ماجد الشويلي *||
قد يظن البعض أن زيارة طحنون للجمهورية الاسلامية هي الزيارة الأولى له
عقب ما شهدته المنطقة من أزمات وصراعات ، نجم عنها اصطفافات حادة كانت ولازالت تنذر بنشوب حرب إقليمية شاملة.
في حين أنها الزيارة الثانية بعد زيارته الأولى التي جاء فيها مطمئناً للإيرانيين من أن المناورات الاماراتية الاسرائيلية المشتركة لاتستهدف الجمهورية الاسلامية.
وهذه الزيارة في حقيقتها جاءت تلبية لدعوة من الأمين العام للمجلس الاعلى للأمن القومي الايراني علي شمخاني
الأمر الذي حدد سمتها الاساس وامكننا من وصفها بالزيارة الأمنية الصرفة.
و بلحاظ جملة من المتغيرات والتطورات على الساحة الأمنية والسياسية وأهمها تصاعد احتمالية عودة الولايات المتحدة الى الاتفاق النووي ، والتهديدات الاسرائيلية بالاعتداء على ايران في حال حصل ذلك.
الجانب الايراني من جهته كان يؤكد على الدوام من أن بإمكان دول المنطقة صياغة ستراتيجية أمنية مشتركة بعيدة عن التدخلات الاجنبية فيما لو عقدت دول الخليج العزم على ذلك .
إلا أن الرؤية الخليجية المتباينة حيال ملفات المنطقة والتدخل الاجنبي المباشر في قراراتها الستراتيجية حال دون التوصل لتحقيق تلك الستراتيجية .
وعلى مايبدو ومن خلال التحرك الدبلماسي النشط الذي تقوم به الامارات في محاولة لتصفير ازماتها العالقة مع الاتراك والسوريين وحتى مع اسرائيل أنها تيقنت من أن الامريكان بصدد اعادة التموضع في المنطقة بل وعموم العالم .
وأن أمريكا ستضطر مرغمة للقبول بالشروط الايرانية في الملف النووي ، وستعمد لتخفيض التزاماتها مع حلفائها وشركائها في المنطقة كخيار وسط لاستيعاب الانعكاسات السلبية الناجمة عن الفراغ الذي سيخلفه اعادة التموضع .
من هنا تسارع الامارات في تسابق مع الزمن لتشبيك مصالحها الاقتصادية مع الايرانيين لانها تدرك حجم النهضة الاقتصادية التي ستشهدها ايران ، سواء برفع العقوبات عنها أو بتفعيل عضويتها كمركز تجاري مهم لمنظمة شنغهاي.
الامارات تدرك ماذا يعني تفعيل صادرات النفط الايرانية من ميناء (جاسك )العالمي وتأثيراته في السوق العالمية .
وهي تدرك ماذا يعني أن تفقد المنظومة العربية الحماية الامريكية العسكرية.
فالانسحاب الامريكي المفاجئ والسريع ولد ردة فعل اصابت شركاء امريكا بالذهول، ودفعتهم لاعادة حساباتهم الامنية من جديد.
لانقول ان الامارات ستصبح حليفة لايران مطلقاً. الا انها ادركت ان ايران قوة ثابته في المنطقة ان لم تكن هي الاقوى فثباتها هذا يمنحها (التفوق) على كل القوى المتحركة الاخرى في منطقتنا كالولايات المتحدة واسرائيل.
وقد يجدر بنا أن نؤشر لبعض النقاط الهامة في هذا السياق وهي على النحو الآتي؛
اولا :- إن الاماراتيين يعتقدون بإمكانية ادارة الرؤية المتباينة بينهم وبين الايرانيين من النافذة الاقتصادية
ثانياً:- ايران من جهتها حريصة على تبديد مخاوف دول المنطقة وتطمينها حال
انسحاب الولايات المتحدة الامريكية
ثالثاً:- الامارات تسعى لتشكيل مجموعات عمل مشترك لازالة المعوقات في طريق تطوير العلاقات بين دول المنطقة
رابعاً:- الايرانيون معنيون بفرض عزلة سياسية واقتصادية على اسرائيل كأولوية قصوى في تطبيق ستراتيجية تضييق الخناق على الكيان الصهيوني وصولا لقطع انفاسه
خامساً:- للامارات تنافس وتسابق محموم مع السعودية تسعى من خلاله لقيادة المنظومة العربية بدلاً عنها واستباقها لتطبيع العلاقات مع ايران قبل السعودية ياتي في هذا السياق ايضاً
سادساً:- الايرانيون يعتقدون أن تشبيك المصالح الاقتصادية الموثوقة مع دول المنطقة من شأنه أن يؤسس لرؤية أمنية مشتركة فيما بعد .
سابعاً:- الاماراتيون يحاولون الالتحاق بطريق الحرير من البوابة الايرانية للتخلص من المشروع السعودي البديل
ثامناً :- الإيرانيون يرون أن الاماراتيين أكثر تعقلاً من السعوديين في فهم المتغيرات وادارة التناقضات في المنطقة
تاسعاً:- يبدو أن الاماراتيين ينتابهم شعور بفشل مشروع الابراهيمية الجديدة لذا وقفوا على سكة قطار العودة من المحطة الايرانية .
*مركز أفق للدراسات والتحليل
............
https://telegram.me/buratha