نعيم الهاشمي الخفاجي ||
طبيعة البشر يكون ضحية للصراعات ويتم استغفال عقله من أصحاب الأجندات، عندما شاء القدر أن اولد عربي ومسلم في العراق من خلال ابوين عربيين من قبيلة عربية أصيلة، ومن بيت متدين يتبع مذهب آل بيت رسول الله المطهرين الأطهار، تكالبت علينا كل قوى الشر والظلام، لم نفعل ذنب يستحق أن نتعرض لكل هذا القتل والإجرام، قتلونا بأبشع الطرق بظل صمت عربي واسلامي ودولي، ذنبنا الوحيد كوننا شيعة ال بيت رسول الله ص، قتل وهجر وهاجر من شيعة العراق ملايين الناس، لم نرى مجتمع دولي وقف معنا، وحتى عندما أسقط بوش الابن صدام الجرذ أيضا كذب ولم يوفي بوعده في دعم اكذوبة الديمقراطية بالعراق، جربوا كل اسلحتهم المصنوعة من اليورانيوم المنضب، تدخلوا بشكل ونوع الحكومات العراقية، بل فرضوا على ساسة العراق كيف يأكلون ويلبسون وابلغوهم إياكم التعاقد مع شركات أوروبية أو صينية لعمل محطات توليد كهرباء….الخ.
رأينا إبادة شعب اليمن من قبل التحالف السعودي الوهابي، يوم أمس تكشفت بالعلن مطالب السعودية من أهالي اليمن التخلي عن الولاية، نعم قالها علي البخيتي أمس طلبوا منا التخلي عن ولاية علي بن أبي طالب ع، نحن بعالم منافق لا يعير اي اهمية لدماء وكرامة العرب والمسلمين في دول الشرق الأوسط.
لننظر إلى أحداث الصراع الروسي مع الناتو بالساحة الأوكرانية، حرب رغم أنها محدودة ليست مثل وحشية حروب صدام الجرذ الهالك ضد إيران والتي استمرت ثمان سنوات أو حرب احتلال الكويت، أو قمع صدام الجرذ إلى انتفاضة آذار عام ١٩٩١، الحرب الحالية رغم محدوديتها وهي على وشك أن تتوقف إلا أن تطوراتها كانت سريعة وما نجم عن هذه الحرب رغم محدوديتها ،لكن حدثت تداعيات كبيرة على المستوى السياسي والاقتصادي، تنبئ بأن المعركة الحالية رغم محدوديتها لكن الاصطفاف من قبل الناتو ينبىء أن هناك ولادة عالم متعدد الأقطاب.
أنا شخصيا ضد الحروب وامقتها وامقت كل من يشعل الحروب، هناك قول إلى المناضل الأمريكي من أصل أفريقي قالها قبل اغتياله في عام 1968، الناشط الأميركي الشهيد من أصول أفريقية هو مارتن لوثر كينغ (الحرب هي فأس سيئة لنحت الغد).
الحرب هي مأساة، نعم مأساة، التقارير الإعلامية ذكرت إحصائيات المنظمات الدولية المتخصصة أعداد النازحين والمشرّدين واللاجئين الأوكرانيين داخل أوكرانيا وخارجها، آخر الإحصائيات صدرت في الأسبوع الماضي، عن منظمة الهجرة الدولية تؤكد أن 6.5 مليون أوكراني يعيشون نازحين في بلادهم، منذ بداية الحرب. وأن 3.5 مليون أوكراني لاجئون في بلدان أوروبا مجاورة، 10 ملايين أوكراني، بين نازح ولاجئ، في شهر واحد.
انا شخصيا عشت تجربة العيش تحت قمع جرائم صدام الجرذ، ورأينا كيف العالم المنافق ساعد صدام الجرذ في إبادة أبناء الوسط والجنوب العراقي لكونهم شيعة، وايضا استهداف ابناء الشمال الكوردي لكونهم اكراد، عشت تجربة لجوء قاسية، تم وضعي في سجون آل سعود أربع سنوات، ربما أحد المهتوكين يكتب في اسم مستعار وهو كاتب وصحفي صهيوني سوف يقوم بمهاجمتي ويحاول الإساءة إلينا بالقول أنتم ذهبتم إلى السعودية، اقول لهذا التافه اعتبرنا مثل أبناء قومك الذين هربوا بالحرب الدائرة الآن في أوكرانيا، العالم كله فتح لهم كل شيء، نعم لاجئون يختلفون عن لجوئنا، واتمنى العالم يحتضن كل اللاجئين بنفس هذا الأسلوب من الترحيب والرعاية والاهتمام، ومن المعروف أن اللاجئين في مختلف بلدان العالم وإن تشابهوا في مناحٍ كثيرة، يختلفون في أوضاعهم المعيشية، الاختلافُ ناجم عن تباين الدول الحاضنة الى اللاجئين، لكن رأينا هناك فرق بين لاجىء ولاجئ في الأحداث الأخيرة الجارية في أوكرانيا..
عشت حقبة اللجوء هناك دول رفضت استقبالنا لم تفتح أمامنا كل الأبواب لا في الداخل ولا في الخارج، ولم أجد أي اهتمام لا من حكومة البعث ولا من النظام السعودي الذي قتل منا عشرات الأشخاص، لم نسمع كلمة من المجتمع الدولي تطالب في تحسين أوضاعنا، كانت الدبابات والشرطة السعودية تفتك بنا قتلا وتعذيبا، تصوروا كنت مصاب بقرحة مزمنة تم قطع العلاج عنا وعشت بوضع مؤلم ورحم الله الشيخ كاظم آل ريسان شيخ قبيلة حجام ورحم الله العقيد عبدالمنعم الديوان ابو سعد كانوا يجلبون لي علاج عن طريق بعض معارفهم في المعارضة العراقية السابقة.
رأينا أيضا كيف تم تسليم أفغانستان إلى طالبان بطريقة متقنة بحيث لم يعطوا حتى الوقت الكافي لقوات تحالف الشمال لتجميع قواتهم لمواجهة طالبان، رأينا كيف تعلق آلاف الأفغان بالطائرات للهرب، العالم شاهد سقوط لاعب كرة القدم الأفغاني عن الطائرة ومات بطريقة شنيعة، لم يتم توفير طرق لنزوح الهاربين من حركة طالبان الإرهابية والتي بنظر زعيمة الناتو أنها حركة معتدلة وديمقراطية، شعب اليمن تعرض لأبشع جريمة قتل وتجويع بالتاريخ الحديث، العالم شاهد طفل يمني قتلت عائلته بقصف جوي سعودي، الطفل ممسك بوالده ويطلب منه النهوض، جريمة تهز الضمير الوجداني الإنساني،
لكن للأسف الموقف الغربي تجاه مأساة اليمن ينظر بنظرة عوراء فاقدة للضمير الإنساني، انا جدا سعيد عندما أرى العالم يساعد النازحون واللاجئون الأوكرانيون بطريقة ممتازة، انا عشت هذه الظروف القاهرة وأعلم حجم هذه المعاناة، ما نراه حول دعم الاوكران هو أفضل دعم بتاريخ البشرية الحديث، حتى الذين بقوا في الداخل الأوكراني، يجدون العون والتشجيع من حكومتهم، ومن المنظمات الإنسانية ذات الصلة، لدينا شاب أوكراني صديق دائما اتصل به يخبرني وضع الطعام للمواطنيين في كييف ممتاز، حيث لا يوجد مواطن واحد يشعر بالجوع، وملايين الاوكران من الذين انتقلوا إلى بلدان أخرى، وجدوا كل ترحيب، ولم يناموا في العراء، أسباب عديدة وراء ذلك لا مجال للخوض فيها. وعلى سبيل المثال، رأينا وصول اللاجئين الأوكرانيين إلى الدول الأوروبية، عندنا بالدنمارك كل الإمكانات مسخرة لخدمة المواطن الأوكراني تنقلات مجانا مجرد يعرض وثيقة اوكرانية، معظم المطاعم توزع الطعام مجانا على اللاجئين الاوكران، لدينا شباب عراقيين لديهم محلات حلاقة يحلقون إلى الاوكران بشكل مجاني، شعب الدنمارك يتعامل مع الأوكراني بطرق محترمة ورائعة، كل دول أوروبا سخرت إمكانياتها لخدمة اللاجئين الاوكران، في بريطانيا الحكومة أصدرت قرارات في تسهيل دخول اللاجئين الاوكران، ياليت هذا الاهتمام يشمل لاجئين آخرين من أفغانستان والعراق وسوريا، وصلوا بريطانيا بسبب الحروب، وخاصة وصول لاجئين أفغان عقب عودة طالبان إلى الحكم، بريطانيا شاركت في غزو أفغانستان كان يفترض تحسن رعاية اللاجئين الأفغان، دخل بريطانيا آلاف من اللاجئين وصلوا إلى بريطانيا عبر القنال الإنجليزي على قوارب الموت، أو الذين جاءوها هاربين من هونغ كونغ لكن تم تركهم في معسكرات اللجوء سنوات بدون اعطائهم لجوء، أحداث أوكرانيا أظهرت أن العالم الغربي رغم تبنيه العلمانية والديمقراطية لكنه تعامل بطريقة مختلفة بتعامله مع اللاجئين الذين قدموا من الشرق الأوسط وبين اللاجئين الاوكران، هل لكون عيونهم زرقاء وبشرتهم شقراء وشعر رؤوسهم أصفر، وهل بسبب دينهم مسيح…..الخ.
عندما تراجع تاريخ وعدد الحروب والغزوات والانقلابات التي نفذتها أمريكا منذ نشأتها، لا بد ان تطلق عشرات الضحكات وانت تتابع المواعظ الأخلاقية الأمريكية والتنديد الأمريكي بالغزو الروسي لأوكرانيا، شيء مؤكد بالنسبة لي هذا ليس تأييدا للغزو الروسي ابداً، بل تذكير بالمثل القائل، طبيب يداوي الناس وهو عليل.
في الختام الحروب ضحاياها الفقراء من عامة الناس، انا كشخص يساري أرغب أن أرى عالم تسوده العدالة والانسانية، كلامي هذا يثير ضجر وسخط العملاء والخونة من عملاء الاستعمار، تزعجهم كلماتي، لأنهم مجرمين قتلة حالهم حال القاعدة وداعش لكن بلباس مدني للأسف،
لا أخجل من شيء في بلادي إلا من حقارة المنافقين وتعدد أوجه المرتزقة.
العالم العربي معتاد على قبول العيش تحت سلطة المحتلين، توجد جينات وراثية عند غالبية العرب وخاصة اتباع السلف بقبول المحتلين والمستعمرين والتعاون معهم، نحن نتكلم عن مأساة أوكرانيا وعالمنا العربي يعيش في قعر الجاهلية والتخلف والانحطاط الأخلاقي والقيمي، عندما نتابع الإعلام البدوي تجدهم يتطرقون إلى مصطلح الإسلام فوبيا، اقول إلى هؤلاء يوجد مفهوم الإسلاموفوبيا المنتشر في الغرب والذي يعني كراهية المسلمين، يوجد أيضا مفهوم الشيعة فوبيا حسب قول الصديق المفكر المصري سامح عسكر، (الشيعة فوبيا المنتشر في المجتمعات السنية والذي يعني كراهية الشيعة..
من يكافح الإسلاموفوبيا ويصمت عن الشيعة فوبيا هو كذاب ويساهم في تدمير مجتمعه وبالتالي صدق دعاوى خصوم الإسلام في الغرب).
نختم مقالنا في اقتباس للكاتب والروائي الروسي تولستوي صاحب رواية الحرب والسلام حيث قال( أنا أعرف آراءك، وما هي بالآراء الشخصية كما تظن، وإنما هي ثمرة الزهو والجهل وكسل الفك).
نعيم عاتي الهاشمي الخفاجي
كاتب وصحفي عراقي مستقل.
6/4/2022