عباس الاعرجي ||
من المدينة إلى نيسابور ومن كرمان إلى بغداد .
ما سر هذه الاسفار يابني البشر ، لماذ شدًَ الرحال إمام العرب علي بن موسى الرضا الى أرض العجم ، ولماذا هاجر سلمان الفارسي من بلاد العجم الى أرض العرب .
وهل حققت يا أيها الانسان عن علة هذا البيان ولو بعد حين من الدهر ، لماذا جاء الوصي ليستشهد في نيسابور أرض فارس ، ولماذا ذهب الفارسي ليستشهد في مطار بغداد أرض العرب .
سيدي القارئ الكريم ما أرويه لك الأن ، ليس قصة حب قد خطرت على بالي وقام يراعي بنسج حروفها ولا هي من وحي الخيال .
بل هذه هي حقائق التاريخ أمامنا و أمامكم بماضيه وحاضره ، فاقرؤا ما تيسر منه .
إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَذِكْرَىٰ لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ .
فماذا عساني أن أفعل ، وأنا أرى خاتم الأنبياء محمد (صلى الله عليه وآله وسلم ) النبي العربي وهو يحتضن الفارسي سلمان ، ألذي يعتبر من أخلص الشخصيات التي رافقته في مسيرة حياته الجهادية .
وماذا عسانا أن نفعل ونحن المأمورون بطاعة من زكَّاه الإله بجعله أحد حواري نبينا المصطفى.
وماذا عسانا أن نفعل ، وتسعون بالمئة من علماء السنة والشيعة هم من الفرس الإيرانيين العجم ، بل وأُزيدُك علماً يا أيها العارف الفطن ، أن صاحب الفتوى المقدسة هو من هذه القومية .
... ( إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ) ...
وما دورنا نحن العباد ، إذا كان هذا هو ما يريده رب العباد ، وما دورنا نحن العباد إذا كانت هذه هي مشيئة الباري المنان في خلقه هكذا إقتضت في تنظيم إدارة هذا الكون ، وتثبيت دعاماته في بغداد أو في نيسابور ، والتي من شأنها أن تعيد التوازن لهذا الكوكب .
ولكن بالرغم من كل هذه البيِّنَات الواضحات ، إلا أننا نجد بعض الناس من لا يرغب بسماعها ، إما جهلاً أو عناداً ، أو ممن إنسلخوا من عقال الإنسانية والوجدان وأرخوا العنان لشهواتهم ومآربهم الدنيئة .
وعليه ومن خلال ما تقدم من الادلة يتضح لنا ، أن العرب والعجم هما من تقاسما الادوار لنجاح هذه الرسالة السماوية .
فلماذا هذا التجافي والإنكار والتمادي في المبالغة بخصومة أُناس قد شاركونا وما زالوا ، وما زال دم شهيدهم لم يجف بعد في مطار بغداد .
فعروج ألارواح الطاهرة لكوكبي الشهادة سليماني الكرماني ، وجمال البصري إلى باريها معاً ، أجل معاً ، هما اللذان أقضًَا مضجعي ، وجعلاني أُقلب ألاوراق من جديد .
فلماذا إختارت السماء معية العرب والعجم مرةً أخرى ، لاسيما وأنهما من رواد صنف العسكر ، فبحساب المنطق وخطورة المهنة كان يفترض أن وداع أحدهما عن الآخر هو الأرجح .
ولكن جزى الله التايخ الذي أخذ على عاتقه تصحيح المسار وإعادته الى جادة الصواب ، لأن الحاقدون من أشباه الرجال كلما بعد الزمان بهم ، يظنون أنَّ بمقدرهم العبث بقانون الاتحاد والاندماج ، وإبعاد الشعبين عن هذا التلاق ، متناسين أن اليد الإلهية لهم بالمرصاد لتقويم هذا الاعوجاج .
فرحيل الشهيدين إلى مثواهم الاخير وبنفس المركب ، لم يكن من باب الصدفة إطلاقاً .
بل هو تخطيط السماء ومن ورائه ألف ألف هدف .
وأخيراً نقول :
لهؤلاء ألمعاندين أن عنادكم يا سادتي ، لايُعفيكم من الإذعان والإقرار بحقيقة التاريخ ، وأن عقيدتكم التي تؤمنون بها أنتم وآبائكم ، لا يمكن أن تنال شفاعة الواحد المنان ، دون أن تُقَبَّلَ أقدام سلمان الفارسي قرين المصطفى (صلى الله عليه وآله وسلم ) ....
https://telegram.me/buratha