مانع الزاملي ||
التاريخ مليء بشواهد عديدة لاتحصى من ظواهر ظلم متنوعة ،ولعل قصة فرعون هي الفانتازيا الاشهرفي تاريخ البشرية،ذلك الرجل الذي طغى في الارض وتجبر ، اذل بني اسرائيل واذاقهم الويلات ،ولم يكن هو الطاغية الاول بالتأكيد ولم يكن الاخير في سلم الطغاة، برغم النهاية المأساوية والمصير البشع الذي انتهى اليه، ملوك كثيرون انتهوا مشنوقين ، ولم يمنع هذا المصير كثيرين من ان يغرموا بالملك .
لا احد يتعظ من احد عندما يتعلب الامر بالسلطة ,فهذه اللعينة تمتلك عصا سحرية تُعمي بها بصيرة كل من يسعى خلفها، كالخمرة تماما مع فرق بسيط هو ان سكرتها لايذهبها الا الموت ، او الثورة،
التاريخ البشري المكتوب يحكي لنا عن ان الطغاة والجبابرة كانوا هم القاعدة السائدة على الارض منذ ازمان بعيدة،بينما حكم الديمقراطيات وغيرها من طرق الحكم الاكثر حكمة وعدالة - كانت مجرد ومضات خافتة لم تدم طويلا في نفق تاريخي مظلم تسيده الظلم والاستبداد ، لكن لماذا تستهوي الكائن البشري اوهام العظمة والاستعلاء على الاخرين ؟
والمرء لايولد طاغية ، انما يصعد سلالم الطغيان خطوة خطوة ، وقبل كل شيء هو بحاجة لتربة خصبة تحتضن بذور تجبره ، ومن اقذر العوامل التي تشجع الطاغية اي كان موقعه، سواء كان رئيسا لبلد ،او حزب او مجموعة ، هو وجود مبررون مخدوعون بعوامل نفعية او فئوية تجعلهم يرون كل مايقوم به الطاغية صحيح ومنطبق مع الشرع والعرف ،ويروجون لذلك ويصفون المعترضين بعدم الموضوعية وسوء تقدير الموقف !!
وبجانب الثلة التي تقوم بدور التبرير يأتي دور المنفعة الشخصية والفئوية التي غالبا مايتبعها همج رعاع يرددون مقولة ( الفلاني مسدد من الله ) حتى وان احرق الدنيا ومافيها وظلم البلاد والعباد!
وهذه الحاضنة من المطبلين تكيف افكارها ونطقها وقلمها مع الطاغية ،ويتوارثون هذه الصفة لابناءهم واخوتهم ظلما وعدوانا ،اما الافكار والتصرفات التي يقوم بها الطغاة ،ليست لاقناع اتباعهم او حتى انفسهم ، وانما مجرد شكليات وبروباغاندا تساهم فقط في جعل مظهرهم يبدو لائقا ومتحضرا امام الاخر البعيد!
ان تقديس القادة الضعفاء هو لغرض جعلهم طغاة لذلك ترى البعض يروي الاكاذيب والقصص والاساطير التافهه لكي يقنع الاخرين بعظمة من يروجون له ،ومن علامات الطاغية الفاشل هو السلبية وعدم الدراية وانعدام المشاريع ذات الفائدة ، وابعاد اهل الحبرة والنزاهة والدراية ،
والتاريخ القديم والحديث يروي لنا اقزاماتسيدوا وعظماء واكابر تم تقزيمهم من الثلة المطبلة التي تصنع الروايات والافتراءات ضدهم ، وهذا لايكاد تخلو منه كل مجموعة تشيدت على التمييز والتفرقة الموجودة في الواقع، وان لم تجد فسيقومون بصناعتها مستغلين صمت الاغلبيةلا سباب مصلحية تدعهم يتخذون موقف اللامبالاة ازاء كل ظلم يحصل ، ولو ان الطغاة تركهم من يدافع عنهم لسقط عنهم هذا الجلباب البالي المتعارض مع الفطرة والدين ، ان التصدي لمن يستخدمون الافكار المقدسة والمواقع القيادية وتسخيرها للمنافع الشخصية والفئوية واجب على كل مثقف مطلع ويتطلب ذلك اتباع منهج التبيين الذي اشار اليه القائد ، وهل هنالك تبيين اقدس من فضح السراق والظالمين والمساومين !
ـــــــــــ
https://telegram.me/buratha