المقالات

معضلة تشكيل الحكومة


  محمد عبد الجبار الشبوط ||   تشكيل الحكومة العراقية معضلة. والمسألة المعضلة هي المسألة الصعبة العسيرة ضيقة المخارج. والعراق في ذلك مثل لبنان واسرائيل، ومثل بلجيكا، احيانا. والسبب في ذلك ليس النظام البرلماني، حتى  نتوهم ان الحل في النظام الرئاسي. انما السبب يكمن في سوء تطبيق النظام البرلماني. ومساويء النظام البرلماني العراقي دستورية وقانونية فضلا عن اسباب ناشئة من الواقع السياسي العراقي الموجود. دستوريا هناك ثغرة "الكتلة النيابية الاكثر عددا" الواردة في المادة ٧٦، وكان الاصح ان يقال الكتلة ذات الاغلبية البرلمانية اي النصف زائد واحد، كما هو الحال في بريطانيا. قانونيا، هناك الثغرة الكبيرة الموجودة في قانوني الاحزاب والانتخابات  والذين يسمحان بظهور احزاب صغيرة وصغيرة جدا واحزاب مجهرية ولا يشجعان على ظهور احزاب كبيرة او متوسطة.  واما ثغرات الواقع السياسي فكثيرة منها: فكرة الاستحقاق الانتخابي التي فسرت بانها مشاركة الجميع في الحكومة. اي لا توجد معارضة. وهذا هو معنى المحاصصة الحزبية؛ و انقسام المجتمع الى مكونات قومية او طائفية، وغياب المواطنة؛ ومنها تحول العمل السياسي الى صراع على المكاسب وليس تنافسا على الخدمة العامة. وغير ذلك.  يتطلب تشكيل الحكومة من الناحية الواقعية ان تتفق كلمة المكون الشيعي على مرشح بعينه، اولا، وان يتحقق قبول المكون السني والكردي بهذا المرشح ثانيا، هذا اضافة الى قبول او على الاقل عدم معارضة بعض المدن المحلية والاقليمية والدولية على هذا المرشح "المبخوت"، خاصة وان اي خلل في هذه المعادلة سوف يؤدي الى الغاء الترشيح (مثال الجعفري) او زعزعة الحكومة القائمة واسقاطها (مثال عادل عبد المهدي). اليوم لم تعد مسالة تشكيل الحكومة سهلة، بل قد تكون فعلا معضلة.  على الصعيد الشيعي هناك شخصان متخاصمان هما السيد مقتدى الصدر ونوري المالكي. وليس من السهل اتفاقهما على مرشح واحد يمكن ان يقال عليه انه مرشح الشيعة كما تقضي تقاليد المحاصصة المتبعة منذ عام ٢٠٠٣. وقد يسعى كل طرف منهما ان يشكلا "الكتلة النيابية الاكثر عددا". وقد يبدو الامر اسهل بالنسبة لمقتدى الصدر الذي يملك عددا من المقاعد النيابية اكثر مما يملكه المالكي. لكن الرجلين بحاجة الى كسب المكون الكردي والمكون السني. ويبدو ان المكونين لا يحبذان الاتفاق مع طرف شيعي على حساب طرف ثانٍ. ولذا قد يكون من غير الممكن ان يكسب السيد مقتدى لوحده او المالكي لوحده ثقة المكون السني والمكون الكردي خاصة ان المكونين يخشيان من الاتفاق مع احد الطرفين الشيعيين  لوحده لملاحظات لهما على كليهما. فليس كل المكون السني او كل المكون الكردي يثقان بالسيد مقتدى لوحده او المالكي لوحده بسبب هذه الملاحظات. وهذا يعني ان الثقة السنية والثقة الكردية الضروريتين لتشكيل الحكومة ليست في متناول اليد بالنسبة للسيد مقتدى او المالكي لوحدهما. وهذا مأزق. ومع ان مخارج هذا المأزق ضيقة الا انه توجد بعض الخيارات الصعبة، منها اثنان: اما تشكيل حكومة اغلبية سياسية كما دعا المالكي قبل سنوات وفشلت دعوته، او حكومة اغلبية وطنية كما ينادي السيد مقتدى الصدر الان، وقد تفشل الدعوة ايضا. اذا لنترك هذا الخيار الان، ونطرح الخيار الثاني وهو: توحيد الاطراف الشيعية كلها بتحالف نيابي واحد، كما كان عليه الحال في الدورات السابقة، واعطاء السيد مقتدى الصدر حق ترشيح رئيس الوزراء باعتباره صاحب الكتلة الشيعية الاكثر عددا، على ان يحظى مرشح الصدر بموافقة وتأييد الاطراف الشيعية الاخرى المنضوية في التحالف الشيعي. قد يوسّع هذا الخيار باب الخروج من المعضلة، وقد يحظى بقبول المكون السني والمكون الكردي بطريقة مريحة، وقد يحظى بقبول العواصم والمدن ذات التأثير بعملية تشكيل الحكومة العراقية.

 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك