الشيخ الدكتور عبدالرضا البهادلي ||
▪️الحق والباطل والخير والشر في كل زمان أوضح من الشمس ، والا فلو كان الحق والباطل ليس بالوضوح التام ، فكل إنسان يوم القيامة سوف يحتج على الله تعالى بعدم معرفته للحق والباطل، لأن ذلك صعب مستصعب ، نعم عدم وضوح الحق عند بعض الناس أو الأكثر ليس لأن الحق والباطل من الأسرار ، وإنما لاختلال الموازين والمقاييس والرؤية والمصالح والأولويات وعدم طهارة القلب والعقل وحب الدنيا والأنا والنظر إلى زوايا بعيدة وغير ذلك مما يمنع عن رؤية الحق بشكل سليم.......
▪️وقصة الحسن البصري مع أمير المؤمنين عليه السلام توضح لك حقيقة الأمر، فالحسن البصري ليس شخصا عاديا وإنما من مشاهير وعلماء هذه الأمة وقضاتها ومن المعروفين بالعبادة والزهد ، ولكنه احتاط في معركة الجمل فلم يقف مع أمير المؤمنين عليه السلام؟ ولم يقف مع عائشة؟ بل ويستشكل ويتهم عليا عليه السلام في معركته مع عائشة بأنه قتل المسلمين ؟ كما في الرواية التي ينقلها ابن عباس.
▪️عن ابن عباس قال : مر أميرالمؤمنين عليه السلام بالحسن البصري وهو يتوضأ ، فقال : يا حسن أسبغ الوضوء ، فقال : يا أميرالمؤمنين لقد قتلت بالامس اناسا يشهدون أن لاإله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله ، يصلون الخمس ويبغون الوضوء ، فقال له أميرالمؤمنين عليه السلام : قد كان ما رأيت فما منعك أن تعين علينا عدونا ؟ فقال : والله لاصدقنك يا أميرالمؤمنين ، لقد خرجت في أول يوم فاغتسلت وتحنطت وصببت علي سلاحي ، وأنا لا أشك في أن التخلف عن ام المؤمنين عائشة هو الكفر ، فلما انتهيت إلى موضع من الخريبة نادى مناد : يا حسن إلى أين ؟ ارجع فإن القاتل والمقتول في النار ، فرجعت زعرا وجلست في بيتي فلما كان اليوم الثاني لم أشك أن التخلف عن ام المؤمنين عائشة هو الكفر ، فتحنطت وصببت علي سلاحي وخرجت إلى القتال حتى انتهيت إلى موضع من الخريبة فناداني مناد من خلفي : يا حسن إلى أين ؟ مرة بعد اخرى ، فإن القاتل والمقتول في النار ، قال علي عليه السلام : صدقت أفتدري من ذلك المنادي ؟ قال : لا ، قال عليه السلام : ذاك أخوك إبليس وصدقك ، إن القاتل منهم والمقتول في النار ، فقال الحسن البصري : الآن عرفت يا أميرالمؤمنين أن القوم هلكى......
▪️وما نستفيده من هذه القصة دروس كثيرة ومن أهمها.
١. ان امثال الحسن البصري موجودون في كل زمان، فلا يخلو منهم زمان، فهؤلاء تراهم عبادا زهادا ولكنهم يعيشون الضلال والانحراف عن طريق الحق ...
٢. ان الحق والباطل والخير والشر يمكن معرفته، وهو أوضح من الشمس لمن يريد ذلك حقا وصدقا ، فليس الحق والباطل من الأسرار التي لا يمكن معرفتها والا لبطلت الحجة على الناس في عالم الدنيا ...
٣. ان الانسان بنفسه يجلب الشيطان لنفسه، وذلك بإيجاد مقدمات ذلك ، فالشيطان لا يمكن له أن يخترق الإنسان الذي يعيش الوعي والانتباه واليقظة وذكر الله تعالى والتمسك والاعتصام به واللجوء إليه ...
٤. ومن اهم ما يمكن الاستفادة من هذه القصة، وهو أمر مهم للغاية فليس كل من درس العلوم الدينية ووصل إلى مراتبها العليا يمكن أن يكون في الطريق الصحيح للدين وفي مأمن من ايحاءات الشيطان وتسويلاته ؟ والتاريخ يحدثنا عن أشخاص كانوا قريبين للنبي صلى الله عليه وآله والأئمة الأطهار عليهم السلام انحرفوا وضلوا عن الدين بل صاروا ادواة لهدم الدين ، والتاريخ المعاصر كذلك، فقد انحرف عن الدين بعضهم من أجل الدنيا، ومنهم العالم المجتهد (حسين المؤيد) الذي أصبح وهابيا متهتكا يعمل ليلا ونهارا ضد الدين والمذهب الحق ....
اسأل الله ان الثبات على منهج الاسلام الحق بحق محمد وال محمد .....
https://telegram.me/buratha