عبد الرحمن المالكي ||
اعلن رئيس مجلس الوزراء السيد محمد شياع السوداني مؤخراً، قراراه الحكومي بتمليك الدور السكنية لأخوتنا في المكون الازيدي في قضاء سنجار- محافظة الموصل، ويعتبر هذا القرار خطوة مهمة باتجاه دعم عودتهم الى مناطقهم واستقرارهم بهدف حماية التنوع الاجتماعي العراقي وإنصاف هذه الشريحة المهمشة كونها جزء اساسي من من مكونات الشعب العراقي.
47 عاماً من الانتظار حتى بزغ النور في قرار مجلس الوزراء في خطوة إيجابية على حسم ملف تمليك الأراضي للايز يديين في قضاء سنجار بمحافظة نينوى، ممن لم تتملك أراضيهم السكنية منذ عام 1975.
التمليك شمل الأراضي السكنية والدور في مجمعات (خانصور (التأميم) ودوكري (حطين) وبورك (اليرموك) وكوهبل (الاندلس) ناحية الشمال/قضاء سنجار)، وتل قصب (البعث) ناحية القيروان/قضاء سنجار)، ومجمعات (تل عزيز (القحطانية) وسيبا شيخدري (مجمع الجزيرة) وكرزرك (العدنانية) ناحية القحطانية(قضاء البعاج) إلى شاغليها.
وبحسب قرار المجلس، يكون التمليك بالقيمة التي تقدرها لجان التقدير وفقا إلى أحكام المادتين (7 و8) من قانون بيع وإيجار أموال الدولة (21 لسنة 2013) المعدل، واستثناءً من أحكام المزايدة العلنية استناداً إلى أحكام المادة (40) من القانون المذكور آنفاً، ويجري لاحقاً إطفاء بدل البيع على وفق قرار مجلس الوزراء (28 لسنة 2020).
فيما تتولى وزارتا المالية والزراعة أخذ الإجراءات القانونية اللازمة والسياقات المتبعة، لتغيير الاستخدامات المختلفة للأراضي المشيد عليها الدور في مجمعات (زورافا (العروبة) ودهولا (القادسية) ناحية الشمال /قضاء سنجار، وتل بنات (الوليد) ناحية القيروان/قضاء سنجار) ويجري تمليكها بعد ذلك إلى شاغليها.
وفق القرار الصادر من رئيس مجلس الوزراء، فأنه يتم تشكيل لجنة من الجهات المعنية ذات العلاقة ومنها، محافظة نينوى، وجهاز الأمن الوطني، والبلديات، والزراعة، والمالية لوضع الضوابط وتحديد المشمولين بتمليك الاراضي.
ولو اردنا الرجوع قليلاً و تصفح اوراق الماضي في عام 1975، وضمن السياسات التمييزية التي اتبعها النظام الدكتاتوري السابق عقب انهاء الحركة الكردية وتوقيع اتفاقية الجزائر عام 1975، تم اجلاء العراقيين الأيزيديين من 146 قرية تقع ضمن منطقة جبل سنجار، وتم تدمير تلك القرى عن طريق هدم المنازل وردم الآبار والينابيع بالاسمنت المسلح، وتجريف الأراضي والبساتين، ثم القيام بتجميع السكان المرحلين في 11 مجمعاً قسرياً تم اقامتها في شمال وجنوب جبل سنجار، ومنع المرحلين من الاقتراب من قراهم المهدمة مجدداً.
المجمعات القسرية الـ11 تم انشاؤها، بموجب تصاميم أساسية بأشراف لجان شكلت حينذاك، وتم توزيع قطع أراضي سكنية للسكان المرحلين، بمساحة 450 مترا مربعا لكل عائلة، وبقياس 15* 30 متراً، إذ تم منح كل عائلة مبلغا من المال قدره 400 دينار عراقي، بهدف بناء منازل لهم (من اللبن والاعمدة الخشبية والحصران) ضمن تصميم موحد وضعته اللجان المعنية حينذاك لكل المنازل، ولكن دون تسجيل تلك القطع في سجلات التسجيل العقاري رسمياً، ولم تتعامل الحكومة انذاك معهم على انهم عراقيين من الدرجة الاولى رغم انهم ينحدرون من الاصول السومرية.
وبعد مرور 47 عاماً من التهميش والحرمان و تجاهل تمليك الاراضي التي أقيمت عليها الدور في المجمعات الأيزيدية لشاغليها، قرر مجلس الوزراء مرخراً في جلسة الأمس التصويت على تمليك تلك الأراضي فمن حق أي عراقي ان يمتلك ارضاً في بلده تحويه ويسكن فيها.
أما فيما يخص الأضرار الناشئة عن قرار ترحيل الأيزيديين من قراهم عام 1975، فقد نتج عن عملية تدمير القرى الأيزيدية وترحيل سكانها الى المجمعات القسرية من قبل النظام السابق في عام 1975، أضرار بالغة على مختلف المستويات، وخصوصاً الاقتصادية والاجتماعية، وتمثلت الاضرار، في منطقة سنجار الى ضرر اقتصادي بالغ، فعلى الرغم أن حياتهم كانت تعتمد حينذاك على الزراعة وتربية المواشي، لكنهم حرموا من ابرز مقومات حياتهم الا وهي زراعة اراضيهم وبساتينهم في القرى التي كانوا يمتلكونها والتي دمرت بشكل كامل من قبل النظام الدكتاتوري السابق، ومنعوا أيضا من أدخال مواشيهم الى داخل المجمعات القسرية، إلا بحدود الاستعمال العائلي المحدود، وهو ما تسبب في فقدانهم بالكامل لمقدراتهم الاقتصادية في الزراعة وتربية الحيوانات، واضطرارهم للجوء الى العمل كفلاحين بالأجرة أو رعاة أغنام لدى الملاك في المناطق القريبة من سنجار، أو في مناطق تابعة لمحافظات أخرى، لتأمين أرزاق عوائلهم، لهذا، تردت الأوضاع الإقتصادية للأيزيدين في سنجار واصبحوا من أكثر المجتمعات العراقية في سنجار فقراً.
الايزيديين لا يمتلكون سندات ملكية لمنازلهم، فأنهم لم يتمكنوا على مدى 47 عاما من الحصول على أي نوع من انواع القروض العقارية او القروض التي تتطلب وجود سندات ملكية، وامتد الأمر الى عدم تمكنهم من الحصول على قروض زراعية بكفالة سند الملكية لشراء الآلات الزراعية وغيرها، وهو ما افقدهم حقاً يتمتع به الفلاحون في باقي مناطق العراق.
وعلى الرغم من أن سنجار هي الموطن التاريخي للعراقيين الأيزيديين، لكن كل الاهالي الايزيدين تقريبا (وعددهم في المنطقة كان يتجاوز 270 الف ايزيدي قبل دخول داعش الى المنطقة في 2014) لا يمتلكون ما يوثق ملكياتهم في المنطقة (باستثناء الايزيديين الساكنين في مركز قضاء سنجار ونسبتهم لا تتجاوز 8 – 10%، من عدد السكان)، وهو ما أثر سابقاً وما زال يؤثر بشكل متواصل على احساسهم بالانتماء للمنطقة التي يعيشون فيها، وعدم إحساس الغالبية منهم بأنهم مواطنون عراقيون، يتساوون في الحقوق والواجبات مع باقي ابناء الدولة العراقية.
الحكومة العراقية الحالية حسمت ملف الأراضي، بعد 10 أيام فقط من اجتماع جمع رئيس الوزراء مع المعنيين بالملف والذي يضم اعضاء من برنامج الأمم المتحدة (HABITAT) وخبراء عراقيين، وقد أكد الامين العام لحركة عصائب أهل الحق الشيخ قيس الخزعلي عبر تغريدته في حسابه الشخصي على موقع تويتر، أن قرار مجلس الوزراء بتمليك الدور للأيزيديين يأتي إنصافاً لشريحة عانت من الظلم والتهميش طوال عهود الحكومات والأنظمة التي توالت على العراق.
ــــــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha