مهند حسين ||
تمر علينا في هذه الأيام مناسبة أليمة وهي الذكرى السنوية لشهادة السيدة الزهراء (ع) والتي تتزامن مع الذكرى السنوية لأستشهاد قادة النصر ورفاقهم، وتعتبر هذه المناسبة من المناسبات المهمة للعالم الأسلامي عموماً والعربي على وجه الخصوص؛ لأن السيدة الزهراء (ع) تمثل خصوصية لدى الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم، فكانت السيدة الزهراء (ع) ترافق أباها النبي صلوات الله عليه وآله وسلم وتدافع عنه بكل بسالة وقوة ولاسيما عندما أتهمه الجاهلون بالسحر، وكانت تؤكد عبر حوارها مع نساء وفتيات قريش بلسانها الرقيق وأسلوبها العذب ومنطقها الرصين أنه ليس بساحر بل هو نبي هذه الأمة.
وكما دافعت السيدة الزهراء (ع) عن الرسالة فقد دافعت كذلك عن الإمامة، فلما هجم القوم على دارها، كانت قد منعتهم من دخوله، غير أن القوم أقتحموا الدار، ودخلوا على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) وأخرجوه من الدار، لكن السيدة فاطمة (ع) وقفت وصرخت في وجوههم رغم ما حلّ بها جراء الاقتحام، وقالت: والله لا أدعكم تجرّون ابن عمّي، ويلكم ما أسرع ما خلفتم الله ورسوله فينا أهل البيت، وقد أوصاكم رسول الله (ص) باتباعنا، ومودّتنا والتمسّك بنا، وذكرتهم بقوله تعالى: (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى)، وهذا الموقف منها (ع) فيه حجة واضحة على أنهم يتجرأون على أهل بيتٍ أَمر الله تعالى باتباعهم ومودتهم والتمسك بهم، ولقد أرادت عبر موقفها هذا أن تقارن بين ما نص التشريع عليه من حقهم ومقامهم، وبين قلب الأمة لهذا التشريع إلى الظلم لهم، والاستهانة بهم، وهذا فضيحة لهم.
وختمت الزهراء (ع) مواقفها الاحتجاجية على القوم، بأن أوصت أن لا يحضر أحد منهم جنازتها، ويعفى قبرها فلا يعرفها أحد، لتبقى هذه حجّة على جبين التاريخ تصل إلى كل طالب للحق والحقيقة، وتصل إلى كل من يسأل: أين قبر فاطمة؟ ولماذا أوصت أن لا يشهد جنازتها من القوم أحد؟ فيثيره ذلك البحث والاستفسار فيصل إلى حقيقة ما كانت الزهراء (ع) تناشد به وتدعو إليه لتعرف الأجيال طريق الحق فتتبعه حتى وإن كلفهم هذا الطريق حياتهم، وهذا ما شهدناه في زماننا الحالي من الذين ساروا على نهجها (ع) من الشهداء الذين دافعوا عن البلاد والعباد والمقدسات ولاسيما شهداء قادة النصر ورفاقهم.
ــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha