د. علي المؤمن ||
ليس عندي أدني شك بأن أغلب الأنظمة العربية والأحزاب الطائفية على امتداد البلدان العربية؛ يتمنى لو أن أمريكا وإسرائيل تطلقان كل قنابلهما النووية لإحراق شيعة العراق وايران ولبنان وسوريا واليمن؛ ليتخلص من عبء المقاومة التي يشعر أنها باتت تمعن في إحراجه وفضحه وفضح تحالفاته مع الكيان الإسرائيلي، وباتت تقض مضاجعه أكثر مما تقض مضاجع الصهاينة والأمريكان، وهو ما كشفته وثائق ويكيليكس من قبل بكثير من التفصيل، وتكشفه اليوم مقاومة الشعب الفلسطيني النوعية.
وهنا أود طرح سؤالين بريئين على شقيقي العربي السني، وأطالبه بإجابة منطقية علمية، وليس إجابة سياسية متسرعة معلبة: ((من سيبقى في ساحة المقاومة ضد الصهيونية ومشروع الهيمنة الأمريكية، لو ألغينا شيعة لبنان والعراق وايران وسوريا واليمن من خارطة المنطقة!؟، وماذا سيحدث للحركات السنية المقاومة في الداخل الفلسطيني وخارجه، كحماس والجهاد؛ فيما لو امتنع الشيعة وأنظمتهم وأحزابهم ومرجعياتهم، عن دعمها بالمال والسلاح والإعلام والسياسة، والذي لم يعد سراً؟!.)). شخصياً؛ لا أتخيل إلّا مشهداً مرعباً دافعاً للإستسلام الكامل للمشروع الصهيو ــ أمريكي، وانهياراً تدريجياً للمقاومة ضد الكيان الإسرائيلي.
ولو قرأ العقلاء المشهد السياسي العربي والإسلامي، منذ أربعة عقود وحتى الآن، بواقعية وتجرد؛ لأيقنوا بأن الشيعة هم ركيزة جبهة المقاومة والممانعة ضد المشروع الأمريكي والمشروع الصهيوني في المنطقة. ولم يعد سراً أن الهدف الذي بات يًجمع عليه قادة الفتنة الطائفية وجيوش التحشيد الطائفي ودعاة الحقد والكراهية، بدءاً بالأنظمة ومخابراتها وإعلامها، وإنتهاء بالجماعات التكفيرية المسلحة؛ هو ضرب هذه الركيزة بكل الأسلحة.
وبمراجعة سريعة لما تنشره وتبثه وسائل الإعلام العربية، وتصريحات ساسة الأنظمة الطائفية ومشايخهم، ومخططاتهم الميدانية، وفاعلية مليارات المال السياسي الخليجي، ومراسلات السفارات الأمريكية في المنطقة وتحليلات مسؤولي الأمن القومي والدفاع والمخابرات والخارجية الأمريكية؛ سيرى العقلاء بالعين المجردة أن السبب الحقيقي وراء تعرض الشيعة لعقوبات الحصار والتجويع والمقاطعة والتآمر والقتل والدمار، والضرب المتواصل بكل أنواع الأسلحة السياسية والمخابراتية والثقافية والإعلامية والإقتصادية؛ يتلخص في رفض الشيعة القاطع لمشروع الهيمنة الأمريكية والوجود الصهيوني في المنطقة العربية والإسلامية.
وهنا أتساءل مع أخرى مع شقيقي السني العربي: ((هل تعلم ماذا سيحصل لو قدّم الشيعة فروض الولاء والطاعة للمشروع الأمريكي، وتحولوا الى حلفاء للكيان الإسرائيلي؟)). أجيبك: لاشك أن أوضاع الشيعة السياسية والاقتصادية والأمنية ستنقلب رأساً على عقب، ولمنحتهم أمريكا واوربا حق الهيمنة الحصرية على المنطقة الخليجية وغرب آسيا بكل مقدّراتها وتفاصيلها.
ولكن؛ حينها سيفقد الشيعة الخصائص الأبرز التي توارثوها من نبيهم وأئمتهم وأسلافهم، وظلت منذ وفاة رسول الله (ص) وحتى الآن تميزهم عقائدياً وفقهياً وسياسياً، وهي خصاص "الرفض" و"المقاومة" و"التصدي" لكل أشكال ومضامين الإستكبار والظلم والاستبداد، والتي ستظل تمنعهم من أي تطبيع ومهادنة مع الكيان الإسرائيلي.
https://telegram.me/buratha