محمد حسن الساعدي ||
لايختلف اثنان حول معنى الشهادة ، وما يعنيه الشهيد عقلاً ونقلاً وكيف أن طريقها صنع التاريخ والحياة للأجيال ، وقد يقف القلم عاجزاً أمام هذه التضحيات والدماء التي كانت القربان لنيل الحرية وتحقيق المساواة للمجتمع ، ولقد كانت لشهادة السيد محمد باقر الحكيم الوقع الأكبر في نفوس الشعب العراقي كونها جاءت بعد تضحيات كبيرة قدمها الحكيم من أجل خلاص شعبه وتحرير أرضه من براثن حزب البعث الشوفيني وصدام المجرم ، كما أن لاشك أن المسار السياسي الذي أنتهجه الشهيد الحكيم كان مساراً صعباً ومعقداً وكان لا يخلو من المزالق والمآزق والذي كان يحكم الظروف والمتغيرات في الواقع السياسي، حيث كانت المصاعب جمة وطريق ذات الشوكة ، ولكن في نفس الوقت كان الشهيد الحكيم مدركاً تماماً لهذا الطريق ويعلم جيداً حيثياته ، ولديه القدرة على التمييز بين المصالح والمفاسد ، لهذا نجد في خطواته الثبات والوعي والرؤية والإستراتيجية الواضحة للمشاريع السياسية التي وضعت طريق المعارضة على خط المواجهة المباشرة مع النظام أكثر من مرة ، واعترف الأخير بوجود شخص الحكيم كمعارض قادر على إيجاد المتغيرات على الأرض.
من خلال ما تقدم يتبين المنهج السياسي لشهيد المحراب والذي وضع أسسه وشكّل أركانه في ظروف صعبة والتحدي في مواجهة الديكتاتورية وقد ظهر جلياً هذا المنهج من خلال تأسيسه للمجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق ، حيث جمع هذا المجلس كبار القيادات السياسية الإسلامية وغير الإسلامية المعارضة في الخارج ، والمتتبع لمنهج الشهيد الحكيم يجد عمق الرسالة ووضوحها والاعتدال الذي تميزت به ، واستبعاد كل الوسائل والأساليب الملتوية والغير نزيهة ، واستخدام الألاعيب السياسية وفقدان المصداقية،لهذا كان نشاطه يثير قلق السلطة ويزعجها لدوره الفاعل في تصعيد حركة النهضة الإسلامية المعارضة ،ورعايته للمشاريع الإسلامية المتعددة وبروز دوره العلمي والاجتماعي ، إلى جانب أيمانه بالعمل المنظم وأهميته في توظيف طاقات الأمة وتحقيق مصالحها والوصول بها إلى حقوقها المشروعة ولاسيما في مجال مقاومة النظام البعثي، وان يكون الهم الوحيد في قضيته هي إسقاط النظام وإنهاء معاناة الشعب المرتهن .
الشهيد الحكيم كان محور العمل السياسي في الخارج ، وكان ملاذ السياسيين في المهجر ، حيث سعى النظام البعثي إلى كسر هذه الحلقة من خلال عمليات الاغتيال التي تعرض لها السيد الحكيم لأكثر من مرة سواءً في العراق أو في المهجر ، والتي انتهت بالفشل ، ولولا المنية كانت الأسرع لكان الحكيم اليوم هو القائد السياسي الأول الذي يقود العملية السياسية في البلاد ، وينهي هذه الفوضى التي تركها السياسيين في واقع المجتمع العراقي ، والتي لن تنتهي إلا بنهايتهم وخروجهم من دائرة العمل السياسي في البلاد ، لان القيادة لا تعني الحكم ، بل القدرة على صنع القادة من مكان القائد ، وقيادة المجتمع تحتاج إلى قائد يكون مدركاً لمفهوم القيادة ، وهذا ما لم ولن نره في واقعنا السياسي الحالي .