ضياء ابو معارج الدراجي
منذ اكثر من عام افترش اصحاب الشهادات العليا الرصيف المجاور لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي طلبا للتعين في مؤسسات الدولة ثم انتقلت هذه التظاهرات الى الرصيف المجاور لمكتب رئيس الوزراء المستقيل عادل عبدالمهدي في منطقة العلاوي لتتحول الى تظاهرات مطلبية والتي قُمعت بالعنف المائي الذي حرك مشاعر الشعب و خصوصا عند سقوط وكشف جسد احدى المتظاهرت العراقيات امام انظار الاعلام والعالم ككل لتكون شرارة انطلاق تظاهرات تشرين عام ٢٠١٩ التي طالبت بتغير قانون الانتخابات وتوفير التعينات والرفاهية للشعب لكن تدخل اطراف حكومية وغير حكومية قامت بالقتل والقنص وشرعت هدر دماء سالت من الشعب العراقي بطرفية الامني والشعبي اشعلت حراك شعبي عارم تتوج باستقالة الحكومة ورئيسها ،لكن ما جرى بعد ذلك هو الانحراف التام بكل معانية عن المطالب المشروعة للتظاهرات واصبحت جرائم القتل والسحل والتعليق وحرق المؤسسات وقطع الطرق هي السمة السائدة كما تم رفض أي شخصية مهنية لإدارة الدولة تتسلم مقاليد الحكم بعد الحكومة المستقيلة كل ذلك حدث لغرض خلق الحكومة الحالية من قبل اعلام قادتها ومحركيها حاليا في صفحات التواصل الإجتماعي، الحكومة التي كل انجازاتها اعلانات مدفوعة الثمن لا تمت للواقع بصله لنصل اليوم الى ما وصلنا الية حرفيا في خفض قيمة العملة المحلية وقطع رواتب موظفي الدولة كافة وتاخيرها مع خفض المخصصات التي منحت بقوانين سابقة لصالح الموظف وتكللت هذه الانجازات السيئة باعلان وزير المالية الحالي بإيقاف التعينات نهائيا بالإضافة الى خراب شامل في تجهيز الكهرباء وانعدام مفردات البطاقة التمونية و مشروع زيادة اسعار المحروقات من وقود وغاز وما شابه مع رفع قيمة الضرائب متوازيا مع رفع قيمة العملة الصعبة مقابل الدينار العراقي المنهار كل هذا يذكرني بمثل شعبي عراقي يقول (اجا يكحلها عمها) حيث يروى أن رجلًا تزوج للمرة الثانية من امرأة جميلة قد شغفه حبها وكان يطلب ودها وقربها منه إلا أنه كان لا يراها ولو حتى مبتسمة، دائمًا شاردة هادئة لا تتكلم ولا تبدي أي تأثير لما يحدث حولها فقام بشراء الهدايا وإغداقها بالمال إلا أنه لم يغير من الأمر في شيء فشك الرجل في حبها واعتقد في كرهها له ولمعيشته وكاد هذا الفكر أن يفتك به فهو يحبها فقرر أن يذهب إلى امرأة حكيمة ذات رأي وكلمة مسموعة لديها من الحكمة ما يمكنها من حل أصعب المشكلات.
وعندما ذهب إليها وأبلغها شأنه وشأن زوجته معه، أشارت عليه الحكيمة بأن يحضر أفعى ويقوم بإغلاق فمها بإحكام ويضعها على صدره ويدعي الموت، فأعجبته الفكرة وقرر تنفيذها وعاد مسرعًا إلى البيت بعد أن أحضر الحية وأغلق فمها، وادعى النوم في سريره بعد أن وضع الحية على صدره، وبعد فترة قامت زوجته لإيقاظه فقد طالت غفلته، وما أن رفعت الغطاء من على رأسه حتى وجدت الأفعى.
جعلت المرأة تصرخ وتبكي على وفاة زوجها وتناديه يا حبيبي يا من تركتني أعاني الفقد بعدك وظلت تبكي على صدره، فما كان من الرجل إلا أن انتفض من مكانه بعد أن ملئت السعادة قلبه، وقال لها أنه لشدة حبه لها فعل هذه الخدعة وهنا غضبت المرأة وأقسمت أن لا تعود إليه أبدا حتى يكلم الحجر الحجر أو يكلم العود العود وهو ما يعني أنها لن تعود إليه أبدًا.
ولما انتشر أمرهم جعل الجميع يطلقون عليه “جا يكحلها عماها” أي أنه عندما أراد أن يقربها منها وينشد حبها أبعدها عنها بخداعه لها وتظاهره بالموت، فعاد الرجل مسرعًا إلى الحكيمة يطلب منها النصح بعد أن فسدت خطته، فهدأت من روعه الحكيمة وقالت له: أحضر لها رحى وهي التي تطحن الدقيق فعندما تدور الرحى تصدر صوتًا وكأن الحجر يكلم الحجر، وكذلك أحضر لها الربابة فعندما يلتقي العود بالربابة تصير أعذب الألحان وكأنها كلامهم، فعاد الزوج مسرعًا وقد أحضر ما قالته الحكيمة وعندما رأت زوجته من حبه الشديد وإصراره على أن تعود إليه عادت إليه مرة أخرى ولكن هذه المرة وهي مبتسمة وبشوشة الوج.
هنا انتهت قصة مثلنا لكن لم تنتهي قصة حكومتنا التي لم ولن تبحث عن الحكماء الوطنيون الذين ينصحونها بكيفية حل الازمات فهي الافعى التي وضعتها خيم تشرين المشبوهة على صدر الشعب لكن بدون ان تربط فمها وكل يوم تغرز نابا فيه وتقتله الف قتلة وتنهب ماله وحياته وحريته وجعلتنا نتحصر على حكومة العدس التي كانت قبلها، وعلى رأي جدتي رحمها الله (هم خايس وهم يفسي) و(لا حظت برجلها ولا اخذت سيد علي) والأمثال كثيرة