نعيم الهاشمي الخفاجي ||
الرمز يعني قائد أو زعيم ديني أو سياسي لمحاربة الاستعمار ونيل الاستقلال، كل أمة من أمم الأرض لهم رموز دينية وقبلية وسياسية، وكل أمة تجد ناس تحيط بالرموز، وخاصة إذا كان الرمز وطني تجد التفاف ملايين الناس مستعدة لتقديم الغالي والنفيس من أجل الدفاع عن الرمز الوطني وخاصة في البلدان التي تعاني من اضطرابات وصراعات داخلية لايحكمها دستور ولا مؤسسات وإنما تدار من قبل مجاميع سياسية لجماعات عرقية ودينية ومذهبية متصارعة.
كل شعوب العالم تفتخر بوجود رموز وطنية، على سبيل المثال في مملكة الدنمارك وفي البوابة الرئيسية للبرلمان الدنماركي يوجد نصب كبير لفارس يعتلي جواده، عندما تقرأ مامكتوب للتعريف بهذا الرمز تجده ملك دنماركي اسمه فريدريك السادس الذي عاصر ارتدادات الصورة الفرنسية وعندما خرج الشعب الدنماركي رافضا حكم الملك والكنيسة، الملك لم يأمر قواته في قتل المواطنين وإنما طلب منهم أن يجتمعوا معه، بعد الاجتماع، الملك اقترح على الجماهير أن يتنازل عن صلاحيات ويبقى ملك دستوري رمز، والشعب ينتخب رئيس وزراء، ردت فعل الجماهير الدنماركية كانت مؤيدة لمقترح الملك ونصبوا له تمثال كبير وشامخ وضعوه في بوابة البرلمان يؤدون له التحية والاحترام والتقدير.
لذلك كل شعوب العالم لديهم رموز، وهذا الأمر ليس يخص شعب معين او فئة أو ديانة أو مذهب، هناك بعض أصحاب الفكر الشمولي ينتقدون أصحاب الديانات السماوية بسبب احترامهم وتقديرهم إلى الرموز الدينية، بينما نفس هؤلاء الذين ينتقدون الفئات المتدينة، تجدهم أيضا لديهم مفكرين وفلاسفة يعودون إليهم ويبجلوهم وينظرون لهم نظرة احترام وتقدير حالهم حال اتباع الرموز في الديانات السماوية.
القول أن العراقيين يصنعون رموز فقط هذه كذبة كبرى، الرموز موجودة في كل دول العالم مع وجود فارق بطريقة التعاطي مع هذه الرموز، الدول التي تحكمها الدساتير والمؤسسات يكون التسابق بين زعماء الأحزاب في كيفية خدمة المواطنين وكسبهم، أما في الدول التي لايحكمها دستور اكيد يتم تجويع واذلال الشعوب من قبل الحاكم المعين من دول الاستعمار لكي يبقى المواطن خانع لايطالب في حقوق المواطنة والعدالة الاجتماعية.
الطغاة يحاولون قمع الجماهير واذلالهم لكي يبقى سلطان حكمهم، بحقبة نظام البعث مرت علينا سنوات لانستطيع أن نتكلم وإذا تكلمت ولو بالتلميح لنقد البعث يكون مصيرك السجن والتغيب والقتل، صدام الجرذ استعان بكل الأشرار والسيئين من قتلة ومجرمين وعمل له فيالق اعلامية تضم إعلاميين مدربين أفضل تدريب لخداع الناس، ويتم عقد ندوات للشعراء لتمجيد صدام الجرذ وتسبب هؤلاء المرتزقة أن صدام الجرذ طغى وتكبر، وارتكب ابشع الجرائم في قتل ملايين البشر، انا شخصيا عندي مئات القصص المرعبة التي لازالت تلاحقني بكوابيس ليومنا هذا، وزارة الصناعة قامت بتصنيع آلاف الاصنام إلى صدام الجرذ ونصبت في كل المدن والقصبات والقرى، بيوم سقوط نظام صدام الجرذ سقطت معه اصنامه وتماثيله، وهرب المجرمين والقتلة بطرق مذلة ومخزية.
الرموز الدينية وخاصة الرسل والأنبياء أدوا رسالتهم للبشرية، ومكانتهم في قلوب الناس، لذلك من السخف، تجد هناك فيالق اعلامية تحاول التشكيك ومحاولة الطعن في شخصية الرسول والنبي، أو محاولة الإساءة للرموز الدينية المرجعية، أو تجد هناك من يحاول استهداف الرموز الفكرية والثقافية في أي حضارة، يحاولون التعرض للحياة الشخصية للرموز الثقافية ومحاولة تجريحهم واسقاطهم، هذه المحاولات فاشلة، لأن كل رمز ديني أو سياسي أو قبلي لديهم جماهير محيطة بهم، وهناك من قام بنسج قصص عن بطولات ووضعوا عليه قداسة، لايمكن لأي صعلوك النيل من تلك الرموز الدينية والوطنية.
هناك فرق مابين مهاجمة الرموز والاسائة إليها ومابين تنتقد الأشخاص، للإصلاح وليس للانتقاص وتشويه السمعة والتدليس، لذلك احترام الحضارات، ورموزها الفكرية، واجب أخلاقي وانساني، بل وجدت آيات قرآنية تلزم المسلم بعد التعرض إلى ألهة ورموز الغير مسلمين، احترام الرموز عامل إنساني، لذلك يفرض على الأطراف الأخرى أيضا أن تحترم رموز الاخرين.
صرفت مليارات الدولارات لحرق محافظات الوسط والجنوب خلال الأربع سنوات الماضية، دربت فيالق اعلامية وعصابات للعبث في أمن مدننا، تم قتل الكثير من المواطنين، النتيجة تم هزيمة هذه القوى الشريرة التي أرادت استهداف مكون معين دون غيره، بحيث هناك من هرب من العراق عبر طرق برية وليس عبر مطارات خوفا أن يقعون في أيادي السلطات الأمنية.
خلال وجودي بالغرب عندي صندوق مسلمين سنة وشيعة ووهابية ومسيح وهندوس وايزيديون، ولادينيين، عندي أصدقاء هندوس نفسهم يعترفون أن المسلمون الشيعة الهنود أكثر الناس محترمين لأنهم لا يسيئون لرموز ومقدسات الهندوس، على عكس التيارات الوهابية التي تعتبر عدم التعرض لمقدسات الهندوس مثل الاصنام المنحوتة للآلهة والابقار مخالفة لشرع الله، لذلك يفترض عدم الإساءة إلى الرموز الدينية والوطنية
لأي ديانة سواء كانت سماوية أو وضعية، من المؤسف نقرأ ونشاهد بعض الأفراد يحاول الإساءة إلى نبي أو كتاب مقدس ظنا منه انه يسقط هذه الديانة، هذا الاعتقاد هراء لأن مكانة الأنبياء وقداسة الكتب السماوية المقدسة رسمت وحفرت في قلوب المؤمنين، رحم الله عبد المطلب جد رسول الله ص
استيقظت قريش ذات يوم على أصوات المغيرين يتقدمهم فيل عظيم لأبرهة الحبشي الطامح لصرف الناس عن الحج لمكة، فنادى عبد المطلب قريشا أن احجزوا إبلكم واحموها واتركوا أمر البيت «فإن للبيت ربا يحميه».
كاتب وصحفي عراقي مستقل.
3/12/202
ـــــــــــ
https://telegram.me/buratha