الشيخ الدكتنورعبدالرضا البهادلي ||
🖋الدنيا عبارة عن مجموعة أشياء حسية ومادية مغرية ، وقد اختصرها القران وعبر عنها باجمل تعبير فقال تعالى :" زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ".
📍والنفس تتوق الى الامور المادية والحسية . واما القيم والمبادئ وعالم الغيب والاخرة فهي قضايا معنوية غير ملموسة وتحتاج لكي يصل اليها الانسان فيشعر بقيمتها الى التعب الكثير وتهذيب النفس والمراقبة والمحاسبة ، ولذلك فالانسان يفضل الامر المحسوس على الامر المعنوي والغيبي ويفضل القريب على الشيء البعيد.
📍 ومن هنا اصبح الانسان عبدا لهذه الدنيا الفانية ولوازمها الكثيرة التي عبرت عنها الاية المباركة المتقدمة .؟ وما اروع واجمل كلام الامام الحسين عليه السلام في هذا الشأن اذ يقول عليه السلام :" إنَّ النّاسَ عَبيدُ الدُّنيا وَالدّينُ لَعقٌ عَلى ألسِنَتِهِم ، يَحوطونَهُ ما دَرَّت مَعائِشُهُم ، فَإِذا مُحِّصوا بِالبَلاءِ قَلَّ الدَّيّانونَ".
📍ومن عاشوراء الامام الحسين نستفيد درسا تاريخيا متجددا ، ان الناس الا ما وفقهم الله تعالى ورحمهم لا تجتمع حول المبادئ والقيم الاخلاقية والالهية ، وانما اغلب الناس تجتمع حول من بيده المال، والقوة ، والسلطة ، وتسعى من اجل ذلك بكل قوتها ،وهناك امثلة كثيرة برزت يوم عاشوراء نقتصر على بعضها ، منهم عمر بن سعد بن ابي وقاص الزهري قائد جيوش يزيد بن معاوية لقتل سيد الشهداء الحسين بن علي عليه السلام ،وهذا كان ممن يعرف الحسين عليه السلام وقيمته المعنوية في الوجود ، ولكن هذا الشخص فضل الحياة وملذاتها على القيم السامية والآخرة ، وفي ما يروى ان الامام الحسين ارسل عليه من اجل نصحه ووعظه فلم يتعظ .
📍ولاجل ذلك قال الامام الحُسَينُ عليه السلام لِابنِ سَعدٍ عندما اجتمع معه قبل عاشوراء : وَيحَكَ ! أما تَتَّقِي اللَّهَ الَّذي إلَيهِ مَعادُكَ ؟ أتُقاتِلُني وأنَا ابنُ مَن ابن من علمت؟ ذَر هؤُلاءِ القَومَ وكُن مَعي ؛ فَإِنَّهُ أقرَبُ لَكَ مِنَ اللَّهِ . فَقالَ لَهُ عُمَرُ : أخافُ أن تُهدَمَ داري ! فَقالَ الحُسَينُ عليه السلام : أنَا أبنيها لَكَ . فَقالَ عُمَرُ : أخافُ أن تُؤخَذَ ضَيعَتي ! فَقالَ : أنَا اُخلِفُ عَلَيكَ خَيراً مِنها مِن مالي بِالحِجازِ . فَقالَ : لي عِيالٌ أخافُ عَلَيهِم ، فَقالَ : أنَا أضمِنُ سَلامَتَهُم . قالَ : ثُمَّ سَكَتَ فَلَم يُجِبهُ عَن ذلِكَ ، فَانصَرَفَ عَنهُ الحُسَينُ عليه السلام وهُوَ يَقولُ : ما لَكَ ذَبَحَكَ اللَّهُ عَلى فِراشِكَ سَريعاً عاجِلاً ، ولا غَفَرَ لَكَ يَومَ حَشرِكَ ونَشرِكَ ! فَوَاللَّهِ ، إنّي لَأَرجو أن لا تَأكُلَ مِن بُرِّ العِراقِ إلّا يَسيراً . فَقالَ لَهُ عُمَرُ : يا أبا عَبدِ اللَّهِ ، فِي الشَّعيرِ عِوَضٌ عَنِ البُرِّ ! ! ثُمَّ رَجَعَ عُمَرُ إلى مُعَسكَرِهِ.
📍وقد ورد عنه هذه ابيات في ذلك ومنها.
فوالله ما أدري وإني لحائر ** أفكر في أمري على خطرين
أأترك ملك الري والري منيتي** أم ارجع مأثوماً بقتل
يقولون إنّ الله خالق جنة ** ونار وتعذيب وغل يدين
فإن صدقوا فيما يقولون إنّني** أتوب الى الرحمن من سنتين.
📍اللهم خذ بأيدينا الى معسكر وخيمة الامام المهدي عليه السلام ولا تفرق بيننا وبين اوليائك طرفة عين ابدا.
قربك ورضاك وابعدنا عن سخطك وغضبك
ـــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha