حسن المياح ||
وأكيدآ غدآ، وكل ما يتكرر حال الغرق في البصرة، وهو سيتكرر ويعاود، يحتاج الى تعطيل الدوام الرسمي، لقلة عدد المشاحيف والبلام والشختورات، لنقل الموظفين الى دوائرهم، والمواطنين الى تمشية معاملاتهم وتوفير إحتياجاتهم الضرورية، وهذه مكرمة حاكمية طغيان..
قول الحق وكلمة العدل والصدق يفقد الإنسان الصديق، ولذلك الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام قال " ما ترك الحق لي من صديق "، بمعنى أن سيرته المستقيمة العادلة المؤمنة الصادقة قد أفقدته الكثير من الناس، لأن الحق والعدل والإستقامة، سلوكها صعب ثقيل، لا يقدر عليه المنحرفون والفاسدون والسارقون والناهبون، وما الى ذلك من ( أكثر الناس ولو حرصت عليهم بمؤمنين ) ..
الإنسان العبد الصالح والطالح، لما يتعرض الى خطر، أو حاجة، أو أنه يريد حلآ لما هو فيه من مشكلة ومعظلة، فإنه يتوجه الى ربه، ويدعو بقلب مؤمن سليم، سواء كان هو في سلوكه الحياتي الطبيعي ذا قلب مؤمن صادق نظيف سليم مستقيم ؛ أو هو لم يكن كذلك، وهكذا، ولكنه ما دام هو في ضيق وحاجة وخطر، فأنه مرغم ذاتيآ -- صدقآ أوغشآ فيما يعتمل داخل النفس -- على أن يكون هكذا، متوسلآ ربه أن يتقبل دعاءه، وييسر له ما تعسر عليه من حلوكة ظرف، وتعقيد مشكلة..
والبصرة -- طبيعتها الحياتية التي هي عليها طوال عقود من السنين، وواقعها، وكل ما هو فيها واليها -- أنها مظلومة وعلى الدوام، ومحرومة ومتروكة ومهملة وبإستمرار، ومعاقبة دومآ إتحاديآ ومحليآ، و" كذلك شعبيآ لأسباب عديدة متعددة متنوعة تخص المواطن البصري بما هو عليه من وعي، وثقافة، ومسؤولية، وتكليف، وضمير، ومحاسبة، ومعاتبة، ومن وجود حركي عامل فاعل مؤثر ""، وأنها مهملة، وقد ضيعت، ولا يزعل علينا من يصفها ( البصرة ) بأنها بالقريب العاجل ستكون جوهرة، أو زهرة، أو وردة، أو درة، أو بهجة الخليج ...، لما هو الخليج من جواهر وزهور وورود ودرر وبهجات من العيش والعمران، ومن الخدمات والراحة والإستجمام، والإستقرار والإهتمام، فهذا الواصف والناعت يشعر ويؤمن، ويحس ويرى ويعتقد، أن الحال الطبيعي المنسجم للبصرة هي أن تكون جوهرة (وهذه هي حقيقتها بما وهبها الله من نعم وبركات وثروات، لا منة لحاكم أو أي أحد فيها ) وزهرة ووردة ودرة وبهجة الخليج، وبها يضرب المثل، لأنها المثل الأعلى في التطور والمدنية، والتحضر والنهوض، والتألق والشموخ الحياتي السعيد المترف المستقر الأمين.
نرجع الى صاحبنا المتورط في مشكلة، أو المضطر الذي يحيق به الخطر، وما الى ذلك من أحوال، فإنه يدعو ربه صادقآ مخلصآ متجردآ شغوفآ متوقعآ يقينآ أن دعاءه سيستجاب، فيدعو ويقول، بعدما تزدحم كلمات الدعاء وتتنافس الظهور على اللسان، وهي قبلآ الراتبة في العقل والقلب والضمير 《اللهم علمك بحالي ..يكفيك عن سؤالي》.
ما أبلغه وأشجعه من دعاء، وما أنظفه وأطهره من إقتراب، وما أضخمه وأعظمه من يقين وعي رجاء، وما أبهاه من كلمات يتوسل بها وتقال دعاء، وما أسلم قلب من دعا بها وهو المؤمن بأن لا ناصر له ولا معين إلا الله سبحانه وتعالى ربه الغفور الرحيم، الواسع العليم، وما أسلمه من توجه قانع معتقد ركين، وما الى ذلك من تعداد ما يتبع صيغة " ما " التعجبية في اللغة العربية، لما تطلق على ضخامة وفخامة المسؤول، والمسؤول عنه..وما صغر وضئالة السائل كجرم وجود إنساني ضعيف هزيل صغير ؛ لكنه ضخم كبير جليل مقامآ لما يكون بين يدي جبار السموات والأرضين حين يدعو ويسلم كل قياده ووجوده اليه، فيكبر ذلك الداعي، ويعظم بما هو سائل ربه وحده، وهو المنتفش يقينآ، والمنتعش إطمئنان إستجابة دعاء.
لذلك " البصرة " بما هي موجود كريم من مخلوقات الله سبحانه وتعالى، وقد أصابها خطر الفيضان، وإنعدام الخدمات، والإهمال المتعمد وغير المقصود كلاهما بإجتماعهما، بسبب فساد وصعلكة المسؤول في الإغارة والسلب والنهب والإستئثار والإجرام، فأنها تشكو الى الله سبحانه وتعالى مظلوميتها، وفقرها، وعوزها، وحرمانها، وكل النقص في خدماتها، وكل سلبياتها التي هي عليها فرض وجود حاكم ظالم طاغ دكتاتور متفرد مستأثر ناقم، وإحتياجاتها وما الى ذلك من سلبيات ونقوص وإنعدامات، ووجودات نهب وفساد..
وهي لا تريد أن تعدد شكواها الى الله سبحانه وتعالى، لأنها مؤمنة معتقدة بأن الإلاه الجليل المطلق الذي تدعوه، هو العالم والعارف والداري والمحيط والمستوعب بما يدور في عقلها وضميرها، ويعتمل في نفسها وشعورها ووجدانها، وما يتجمع ويزدحم على عظمة لسانها .....، لذلك البصرة تكتفي وتقنع بأن تدعو ربها الرحيم بها، المنتقم من عدوها، على أساس الحق والعدل والإستقامة والصدق بهذا القول كدعاء صارخ واله، من قلب محترق معذب يجأر ويستغيث، مناجيته سرآ وعلانية، بربي وإلهي السميع العليم 《 علمك بحالي ... يكفيك عن سؤالي 》..
ولا نريد أن نسترسل بالنقد الموضوعي الشجاع المفتش المحقق، لأن المسؤولين -- والبعض منهم القليل أصدقاء لنا -- يشكون منا نقدنا الموضوعي الصاعق، ويقول عنه أنه لاذع مقحم مر ثقيل، موجع مؤثر يقض المضاجع ويعكر صفو الإسترخاء والثراء الذي هم فيه أليم .... لذلك آثرنا في مقالنا هذا بالخفيف من النقد الموضوعي الجاد الذي ينسجم مع الظرف الحالي الذي تعانيه البصرة كمحافظة، ويزعم أنها ستكون زهرة وجوهرة الخليج، بمفهوم ومصداق البيئة البدوية الصحراء الرملية الخلاء من المدنية، والخواء من الخدمات والإستقرار؛ وليس المقصود من الخليج هو دوله من مثل: الإمارات بدبيها وأبي ظبيها، والكويت وقطر والسعودية وعمان والبحرين المطلة على الخليج العربي ...وليس -- طبعآ ومميزآ -- منها العراق من خلال إطلالة محافظة البصرة، لأنها ( وأنه العراق ) تعيش بداوة خدمات خواء هواء، ولكن مدنية ناس تعلموا وأنهم يمتازون بحياة مجتمع متحضر..
ــــــــــــ
https://telegram.me/buratha