطاب معتدل يدعو إلى التنمية والمساواة في البلدان العربية والإسلامية والعيش المشترك، ذات مرة سألت هذا الصديق، قلت له فرضنا انت أصبحت خليفة كيف توحد الأمة، فكان جواله، اقوم بذبح كل واحد لا يأخذ بمذهب الأمة التي انا اعتقد بها، هههه قلت له عش في أوهامك و أحلامك الوردية.
قبل سنوات اكتشفت هناك دعم مادي خليجي إلى البلوش السنة في إيران لزيادة الإنجاب ليصبحوا اكثرية في إيران ههههه وهذا وهم ايضا، بل خلال وجودي بدول الغرب خلال كلامي وحديثي مع أصدقاء عرب ومسلمين يعتقدون كثرة انجاب المسلمين بالغرب يجعل المسلمين اكثرية بدول الغرب وهذا أيضا وهم وغباء جدا جدا كبير وليس له مثيل.
نعيم عاتي الهاشمي الخفاجي
كاتب وصحفي عراقي مستقل.
https://telegram.me/buratha