ضياء ابو معارج الدراجي ||
قبل كل شيء نحن تربية عشائر واولاد بيئة عراقية جنوبية لها تقاليدها واعرافها رغم ما وصلنا اليه من مستويات عالية دراسيا وثقافيا واجتماعيا الا اننا لا نزال متمسكين بتلك البيئة الام وثقافتها وخصوصا احترام كبارنا واهلنا تصل الى مرحلة التقديس،كيف لا نقدسهم وهم من كان سبب وجودنا و حياتنا وما وصلنا اليه من مستويات نتفاخر بها بفضل تربيتهم و حنانهم وتعبهم واموالهم.
منذ ولادتي وابي رحمه الله هو قدوتي رغم اميته التعليمية لكنه في قياساتنا العشائرية استاذا برفسورا في الحكمة وحل النزاعات العشائرية و قبلة تقصده الناس لحل مشاكلهم ونزع فتيل الصراع بينهم تصل الى مرحلة ان يخسر ماله الخاص في سبيل ان لا تراق قطرة دم بين المتنازعين.
بعد سقوط حكم البعثية لم اطلع والدي على طبيعة عملي الحكومي لاني اعلم انه لن يسمح لي بالاستمرار خوفا على حياتي بسبب احداث العنف والطائفية والاغتيالات التي رافقت الحياة السياسية ما بعد ٢٠٠٣ وكنت اتحجج بحج كثيرة له عندما اكلف بعمل خارج بغداد في المحافظات الساخنة والخطرة قد تطول عده ايام.
كنت اعلم ان ابي يسايرني في ذلك واعلم انه يعلم اني اكذب عليه حتى جاء اليوم الذي كنت معه في سيارتي الخاصة في احدى المناسبات العشائرية داخل بغداد عندما جائني اتصال يطلب مني ان اتوجه الى احدى المحافظات الساخنة فورا لامر هام ولمدة ساعتين فقط، طلبت من والدي رحمة الله ان اوصله الى البيت ثم اتوجه الى مهمتي لكنه رفض واصر على ان يرافقني في رحلتي وبعد عده محاولات فاشلة لثنيه عن ذلك ولضيق الوقت الذي داهمني اضطررت الى الاستسلام واصطحابه معي نحو وجهتي.
تفاجأ ابي بما ينتظرني هناك من مستقبلين وعند نزولنا في ديوان المحافظة طلبت منه ان يتقدمني كما تعودت طيلة حياتي معه احتراما له ولاعرافنا وتربيتنا العشائرية لكني تفاجأت بتصرفه الغريب حيث رفض تماما ان يتقدم علية ودفعني امامه وهو ينكزني ويقول تقدم وانا متسمر في مكاني مندهش ومستنكر لذلك فكيف لي ان اسير امام ابي الذي لا يتقدمه احد من اخوته واولاد عمومته في كل المحافل ورغم محاولاتي المتكرر لم اثنيه عن قراره ابدا لذلك سايرته في امره وضمرتها في نفسي انتظر التفسير منه بعد انقضاء مهمتي التي دامت لساعتين و عند طريق العودة عاتبته على ذلك فقال لي "لكل مقام مقال" المستقبلين يعرفوك انت وخرجوا لك انت لا يعرفوني انا الشيخ العجوز ولا يعرفون قرابتي منك و ابوتي لك فلن اكسر هيبتك لارضي غروري في ذلك المحفل حتى و ان كنت ابيك و انت ولدي فكلنا من منبع واحد و مالك مالي وفخرك فخري .
ماذا لو تصرفت حكومتنا بحكمة والدي رحمة الله مع الحشد والشعب و فضلت المصلحة العامة على ارضاء غرور المحتل وليس غرورها لكنت الأمور افضل ولو استعانت بحكماء فعليين بدل المستشارين المراهقين لكانت الامور احسن ولتحسنت الكثير من الامور لكن للاسف واعيدها مع كل اسف ان حكومة الفيسبوك و مستشاريها المراهقين يجرون البلاد الى منزلقات خطيرة يوميا لإرضاء غرورهم وغرور داعميهم الخارجيون دمرت الوطن واقتصاده و تماسكه المجتمعي وربما قد تؤدي الى تفكك البلاد لو لم يتدخل الحكماء لانهاء تلك المهزلة التي تدور الان .
https://telegram.me/buratha