ماجد الشويلي *||
*مركز أفق للدراسات والتحليل
بعد أن فسرت المحكمة الإتحادية نص المادة (70) من الدستور العراقي على أن نصاب جلسة انتخاب رئيس الجمهورية هو حضور ثلثي أعضائه والتصويت له في الجولة الأولى
تعقد المشهد السياسي بشكل أكبر وتقلص هامش المناورات السياسية خارج الأطر التقليدية التي فرضتها فلسفة الديمقراطية التوافقية على النظام السياسي الحالي.
ومن جملة ما أفرزه قرار المحكمة الاتحادية آنف الذكر وأعجل ماترك من تداعيات هو المخاض العسير لانعقاد جلسة مجلس النواب يوم 26 من هذا الشهر .
إذ لم يقتصر الأمر على صعوبة تحقيق هذا النصاب الاستثنائي فحسب وإنما تخطاه الى مستوى يمكن معه الجزم بعد القدرة على تمرير مرشح توافقي لرئاسة الجمهورية في ظل المشاحة والتجاذبات السياسية القائمة والقيد الذي فرضه قرار المحكمة الاتحادية .
ويبقى التسائل هنا مامصير التوقيتات الدستورية وماذا لو استرسل البرلمان بإخفاقاته لترشيح رئيس الجمهورية
هل سيكون لتخطي التوقيتات الدستورية أثر ببطلان الترشيح لرئاسة الجمهورية أم ماذا.
يبدو أن المحكمة الاتحادية قد أقرت بقرارها المرقم 51/ لسنة 2010
وأكدت فيه أن لايوجد نص دستوري يحول دون استمرار رئيس الجمهورية في ممارسة مهامه الى مابعد انتهاء الانتخابات النيابة .
والأهم من ذلك هو اعتبار التوقيتات الدستورية الواردة في هذا الشأن مدة تنظيمية وليست مدة لسقوط مبدأ انتخاب رئيس الجمهورية.
ما يعني أنها تعطي الضوء الأخضر لإعادة الكرة في محاولات عدة حتى بلوغ النصاب والتوافق على ترشيح رئيس للجمهورية .
وهو أمر يخدم العملية السياسية واجتهاد يؤمن القدر الضروري للحيلولة دون انزلاق الأمور وتدهورها أكثر .
إلا أن ثمة ملاحظات قد يجدر ذكرها في البين هي ؛
أولا :- ففي البيان الذي أصدره مجلس النواب مؤخرا حول احتمالية حل مجلس النواب ذكر في إحدى فقراته؛ إن "آليات حل مجلس النواب مقيدة بنص المادة ٦٤ من الدستور وملخصها ان المجلس يحل بالاغلبية المطلقة لعدد اعضائه بخيارين لا ثالث لهما الاول بناء على طلب من ثلث اعضائه، والثاني طلب من رئيس مجلس الوزراء وبموافقة رئيس الجمهورية".
لكن المحكمة لم تتقيد بنص المادة 59 والتي حددت نصاب جلسات مجلس النواب بالأغلبية المطلقة وتقيدت بنص المادة 64.
ثانياً:- أن المادة 72 /ثانيا قد نصت كذلك على أن رئيس الجمهورية يستمر في أداء مهامه على أن يتم وهنا نضعها بين قوسين (على أن يتم ) انتخاب رئيس جديد خلال ثلاثين يوماً من تاريخ انعقاد أول جلسة للبرلمان.
ما يعني أن المحكمة اجتهدت في تفسير المادة (70)
واعتبرت أن الثلثين هما نصاب انعقاد الجلسة وانتخاب رئيس الجمهورية معاً
الخلاصة ؛ هي أن الكتل السياسية التي وجدت نفسها في الأمس مطوقة بقرار المحكمة الاتحادية حول تفسير المادة 70 وجدت لها فسحة كبيرة للمماطلة والتسويف في قضية انتخاب رئيس الجمهورية بعد أن تخلصت من قيد التوقيتات الدستورية.
كما أن المحكمة الاتحادية في بيانها الأخير قد أكدت على آلية المادة 64 لحل مجلس النواب وهي آلية معقدة أيضا بعد أن فقدت أحدى شروطها وهو وجود مجلس وزراء أو على الأقل رئيس وزراء يتمتع بأهلية دستورية كاملة لحل نفسه .
بل وحتى لو اتخذ مجلس النواب الحالي بأغلبيته المطلقة قراراً بحل نفسه فسيصطدم بدستورية بقاء رئيس الجمهورية المنتهية ولايته واللازم مصادقته على قرار محلس النواب لحل نفسه.
ــــــــ
https://telegram.me/buratha