المقالات

سفاهة أدوات الاستعمار الجديد  


نعيم الهاشمي الخفاجي ||

 

ابتليت شعوب العرب بظلم القوى الاستعمارية الشيطانية التي دمرت شعوب العرب سواء من خلال الاحتلال العسكري المباشر، أو من خلال تنصيب أدوات الاستعمار لعملائه ليصبحوا ملوك وأمراء ورؤساء على الدول العربية التي رسم حدودها المنتصرون بالحرب العالمية الاولى، بطرق قبيحة دمجوا مكونات وطوائف مع بعض، بدون تشريع دساتير حاكمة، تضمن العدالة والمساواة والمشاركة السياسية لجميع المكونات بدون إقصاء أحد، غاية المستعمر حتى تبقى شعوب العرب تعاني من صراعات داخلية تسهل له طريق إبقاء احتلالها الغير مباشر من خلال بقاء عملائه في حكم الدول العربية.

الشعوب العربية ناضلت من أجل الاطاحة بالأنظمة العميلة، لذلك الشعوب الحية العربية أسقطت عملاء الاستعمار من خلال الانقلابات العسكرية، لكن قادة العسكر طمعوا بالسلطة وانظموا إلى المعسكر السوفياتي المعارض إلى  الاستعمار الغربي في آسيا وأفريقيا، لعب السوفيت دور مهم في دعم استقلال شعوب آسيا وأفريقيا وتصفية آثار الاستعمار.

شعب العراق ومصر وليبيا والسودان والجزائر وسوريا وتونس واليمن قدموا تضحيات من أجل إسقاط الأنظمة العميلة، لكن أيادي الاستعمار كانت  طويلة، استطاعوا دعم قادة لكي يصبحوا عملاء لهم، بعد سقوط السوفيت، وتفرد أمريكا بزعامة العالم، عمدت على استهداف الأنظمة العربية الجمهورية رغم أن رؤساء هذه الجمهوريات قدموا الخدمات الكبيرة إلى أمريكا مقابل بقائهم بمناصبهم، والغاية استبدال هؤلاء الخونة في أنظمة شكلها ديمقراطي موالية للغرب، فقاموا في إسقاط نظام صدام الجرذ الهالك، وأرادوا فرض عملاء على شعب العراق لكن شعب العراق رفض العملاء واختصرت مقاومة مشاريع الاستعمار بالعراق على المكون الشيعي العراقي بشكل خاص.

دول الغرب لديها مشاريع، لكن كان ولازال لايمكن للغرب تحقيق أهدافه بدون وجود أرضية تساعدهم على تحقيق اهدافهم، لولا إجرام صدام بحق الشيعة والاكراد لما استطاعت أمريكا احتلال العراق واسقاط نظام صدام الجرذ، ولولا طفولية القذافي ورعونيته لما استطاع ساركوزي إسقاط نظام القذافي من خلال القصف الجوي في دعم الجماهير الليبية الغاضبة على إجرام القذافي.

في حقبة إسقاط نظام صدام الجرذ لم تكن روسيا قوية مثل اليوم، وفي حقبة الربيع كانت روسيا في بداية نشوء قوتها، ومن خلال الربيع تم إسقاط نظام تونس وليبيا ومصر واليمن  وكادوا يسقطون النظام في سوريا لولا صمود جزء كبير من الشعب السوري ودعم القوى المقاومة للدولة السورية، تدخلت روسيا عسكريا ومنعت سقوط الدولة السورية.

يحاول إعلام دول البداوة وخاصة إعلام قناة دويلة قطر من خلال قناة الجزيرة تصوير أن سقوط نظام  صدام الجرذ بالقول،   لم يعد صدام  مناسباً لأمريكا فأسقطته، القذافي لم يعد مناسباً لأمريكا فأسقطته، عمر البشير لم يعد مناسباً لأمريكا فأسقطته، علي عبدالله صالح لم يعد مناسباً لأمريكا فأسقطته، زين العابدين بن علي لم يعد مناسباً لأمريكا فأسقطته، حسني مبارك لم يعد مناسباً لأمريكا فأسقطته، أنور السادات لم يعد مناسباً لأمريكا فأسقطته، شاه إيران لم يعد مناسباً لأمريكا فأسقطته، سوهارتو إندونيسيا لم يعد مناسباً لأمريكا فأسقطته، ضياء الحق في باكستان لم يعد مناسباً لأمريكا فأسقطته، عمران لم يعد مناسباً لأمريكا فأسقطته، وحتى أن هذا المنافق الكذاب المرتبط في مشاريع الاستعمار أضاف هذا القول، أما بشار الأسد فقد انتصر على أمريكا.

أقول إلى هذا البوق الإعلامي المأجور، الثورة الإسلامية في إيران كانت ثورة شعبية قادها مرجع كبير من مراجع الشيعة وهو السيد الإمام الخميني رض واقتلع نظام الشاه والذي كان شرطي أمريكا والغرب بالخليج والشرق الاوسط، ولو كانت أمريكا وغيرها لديهم قوة لما تخلوا عن نظام الشاه، أنها إرادة إلهية تكللت أن يقود ثورة شعبية سيد ومرجع ليصل للسلطة بدعم شعبي قل نظيره بالتاريخ، بل بريجنسكي مستشار الأمن القومي الأمريكي وصف يوم انتصار الشعب الإيراني في الزلزال المدمر بالشرق الاوسط، مهمة الابواق الإعلامية بقنوات البداوة تشويه الحقائق وتصوير أن أمريكا هي من تحي وتميت والغاية من ذلك زرع روح اليأس والإحباط بين نفوس شباب العرب لعدم التفكير في العمل على إسقاط ومعارضة أنظمة الرجعية العربية.

مصر كانت قائدة للمشروع القومي الناصري، لكن وفاة عبدالناصر ومجيء السادات، والذي جعل من مصر تسلك طريق الاستسلام والذهاب نحو الغرب، لم تقبض مصر مقابل ذلك الاستسلام اي ثمن في تطوير مصر في المستوى الاقتصادي والصناعات الوطنية أو صناعات القطاع الخاص في مصر، الشعب من صفى السادات، ووصل حسني مبارك، الذي بقي في الاستمرار بمشروع السادات الخياني، الشعب المصري خرج بمظاهرات تطالب في رحيل مبارك، كان اتفاق مع حركات الإخوان مع جهات غربية، لسرقة ثورة الشعب المصري، لكن سخر الله عز وجل الجنرال السيسي ليقوم في افشال تلك الخطة وقبرها.

الإعلام الخليجي مهمته زرع روح الاحباط واليأس، إسقاط بن علي والقذافي وعلي عبدالله صالح وحسني ومحاولة إسقاط نظام سوريا والعراق كانت معدة مسبقا مع منظمات الإخوان المسلمين، وفعلا نجحوا بذلك نجاح جزئي، لكن لننظر الان على أرض الواقع، الغلبة للتيارات الوطنية في تونس وليبيا ومصر واليمن، أنظمة دول الرجعية العربية في الخليج والأردن والمغرب ‌‌‎مناسبين للغرب لذلك عملت دول الغرب على عدم إسقاطهم.

‌‌‎القذافي لم يسقطه الشعب، الطائرات الفرنسية  كان لها الدور المهم في إسقاط القذافي، تهريجات ابواق إعلام الخليج ومحاولة الايحاء أن أمريكا هي من تسقط، هذا دليل واعتراف صريح ان ربيعهم العربي كان أمريكيا وأن أبواق الجزيرة وبشكل خاص الإعلامي المرتزق فيصل القاسم، كان من ضمن  أدوات قوى الاستعمار لاستغلال الإعلام لتحريض الشعوب المسكينة   لاسقاط من لم يعد مناسبا للغرب.

حاولت دول الرجعية تمويل الانقلاب ضد اردوغان، لكن أردوغان قاوم الانقلاب بجماهيره، النتيجة فشل الانقلاب، وسيطر أردوغان على الجيش والدولة التركية والى الابد، واتجه نحو روسيا والصين وإيران بل وفكر في إعادة علاقاته مع سوريا، بالأمس وزير الطاقة التركي تحدث كيف كانت الشركات الأجنبية تتدعى عدم وجود غاز في تركيا ولكن حين تم الاعتماد على أبناء بعد سنوات من العمل تمكنوا من اكتشاف الغاز واليوم يحصدون ثمار عملهم، اليوم السودان بلد غني وبقية الدول العربية كم فيها من الخيرات الممنوع الاقتراب منها.

‌‎المشكلة ليست في إسقاط أمريكا المزعوم للأنظمة إياها،تكمن المشكلة في إسقاطات الإعلام الخليجي البدوي في زرع روح اليأس لتدمير الأمل في الأجيال القادمة، مانراه ‌‎عدم وصول الربيع إلى  حكام الخليج والمغرب والأردن،  لأن أسيادهم  راضين  عليهم، أمريكا برغم من قوتها وجبروتها الا انهم بشر 

فليس كل شي تريده يحصل، خاصة في الدول التي لاتعاني من صراعات قومية ودينية ومذهبية.

أتذكر في بداية الهجمة الإرهابية في سوريا، البوق الإعلامي الماجور فيصل القاسم استضاف عضو في مجلس الشعب السوري اسمه  شريف شحاتة، ورغم أساليب فيصل القاسم القذرة، كان رد شريف شحاته إلى فيصل القاسم وبلهجة شامية، إذا رأيت الشمس تشرق من الغرب النظام يسقط، هناك حقيقة أن نظام أردوغان لم يعد مناسبا لأمريكا فحاولت إسقاطه مرارا وتكرارا، وفشلت، لننتظر انتخابات يوم الرابع عشر من شهر ماي وسوف ينتصر ويفوز أردوغان، لأنه مدعوم شعبيا، إرادة الشعوب أكبر من أن تقهر،  لننظر إلى حجم العقوبات والحصار على إيران وكم مرة تم تدعم مظاهرات النتيجة سقطت تلك المراهنات وزادة من قوة الحكومة والدولة الإيرانية لأنها مدعومة شعبيا.

أعجبني تعليق من شخص على هراء فيصل القاسم، كتب هذا الأخ هذا التعليق، 

‌‎انت لست سياسي منصف شاه إيران لم تسقطه  أمريكا سقط على يد الإمام الخميني ولكن انت لا تحب أن تهزم أمريكا، كان جواب فيصل القاسم كالتالي،  هههههه، رد عليه هذا الأخ بالتعليق التالي، ما هو المضحك في الموضوع هل هذه اجابه ام لا يوجد جواب انت رجل سياسي يجب أن تكون منصف.

أحداث ‌‎السودان سيكون نسخة من الصومال، حاولوا إشعال فتيل صراع داخلي في مصر، فشلوا، النتيجة الجنرال السيسي هو من حكم، لننظر لدول الخليج اذا ما قبلوا على السيسي يعني اسيادهم لايريدون السيسي، هناك حقيقة ترويج الإعلام الخليجي للدور  الامريكى في إسقاط الانظمة، الغاية  تقزيم وتشويه سمعة القوى الوطنية، وتضخيم الدور الغربي لإخافة الشعوب العربية.

اي دولة بالعالم ومهما كان حجمها وقوتها، لا تستطيع ان تزعزع استقرار اى دولة ما لم يكن هناك خلل داخلى، اذا كان خلل داخلي كصراع قومي ومذهبي، فتكون أرضية تدخل  هذه الدول العظمى، أو تلك الدولة الإقليمية سهلة، يتم التدخل من باب الصراعات الداخلية المحلية، وتقوم  هذه الدول الاستعمارية بصب الزيت على النار المشتعلة من الأساس، في دعم مكون طائفي أو قومي ضد مكون اخر.

هناك حقيقة نظام ‌‎القذافي اكثر من ثلاثين سنة عندما كان مع السوفيت كان ممول ولاعب قوي في صراع السوفيت في الحرب الباردة مع أمريكا، خلق لهم مشاكل في القارة الافريقية، قوات الناتو  قصفت بيته، وقتلت إحدى بناته،  واسقط لهم  طائراتان وقام في الرد في قصف قاعدة عسكرية للناتو، بعد تفكك السوفيت وتفرد أمريكا بالعالم، وبعد إسقاط نظام صدام الجرذ، قدم القذافي تنازلات وتخلى عن برامج أسلحته، وفتح سفارات للناتو، النتيجة بالربيع اسقطوه، ولو باقي القذافي وغيره بالسلطة ليومنا هذا لتدخلت روسيا عسكريا لحمايه.

بكل الاحوال العالم يشهد صراعات مابين الدول العظمى الخمسة، لتقاسم النفوذ بالعالم، أكيد في نهاية المطاف سوف يصلون إلى تفاهم لتقاسم النفوذ، واكيد دول الشرق الأوسط وخاصة الأنظمة الجمهورية التي كانت مع السوفيت تكون من حصة روسيا والصين.

 

كاتب وصحفي عراقي مستقل.

 23/4/2023

 

ــــــــــــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك