ضياء ابو معارج الدراجي ||
منذ فتر لم ينشر لي مقال سياسي او منشور ينتقد عمل حكومي او شخصية حكومية وخصوصا بعد صدور مجموعة من التوجيهات بمحاسبة الناقدين والمنتقدين للعمل الحكومي او لشخصيات حكومية وحزبية فاسدة او تساعد على الفساد وسوء الادارة او التلميح لها من بعيد وخصوصا اذا كان الناقد من موظفي الدولة، كذلك عملت الحكومة ومجلس النواب على إصدار قوانين لتكميم الافواه مع رفع دعاوي قضائية على عدد غير قليل من الاعلاميين بحجج عده منها الشخصية ومنها العامة.
وخلال تلك الفترة كتبت مقالات عدة لكن كنت اضع نفسي مكان القارئ او صاحب القرار الحكومي عندما اقراء المقال و اتنقل بين كلماته لاجده خطر علية وعلى مستقبلي الوظيفي اذا ما نشر وطبقت عليه التوجيهات الاخيرة والقوانين التي يراد تشريعها لحماية الرئاسات الثلاث ووزاراتها من اي نقد بناء او توجيه او فضح فساد فيها لذلك اركن المقال في ذاكرة ارشيفي غير المنشور ويدفن الى الابد بما فيه من رسالة ربما تنفع البلاد والعباد.
هذه التوجيهات والقوانين الجائرة تعيد لنا ذاكرة حكم البعث الصدامي الذي كان يقتل صاحب الكلمة ويعتقل أقربائه حتى الدرجة السادسة ويعاملهم معاملة الخونة والجواسين ويحجز اموالهم المنقولة وغير المنقولة ،هذه التوجيهات والقوانين تعيد لنا ذاكرة الحكم الذي وضع الشعب العراقي في سجن كبير منقطع عن العالم الخارجي الشعب الذي يذبح من الداخل وتحسده الشعوب العربية على قائده الضرورة قائد الامعة العربية وليس الأمة العربية الشعب الذي لا تشفع له هتافاته بروح القائد وفدائه له بدمه او كتاباته المادحه له فكل ما كان يفعله من مديح وتغزل بالقيادة الفذة
هو واجب رسمي عليه ومن يخالف ذلك هم الخونه ويستحقون القتل جزاء عدم مدحهم القائد لا نقده فلا يحق لاحد ان يعيش في ارضه وبين اهله وهو ينتقد القائد الضرورة او لم يمدحه بكلمة او اغنية هذا القائد الذي احتل مكان الله في العراق واصبح المحي المميت والرازق المانع ويد الخير حتى تجاوزت اسمائه اسماء الرب الحسنى واخذ ينافس الله على ارضه وخلقه.
اليوم تعاد علينا نفس الحكاية التي تعرض لها آبائنا وامهاتنا عندما حكم البعث وقبله القوميون وبداية تاسيس دولة الرعب والتي تبدأ بتكميم افواه الاعلام الناقد وتكريم افواه الاعلام المادح المساند ثم ينطلق بعد ذلك التحريض ضد كل من انتقد سلبيات الحكومة الظاهرة او الحكومة الباطنه او حكومة الظل المرعبه.
هكذا يتم تاسيس دولة الا نقد للحكام ثم دولة المادحين ثم دولة المحرضين ضد غير المادحين حتى نصل الى دولة المقابر الجماعية لأعداء الحاكم و دولة المبيدات البشرية لكل من قال لا حبا للعراق وشعب العراق.