أحمد عبد السادة ||
فكرة المقــــاومة تنبثق، في الغالب، من روح إنسان شجاع كمبادرة فردية، لكن سرعان ما تصبح هذه الفكرة جماعية وتنضم إليها أنفس وعقول وأفئدة وسواعد وأصابع شجاعة تضغط على الزناد بحزم لاسترداد حقوق مضاعة أو لإعلاء كرامة مهددة بالسقوط أو لتثبيت موقف مشرف، وذلك حين يقدم هذا الشخص المقاوم المبادر صورة مضيئة من الصمود والوفاء لقضيته التي هي بالنهاية قضية أهله أو شعبه أو أمته، فتجذب هذه الصورة مقاومين آخرين لكي يسترشدوا بها ويتخذوها قدوةً ومثالاً للمقــــ١ومة
ولهذا فإن فكرة المقــــ١ومة تستلزم أمرين لكي تحقق فاعليتها القصوى وعنفوانها الأكبر:
الأمر الأول: قيادة واثقة من نفسها ومؤمنة بقضيتها ومبادئها لدرجة الاستعداد للتضحية بالنفس
الأمر الثاني: عناصر الجذب المتمثلة بصمود القائد المقاوم ومواجهته للمخاطر والتحديات بثبات ورباطة جأش، فضلاً عن تخطيطه المحكم المدروس لمشروعه المقاوم
في صحف التاريخ هناك نماذج مشرفة لقادة مقاومين ثائرين عظماء تحولت فكرة مقاومتهم الفردية إلى فكرة أممية ملهِمة وخلاّقة، ليتحولوا هم بدورهم إلى رموز للمقاومة وشموس للثورة ومواجهة الظلم كالإمام الحسين وجيفارا وغاندي ومانديلا
لكنني هنا سأشير لتجربتين يمكن أن تكونا مثالين قريبين ساطعين لقدرة القائد المقاوم الصامد على أن يتحول إلى أمة مقاوِمة
التجربة الأولى هي تجربة الإمام الخميني الذي أعلن، بشكل حازم وصارم، عن مقاومته للكيان الإسرائيلي وأمريكا وكل قوى الاستعمار والاستعباد مباشرةً بعد انتصار الثورة الإيرانية، وقد تم، حينها، التشكيك بقدرة الخميني على التحدي والمواجهة والصمود، كما تم الرهان على إضعافه وتشتيته وإشغاله بعقوبات اقتصادية وصراعات داخلية وحرب خارجية تم دفع الطاغية صدام لشنها ضد إيران، ولكن ثبات الخميني كان درساً ملهِماً في الصمود تعلّم منه المقاومون وعشاق المقــــ١ومة، الأمر الذي أسهم باتساع معسكر الخميني الذي يضم الآن حتى بعض مَن كانوا يعادونه ويبغضونه ويشككون به، وها هو صوت الخميني المقاوم الفرد يتحول إلى أمة مقاوِمة بعد أن تحول إلى سيل شامخ من بنادق الشرف وصوlريخ الكرامة الممتدة من طهران إلى غزة مروراً بالعراق وسوريا ولبنان واليمن
أما التجربة الثانية فهي تجربة السيد عبــ-ــد الملك الحــ-ــوثي الذي واجه مع أنصاره الشجعان وشعبه المسكين الصابر كل الترسانة العسكرية والاقتصادية الغاشمة المتــ-ــوحشة للأمريكان والصهــ١ينة وآل سعود وآل زايد ومرتزقتهم وانتصر عليهم بصموده وصمود اليمنيين الأسطوري الذي تحول اليوم إلى أمثولة في المقــــ١ومة أذهلت الجميع وأحرجت كل العاجزين والجبناء الذين يضحون بكرامتهم ويختارون الذل بذريعة ضعف الإمكانيات والقدرات، وأثبتت بأن صمود المقاوم يمكن أن يفعل العجائب ويصنع المعجزات ويحقق المستحيلات
الصمود هو الوصفة السحرية لأي مقاوم لأن هذا الصمود سينقل المترددين والقلقين والخائفين من مرحلة التشكيك بالمقاوم والاستخفاف به إلى مرحلة الإعجاب به والإقرار بقوته وصولاً إلى مرحلة الإيمان به والانضمام لمعسكره
ــــــــ
https://telegram.me/buratha