حسين التميمي ||
الانتظار من التنظّر وهو توقّع الشيء، والانتظار المأمور به في المقام، هو توقّع دولة الحقّ على يَدي الموعود، والمؤمّل من لدن آدم وإلى زماننا هذا، فمثلا انتظارنا لشخص ما قادم من بعيد، ننتظره بفارغ الصبر.
ننتظره على الطريق الذي يأتي منه، نتابع الطريق جيداً، و نرى بين مدة وآخرى الوقت الذي يقطعه، نراقب طريق ذلك الصديق، و نتصل به من وقت إلى آخر، لمعرفة سلامته ووصوله الى نقطة معينة، فـ كيف اذا به ذلك الشخص منقذ البشرية؟ و صاحب العصر والزمان عجل الله فرجه الشريف، الا يستحق منا ان نراقب طريق قدومه، او على الأقل نتابع علامات تقربه إلينا، فهو الشمس التي ستشرق عالمنا المظلوم وابو هذه الأمة، الاجدر بنا ان نتابع الطريق الذي يأتي منه، وننتظر قدومه المبارك، فهو مهدينا (عجل الله فرجه الشريف) والقادم من الغيبة الكبرى، و منذ زمن طويل ولم نتصل به، ولا نعلم احواله ومتى قدومه، إلا من خلال متابعه ما ارشدونا اليه، أهل البيت الأطهار (عليهم السلام) فبمحرد الغفلة عن الطريق، قد يؤدي إلى ظهور الإمام المهدي عجل الله فرجه علينا بغتة ولا نعلم بظهوره، بالتفاني والإخلاص بالعمل، والانتظار الايجابي، ندرك قائم آل محمد عليهم صلوات ربي.
الغَيبة عند المنتظرين بمنزلة المشاهدة، عن أبي خالد الكابلي، عن علي بن الحسين (عليهما السلام) قال:( تمتد الغيبة بولي الله الثاني عشر من أوصياء رسول الله صلى الله عليه وآل والأئمة بعده، يا أبا خالد إن أهل زمان غيبته، القائلون بإمامته، المنتظرون لظهوره أفضل أهل كل زمان، لان الله تعالى ذكره أعطاهم من العقول والافهام والمعرفة ما صارت به الغيبة عندهم بمنزلة المشاهدة، وجعلهم في ذلك الزمان بمنزلة المجاهدين بين يدي رسول الله صلى الله عليه وآل بالسيف أولئك المخلصون حقا، وشيعتنا صدقا والدعاة إلى دين الله سرا وجهرا، وقال عليه السلام: انتظار الفرج من أعظم الفرج)١.
عدم الغفلة عن علامات الظهور الشريف، وفق أراء و اطروحات الباحثين الكبار، لكي نعلم متى واين يظهر، صاحب راية الحق الحجة عجل الله فرجه الشريف، ولا ننحرف من الطريق، الذي ننتظر به قدوم ذلك الشخص، الذي يحقق الاماني التي طال انتظارها، من قبل كل الأنبياء والمرسلين عليهم افضل الصلاة و السلام، والعمل على التمهيد له، ليس فقط بالدعاء كما أشار آية الله السيد علي السبزواري دامت بركاته (الإنتظار ليس مجرد طقوس، بل عمل ورؤية وتربية، وموقف يتخذه المؤمن ليكون مستعداً لتلقي الفيض الربوبي بظهوره الشريف، وبذلك يدخل المنتظر في زمرة المؤمنين به عليه السلام، والراضين بفعله السالكين على نهجه والعاملين بتوجيهاته لكونه عليه السلام امامهم وقائدهم، فإن كانت الطقوس من دعاء ونجوى من روافد هذه العملية التربوية للإنتظار فلا بأس بها، وإلاّ لم يكن لها التأثير المطلوب).
عندما ننتظر شخص ما مدعو الى منزلنا، سنعد المنزل لاستقباله، كترتيب او اعداد وجبة الطعام او امور أخرى أيضا، فما الذي اعددنا لصاحب الطلعة البهية؟ المنتظر المهدي عجل الله فرجه الشريف، و صاحب الحق الذي يملأها قسطاً وعدلاً، لماذا لا نعد انفسنا في انتظار ظهوره؟ وعلى طريق رايات الهدى، المتمثلة بهدى المرجعية الدينية، واقصد هنا مراجع النجف الاشرف وقم المقدسة، المراجع الكبار حفظ الله الباقون منهم ورحم الله الماضون.
١_ بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٥٢ - الصفحة ١٢٢