🖊ماجد الشويلي ||
يبدو أن أمريكا على وشك الإذعان والتسليم لحقيقة التحولات الجذرية التي عصفت بالعالم ، وأنها لن تكون القطب الأوحد كما كانت في السابق .
فالمخاض العسير الذي تشهده المنظومة الدولية ، أكبر وأخطر عليها بكثير من تداعيات الحربين العالمية الأولى والثانية،
والتي كانت تقوم بهما بدور (المايسترو ) لضبط إيقاع التوازنات الدولية وصياغة النظام العالمي الذي تشاء.
فالمخاض الذي يجري الآن ينبئ بوضع هيكلية جديدة للأمم ، وينسج بخيوط الحرير المشرقية معالم نظام عالمي جديد لا يعدو واحد من هذه الصور:-
أولا:- نظام ثنائي القطبية قائم على أساس التفاضل والتكامل
ثانياً :- نظام عالمي متعدد المراكز والقوى
ثالثاً:- نظام عالمي يعزز الهيكلة الإقليمية والحفاظ على قدرة التحكم فيه عن بعد
رابعا:- نظام عالمي بولايات أمريكية مفككة
ورغم محاولات الولايات المتحدة اليائسة بايقاف عجلة التحول هذه بقيادة الصين على المستوى العالمي والجمهورية الاسلامية في المنطقة. الا أن جميع تلك المحاولات ارتطمت بواقع لايمكن التنكر له.
إذ إن الفواعل التي تحرك مسيرة هذه التحولات غير مقتصرة على التحديات العسكرية والإقتصادية والتكنلوجية بالنسبة لها ، حتى تكون الميزانية الفلكية لوزارة الدفاع هي الرادع لتنامي قدرات الصين العسكرية ودورها الجيوبولتكي المتفاقم عالمياً.
وليست المواجهة العسكرية هي السبيل للحد من تعاظم الدور الإيراني في المنطقة
حتى يمكن لها أن تجتاح الجمهورية الأسلامية وتتفرغ لمواجهة الصين.
ولذلك كانت أمريكا أكثر وعياً وإدراكا لخطورة مايجري على مكانتها العالمية
من الكيان الصهيوني حتى باتت تشعر بتراجع قدرتها على التوفيق بين مصالحها ومصالح إسرائيل في المنطقة والعالم في آن واحد
ولذا قال بايدن في سياق شرحه لستراتيجية الأمن القومي للاربع سنين القادمة ((من أن الدبلماسية ستكون مفضلة على القوة العسكرية)).
وفيما يتعلق بالشرق الأوسط قال ((لن نعطي شركائنا في المنطقة شيكا على بياض للعمل وفق سياسات تتعارض مع المصالح والقيم الامريكية))
_في اشارة لاسرائيل وحلفائها في المنطقة
وتلويحهم بشن حرب على إيران-.
ومن هنا ندرك أن امريكا اليوم تعي جيداً أنها لن تعود القطب الأوحد لقيادة العالم،
وعليها الحفاظ جهد الإمكان على الخيار الأقرب ؛ وهو العودة لعالم ثنائي القطبية تتقاسم نفوذه مع الصين .
إلا أن انتقام الجغرافيا الذي استوعبته الصين وحلفائها يرفض أن تعود أمريكا لمكانتها العالمية من جديد.
"وإن غدا لناظره لقريب"
https://telegram.me/buratha