علي عنبر السعدي ||
الحشد كما عرفته الشعوب ونظرت إليه باحترام كبير، هم أولئك المتطوعون للقتال ، حين يتعرض وطنهم لأخطار داخلية أو غزو خارجي تهدد سلامته وأمنه ..
العراقيون هم أول من عرف ظاهرة الحشد ، ففي عام 2120 ق/م ، حين تعرضت المدن السومرية لاحتلال الغزاة " الجوتيين" القادمين من شتى بقاع الأرض ، لكن شباب المدن السومرية ،تنادوا لتحرير أرضهم وتطوعوا للقتال في أول حشد عرفته الشعوب ، وبعد سلسلة من الانتصارات ،تمكن " الحشد" السومري من طرد الغزاة واستئصال وجودهم .
في 2014م ، تعرض العراق الى غزو الإرهاب الداع/شي المتجمع من شتى بقاع الأرض ،وقد تمكن الداع..شيون من احتلال مدن عراقية ومناطق شاسعة ووصلوا تخوم بغداد ، فعاثوا قتلاً وتدميراً ..
لم يبق للعراق من يحميه ، وفي أوقات عصيبة وغير معقولة ، حدثت سلسلة انكسارات ماكان يجب أن تحدث ،وتفككت قطعات كاملة من القوات النظامية ،حتى تلك البعيدة عن ساحة المعركة ، ووقعت مجازر مروّعة ، دون معرفة حقيقة ماحدث أو كيف حدث ؟؟ .
وقف العالم بين شامت وشاتم ومتفرّج ومتسائل ، في وقت تعالت الأصوات من داخل العراق : سياسيين واعلاميين ومثقفين وناقمين وفضائيات ومواقع تواصل بالمئات ،بما خلاصته : وداعاً للعراق – انتهى العراق – لم يعد هناك عراق .
لكن وكما في معجزة قدرية ،نهض شباب العراق ، وبصوت ملؤه الإيمان بالعراق صاحوا : لن ينتهي العراق .
جاءوا من كل المدن العراقية ،في أسرع وأضخم ح.شد في التاريخ الحديث ،ليخوضوا سلسلة من المعارك توّجتْ بسلسلة من الانتصارات.
تلقفتْ صدورهم الأحقاد الداع.شية ،وطعنتْ ظهورهم الأحقاد الإعلامية ، والمزاعم السياسية ، والمزايدات بالوطنية ، وكلها تجمعت في مصبّ واحد : اقتلوا ذلك الوليد الخطر ، كي تكملوا قتل العراق – ارموا طفل هكتور من فوق الأسوار ،ولاتتركوا ابناً لأب بتلك البسالة (*) .
لكن لاطروادة العراق سقطتْ ، ولا ابن هكتور قُتل ،فقد تبيّن إنه عصي على مايرسمون .
أيها الح.شد .أنتم نهر ثالث يسقي شرايين العراق .كي لاتتيبس فيه جذور الاخضرار ..
(*) في ملحمة الإلياذة لهوميروس ،وبعد احتلال طروادة المنيعة ، بحيلة الحصان الخشبي ، أمسك الأعداء بطفل هكتور الشجاع قائد المدافعين عن المدينة ، فرموه من فوق الأسوار قائلين :كيف نترك طفلاً لأب بكل تلك البسالة ؟؟ سيكون وجوده تهديداً لنا
ـــــــــــ
https://telegram.me/buratha