ازهار ال عبد الرسول ||
دللول يالولد يبني دللول عدوك عليل وساكن الجول
ترنيمة بصوتٍ عذبٍ ترددها الامهات حين نوم صغارها، كأنها سمفونية (بتهوفن) تحنو بها على فلذات أكبادها، وحضن دافئ وقبلات على جبين الصغير ومباركات وتهاني من قِبل الأهل والأقارب بمولود جديد فتح عينيه ليرى أول أشراقة شمس بأبتسامة أمهِ وفرحة أبيهِ في بلاد تُسمى بلاد الرافدين.
أخذ الأب يناغيه بُني أنت عزي وفخري وسند لأهلك من بعدي، فقد أنتظرتك زمناً طويلاً الآن أرتحتُ وذهب همي وأنتَ فيما بعد ستحمل جنازتي، وستُخلفني في اهلي. كن على قدر المسؤلية رؤوفاً بأمك عطوفاً بأخوتك وعوناً لذي حاجة.
وها قد أصبحتَ شابا ًذي قوةٍ يُعتمد عليك، فقد سنحت لك الفرصة بعمل في(قاعدة سبايكر في تكريت) أذهب، كن شجاعاً أحمي ظهرك وظهر إخوتك من غدر الخونة والاعداء.
أخذ الفتى بالنصيحة وودع أبوه وأمه وكُلهُ أمل وتفائل، قد إلتقى بأقرانهِ من الطلاب وكون صداقات على عجالة، يكاد قلبه يطير فرحاً وطرباً، ولايعرف ما خبئ له الزمن من غدر وخيانة على يد من يشاركهم الأرض والقومية.
قام زنيمون وعتاة الوطن، بظلام الليل وأذرع الشيطان المُتوغة في عروق أرضنا، بمكيدة ومكر خبيث لهولاء الفتوة والحداثة ليقضوا عليهم، فسرعان ما قضوا نحبهم فسقط صريعاً مع زملائهِ في نهر (دجلة الخير) أسرع من البرق أحتضن النهر أجسادهم الطاهرة، فغطغط الفرات تأسيا على ما حل بشقيقه (دجلة).
وبكى بسيل من تحطم الأمواج ممزوج بالدماء على ضفتيه الذي جُعل لوذاً للحمائم (بين الماء والطين / الجواهري) يُخبر العالم ويضج بما حصل ليصبح شاهداً للتأريخ، على جريمة يندى لها الجبين بيد أشباه الرجال وما هم برجال خسيسيّ الولادة عُتُل.
أنتشر خبرهم بين مصدق ومكذب حتى مُلئت شبكات التواصل، صور قتلهم ورميهم بالنهر من قِبل الدواعش، ليدبوا الخوف والذعر في نفوس الناس.
تفيق من الأغماء أُمهُ وتصطدم بالواقع المرير، ولسان حالها يقول بُني لماذا لم تقاوم ؟!
لماذا لم تدافع عن نفسك ؟!
لماذا أستسلمتم للموت؟! لماذا... لماذا ...؟
الم تعرف كيف يكون حالي بفقدك، فقد أُفرِيَ كبدي وتقطعت أنياط قلبي، ألم تعرف أنني أموت ألف موتةً في اليوم لا يطيب لي شيء؛ فقد زهدتُ بالحياة، لن أنساك أنت أمامي أينما ذهبت وحللت، وكيف أنساك وأنت نور عيني ومهجة فؤادي، فقد أرضعتك بدل الحليب حباً وحنان، لا أقدر على فراقك بُني فقد طار لُبي؛ وسهر ليلي فلم تهجد عيني وترى النوم، أراك طفل-صغيرا- غلاما- شابا- يافعا، أحلم في تزويجك وأرى أحفادي حولي ، حلم كل أم.
لماذا سُلب هذا مني؟
ما الذنب الذي أقترفته حتى تقتل هكذا بدم بارد!على يد أبشع خلق الله، هل ذنبك أنك عراقي؟! أم أن ذنبك أكبر من ذلك ؟! هل حب (علي) عليهم السلام جريمة يُحلل بها دم وعرض [مالكم كيف تحكمون] سأندبكَ وأبكي عليكَ ما بقي لي من سنيني، مصيبتك لوعة تأجج بها ناري كلما خمدت، وتحرق أحشائي فلا بردت، تراني أبحث عن كومة تراب أجعلها قبراً ومزاراً ليتني حصلت على جثمانك النقي . آه بُني ليتني حصلت على جثمانك.
لسان حال الشهيد:
أُمي لا أبكى (الله) لكِ عين فقد أَرَقَّ بكائكِ هجعي، ودموعك مضجعي، لا تلوميني كنت أحسبهم أخوة لنا في الدين والقومية، أخذونا على حين غِرة وفجأة ذبحونا. أمي تأسي بفاجعة (علي الاكبر) وتصبري من تصبرهم فقد ذهبت أروحنا ضريبة حبهم وموالاتهم، ندفعها بسيل من الدماء الى أن يشاء الله.
أمي لاتحزني لابد للصبح ان يبسط النور بتأججه، ويذهبُ الليل الاليل وغياهب تلججه، بأشراقة تعم بها البلاد ويندحر بها الفساد وتنعم بها العباد بقرب الميعاد(يرونه بعيدا ونراه قريبا)
لتقر عينك وعين كل أم شهيد.
ــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha