🖊 ماجد الشويلي ||
أن الدعوة لإحياء يوم القدس العالمي جاءت عقب انتصار ثورة إسلامية أصيلة فجرها شعب غالبيته العظمى من اتباع أهل البيت عليهم السلام ، بقيادة عالمٍ ديني عظيم بكل ماللكلمة من معنى.
ثورة ولدت في بيئة دولية وأقليمية مغايرة لها تماماً .
فلاهي شرقية حتى تستند لزعيم الشرق الاتحاد السوفيتي ، ولاهي غربية حتى تتعكز على أمريكا .
ولم تكن سنية المذهب حتى يمكن لها أن تحظى بتعاطف الأنظمة السياسية في المنطقة أو شعوبها على الأقل.
وليتها كانت بعيدة عن سياسة الشرق والغرب فحسب ، وإنما أعلنت مناوئتها بكل جلاء ووضوح لتلك السياسات الاستكبارية ووقفت بوجه مشاريعها التوسعية في المنطقة والعالم بكل حزم وقوة.
ولم يكن المحيط العربي على استعداد لان ينسجم مع هذه الثورة والدولة، وأن يمد لها يد العون والصداقة .
ولم يكن العالم المنشغل بتداعيات الحرب الباردة ، وتصنيف العلاقات الدولية على ضوء الإنقسام العالمي بين الشرق والغرب في وارد استساغة هذه الأيدلوجيا (الاسلامية) كنظرية للحكم والعمل السياسي.
يمكن لنا أن نقول وبضرس قاطع أن الجميع نظر لهذه الثورة بادئ ذي بدء أن لم يكن بمنظر العدو ، فلا أقل من منظر الريبة وعدم الارتياح.
وفي خضم هذا الارتياب والإستعداء لها من جانب والتفرد بخصوصياتها الايدلوجية والمذهبية والسياسية من جانب آخر ، عمدت لتبني القضية الفلسطينية، ورفعت شعار تحرير فلسطين وازالة إسرائيل من الوجود.
فإسرائيل ليست مدعومة من الغرب وحده ، بل حتى من الاتحاد السوفيتي الذي كان أول من أيد قيام هذا الكيان الغاصب
بحجة أنه أراد أن يجعلها ((شوكة في مؤخرة العرب لأنهم اقتربوا من الغرب)) على حد تعبير ستالين.
لم يكترث الأمام الخميني(رض) لهذا كله ووضع نصب عينيه نصرة المظلومين ومقارعة المستكبرين ، وقد آزره في ذلك شعبه وقادة الثورة من مريديه واتباعه.
فغدت القضية الفلسطينية سمة من أبرز سمات الثورة الاسلامية ، وارتبط اسم فلسطين والمقاومة بالثورة الاسلامية في ايران بنحو تخطت فيه كل تلك الاطر الضيقة،
بجغرافيتها وقوميتها ومذهبيتها وغيرها.
لكن في الجانب الآخر فإن القضية الفلسطينية بكلفتها الباهضة كانت قد دللت على صوابية منهج الثورة الإسلامية ومصداقيتها بشكل رصين جداً ، في وقت شُنت فيه حملة عالمية شعواء لتشويه سمعة الثورة وقيادتها والتشكيك بأهدافها وقدرتها على الصمود.
وكان من الصعوبة وسط ذلك الاستهداف (والبروباغندا )الدولية أن تثبت الثورة الاسلامية أنها ليست مشروعاً
إيرانيا توسعياً في المنطقة ، يتخذ من الدين ذريعة لتحقيق مآربه لولا القضية الفلسطينية .بل لولا تبنيها في بواكير نجاح الثورة الاسلامية.
وهذه النكتة من عجائب استشرافات الامام الخميني وتسديداته الإلهية.
فالثورة والدولة التي تعيش في مثل هذا المحيط الدولي والاقليمي المشحون بغضاً عليها ، هي احوج ماتكون للتهدئة والاستقرار ، وعدم تأليب الآخرين عليها.
لا أن تأتي وتنافح الدول النووية العظمى، وتخاصم الانظمة الاسلامية وتحرجها بتبني فلسطين والمطالبة بتحريرها ، في الوقت الذي دشنت فيه للتو مشروع التطبيع بتوقيع مصر اكبر الدول العربية لاتفاقية (كامب ديفيد)
ولو أن إيران داهنت لبرهة من الزمن وتماهت مع المشروع الغربي وتغاضت عن فلسطين ريثما تستقر ويشتد عودها لفقدت من مصداقيتها الشئ الكثير ، ولقيل من أنها ثورة (براغماتية) تحينت الفرص وتاجرت بقضايا الأمة تعزيزا لنفوذها القومي.
لكنها أي الثورة فعلت ذلك بنحو كان ينذر باحتمالية اجهاض الثورة وتدمير الجمهورية الاسلامية بشكل كامل.
هنا تيقن العالم أجمع أن هذه الثورة هي ثورة حقيقية عظيمة ، وأن شعبها شعب عظيم وقيادتها قيادة ربانية استثنائية .
وأخُرست الألسن ولجمت الأفواه وبقيت الثورة الاسلامية في إيران تصدح باسم فلسطين ، وتمدها بكل اسباب القوة والصمود.
وها هي بوادر الرضوخ العالمي لارادة الصمود وعزيمة محور المقاومة بقيادة الجمهورية الاسلامية في إيران على الابواب ((ونحن الى القدس أقرب )).
ــــــــ
https://telegram.me/buratha