نعيم الهاشمي الخفاجي ||
نقرأ مقالات لمستكتبين وليس كتاب أحرار، يتحدثون عن الأبداع، وضرورة حماية إبداع المبدعين، بالحقيقة نحن أمة، ابتلت بسيطرة الأمم عليها، والمصيبة، أن العرب مبدعون حسب قول ابن رشد، بقدرتهم وقبولهم في التعامل مع المحتلين، وتقبل وجودهم على أراضيهم، لدينا نوابغ علمية لكن هؤلاء ليس لهم مكان في غالبية الدول العربية التي رسم حدودها الاستعمار، وصنع لهم أنظمة حسب مقاساته لخدمة مصالح الاستعمار وليس لخدمة ابناء الشعوب العربية المتسلطين على رقابهم بالحديد والنار.
علماء الاجتماع والنفس عرفوا المبدع، هو الشخص الذي يملك مجموعة من السمات أو القدرات التي يظهر تأثيرها في سلوكه، مثل الطاقة، والمرونة، والقدرة على الإدراك الدقيق للثغرات، والإحساس بالمشكلات، والأصالة في التفكير، ويكون الشخص مبدعاً إذا ظهرت لديه تلك السمات، والمبدع هو الذي يحاول توظيف قدراته للخروج بحل بسيط لبعض المشكلات أو المواقف التي كانت تبدو مستحيلة بالنسبة الى الناس، لكنها بسيطة لديه، لاتوجد بيئة عربية مجتمعية تسمح لابنائها في الابداع، الغالبية الساحقة من الدول العربية، واجب الكتاب والصحفيين والنخب الثقافية تطبل وتدعم الحاكم العربي الظالم والجائر، الدول العربية ليست من مصلحتها توفير بيئات مجتمعية في توفير مستلزمات الإبداع والانتقال السلمي للسلطة وقبول الرأي والرأي الاخر، وتطبيق العدالة الاجتماعية والمساواة وتوفيرحياة سعيدة، بل تتعمد الأنظمة العربية على محاربة أصحاب الرأي والرؤى الجيدة والمفيدة للمجتمع، لذلك الكلام عن المبدعين مضيعة للوقت وكذبة كبرى، الغالبية الساحقة من الإعلاميين والصحفيين والكتاب والمثقفين العرب يسيرون تحت ماتريده الأنظمة العربية الدكتاتورية منهم، فعن اي إبداع يتكلم هؤلاء المستكتبون، الإبداع قدرة عقلية تدفع الشخص للبحث عن الجديد وإنتاجه، فهل يستطيع المستكتبين في دول البداوة من دول الرجعية العربية المطالبة بحقوق المواطنة، وهي أبسط الحقوق الطبيعية للمواطنين في بلدانهم، أم يكون مصيره يودع في السجون، الشيخ المفكر السعودي حسن بن فرحان المالكي نقد ظلم بني أمية إلى آل رسول الله ص، النتيجة سجنوه وحكموا عليه بالإعدام لتطاوله على خال المنافقين معاوية الضال والفاسق حسب وجه نظرة غالبية علماء المسلمين من الصحابة والتابعيين.
الدول الغربية والتي تحكمها الدساتير وتتوفر لدى مجتمعاتهم وسائل وإمكانيات تساعد على الإبداع في مجالات العلم والمعرفة والأدب والفن والسياسة، بل أصبح لدى الغربيين علماء سياسة، يضعون خطط، وأفكارهم ورؤاهم تدرس في مراكز الفكر والمراكز الاستراتيجية، مثل هنري كيسنجر، زبغنيو بريجنسكي، وغيرهم من كبار منظري العلوم السياسية في أوروبا الغربية وأمريكا وكندا، لهم من الشهرة العالمية والتأثير في صناعة القرارات الدولية، النفوذ الفكري في الأوساط الغربية والعالمية، نعم هؤلاء مبدعون وافكارهم ورؤاهم محفوظة، أيضا الإبداع الغربي في عالم السياسة يشبه تفوقهم في الفن في هوليوود وغيرها، البيئات المجتمعية الغربية تساعد على التفكير السليم والناجح، ورأينا تلك الإمكانيات لدى انتقالنا إلى الغرب بسبب بطش وإجرام نظام صدام الجرذ ورفض النظام السعودي وبقية الدول العربية للعيش في أراضيهم، لذلك دول الاستعمار القديم والتي تحولت إلى الاستعمار الحديث ليسوا جادين في دعم أنظمة ديمقراطية تحترم شعوبها بالشرق الاوسط، لننظر للعراق اسقطوا نظام صدام الجرذ وتدخلوا بكل صغيرة وكبيرة، بل يريدون من ساسة العراق يغضبون لغضب المستعمر ناشر الديمقراطية ويفرحون لفرحه ويعادون الذي يعاديه.
عندما أقرأ مقالات عبارة عن هراء لمستكتبين عربان خدم لدى الأنظمة القمعية من دول الرجعية العربية يطالبون في حفظ الحقوق الفكرية والإبداعية، هذا المطلب بالذات يجعلني اضحك لحد القهقه، عندما تدقق في مطالب هذا المستكتب تجده كتب ليس لقناعته الشخصية، وإنما يؤيد كلام الحاكم مثل الملك أو ولي العهد والأمير، لأن الأمير قال يجب المحافظة على الملكية الخاصة، في تعريف الملكية الخاصة في دول الرجعية العربية يقولون، حقوق الملكية الخاصة، هي مجموعة الحقوق التي تحمي الفكر والإبداع الإنساني وتشمل حق المؤلف والحقوق المجاورة وبراءات الاختراع والعلامات التجارية والنماذج الصناعية، وغير ذلك، وأن المؤلف هو الشخص الذي ابتكر المُصنّف، ويعدّ مؤلفاً كل من نشر اسمه على المُصنّف ما لم يثبت خلاف ذلك. كما يدخل في مُسمّى المؤلف كل من يساهم في تأليف مُصنّف مرئي وصوتي؛ مثل مؤلفي النص، والسيناريوهات؛ وكتّاب الحوار.
في المكتبات الخليجية توجد عشرات آلاف النسخ لفقهاء الجماعات الإرهابية التكفيرية، هؤلاء هم من يصنعون المفخخين ولابسي الأحزمة الناسفة، وقاطعي رؤوس الأطفال والنساء والرجال، وآكلي قلوب وأحشاء ضحاياهم، فهل يتم حماية ابداعات هؤلاء المبدعين بالقتل والظلم والسبي، ياليت يتم حظر كل كتب المؤلفين العربان من ناشري الكراهية والقتل والفتن، لا أجد لدى المكتبات الخليجية شيء يستحق القراءة والاهتمام، بل وجدت قلة من الكتب المحترمة رغم قلتها في مكاتب لبنان وسوريا ومصر، والعراق بعد سقوط نظام صدام الجرذ الهالك ورغم إرسال العربان لعصاباتهم المفخخة والقتل والذبح، لكن عندما تذهب إلى شارع المتنبي تجد أفضل الكتب في كل المجالات، تذهب إلى مكتبات الكاظمية وكربلاء والنجف وبابل وواسط والناصرية تجد كتب تستحق القراءة والاهتمام بها.
عندما نتصفح مواقع التواصل الاجتماعية العربية لا تجد شيء إبداعي جديد، وإنما معلوماتهم بغالبيته من مؤلفي الجماعات الظلامية التكفيرية التي تشجع على الكراهية والقتل والبغضاء في اسم الله عز وجل كذبا ونفاقا.
واحلى نكتة مستكتب جاهل يقول أصبحنا مثل الشعير مأكول مذموم، اقول لهذا المستكتب حتى في نقلك للمثل العربي أخطأت بل المثل العربي يقول، مثل السمكة مأكولة ومذمومة، ونختم مقالنا هذا بقول قرأته قبل سنوات خلت يقول الشاعر،
مات الغني فقامَ الناس ما قعَدوا
ماتَ الفقيــرُ فلمْ يشْعُرْ بهِ أحَدُ
حتّى معَ الموتِ نافقْنا فوا عجَبي
مَنْ للمساكين إن ماتوا وإنْ وُلِدُوا.
نعيم عاتي الهاشمي الخفاجي
كاتب وصحفي عراقي مستقل.
25/12/2022
ــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha