المقالات

 " أذْرَبَجَةُ" العراق

1221 2020-11-24

 

🖊 ماجد الشويلي ||

 

لا أعتقد أننا بحاجة للحديث عما جرى على أتباع أهل البيت ع  من ويلات في العراق طيلة الحقب المنصرمة ؛ فهو أمر معلوم للجميع ويقره المخالف قبل المؤالف.

ولذا فنحن الآن بصدد الحديث عن مخطط خبيث يتم نسجه بخيوط حريرية ناعمة مسمومة .

مخطط يسعى لإفراغ التشيع  في العراق من مضامينه العقدية الرسالية . إذ من دون هذا المخطط يتعذر على مناوئي العراق تجويف دوره الأقليمي والدولي والانقضاض عليه بالكامل.

وعلى مايبدو أن الأنموذج الذي وقع الخيار عليه لتدجين شيعة العراق ، هو الأنموذج الآذربيجاني ، نظراً لعوامل عدة ومعطيات مشتركة  بين البلدين، نجمت عن ظروف دولية أدت بالنتيجة لاختيار هذا الأنموذج لتكون شيعة العراق عليه .

فالحقبة الصدامية القمعية التي مر بها شيعة العراق ، ليست بأقل مما عانوه شيعة آذربيجان في ظل حكم الاتحاد السوفيتي.

ففي الوقت الذي كانت فيه آذربيجان معقلاً من معاقل شيعة أهل البيت ع تزخر بالعلماء والمبلغين والحوزات العلمية،

جاء الحزب الشيوعي ومنع الصلاة ، وحول المساجد الى متاحف ، وقام بقتل العلماء وتهجيرهم ، ثم زج البلاد في حرب مع جارتها أرمينيا، كما فعل صدام حين زج العراق بحرب مع إيران استنزفت طاقاته ومقدراته ، وتركت تداعياتها الخطيرة على العلاقة بين البلدين الى يومنا هذا .

وما أن سقط الأتحاد السوفيتي ونالت آذربيجان أستقلالها عام 1991 حتى انضمت للمجموعة الأوربية التي كان يجب عليها أن تساير  تشريعاتها وقوانيها وثقافتها كي تحقق النهضة اللازمة بحسبهم.

وإذا بالشيعة الذين خرجوا للتو من قمع الحريات ومنع التعرف على خصائص مذهبهم في ظل الاتحاد السوفيتي، ينطلقون بسرعة البرق للألتحاق بالعالم الغربي،

حتى وصل بهم الحال الى إقامة أوثق العلاقات وأمتنها مع إسرائيل.

وهي حالة شبيهة بما مر به العراق عقب سقوط النظام الصدامي ، باستثناء الاعتراف بإسرائيل واقامة العلاقات معها.

ولعل المنحى السياسي العام في العراق يسير بهذا الأتجاه في المستقبل أذاما بقيت الأمور  على حالها.

في آذربيجان صرح الرئيس إلهام علييف

(أن بلاده ترغب بشده الى أن تكون جزءاً من العالم الأسلامي الذي يمتلك روابط جيدة مع الغرب بدلاً من الجزء الذي تربطه روابط سيئة معهم بشكل عام ومع إسرائيل بشكل خاص)!!

وبطبيعة الحال فإنه يشير الى رغبته بالأنضمام الى تركيا وكازاخستان ،

الأمر الذي يستدعي منه العمل على تحويل آذربيجان من دولة شيعية الى دولة سنية

لبتعد فيها تأثيرات أيران عليها ، وهذا مابدأوا الحديث عنه في أروقتهم السياسية بالفعل!

وعلى مايبدو أن بإمكاننا مقاربة هذا المنحى الخطير مع مايجري في الساحة العراقية من محاولة لدفع العراق للأنخراط في منظومة التطبيع العربية مع أسرائيل بشكل تدريجي عبر تكبيل العراق بمعاهدات واتفاقيات اقتصادية طويلة الأمد .

إن السعي لفصل مسار شيعة العراق عن مسار الشيعة في إيران قائم منذ عقود، إلا أن خطورته تكمن الآن وفي هذا الوقت بالتحديد في المسلك الذي تم اعتماده مع شيعة العراق  بل وحتى مع عموم الشيعة في دول محور المقاومة.

فشيعة العراق الآن يتعرضون لمحاولات غسيل الأدمغة لتغيير نمط سلوكياتهم ومعتقداتهم التي كانت تربطهم مع شيعة العالم ومع الجمهورية الاسلامية في إيران على وجه الخصوص .

والغرب يخطط لجعل الشيعة في العراق وآذربيجان خطوط الصد الايدلوجية أو قل (ألضد النوعي) لمنع تمدد النهج الثوري الشيعي في إيران لبقية البلدان في غرب آسيا .

فيمكننا الآن وبكل بساطة أن نتلمس إرهاصات الانكفاء على الذات ، والأنزواء خلف الخصوصية الوطنية عند طيف واسع من شيعة العراق ، وحتى عند بعض المحسوبين على أيران ، في أطار توجههم  المقاوم لأسباب شتى يطول شرحها.  

بل أكثر من ذلك فقد وجدنا أن ثمة من يعمل على (توطين) مقام المرجعية الدينية العليا ووضعها في حيز ضيق، من خلال شعارات (مرجعية وطن ) التي سوِّق لها بعناية ، وانطلت على من انطلت عليه واستمرأها من كانت تخامر نزعته وتطلعاته من الأساس.

إن تدشين هذا المشروع ( أذربجة العراق)

مرهون بنتائج الأنتخابات المقبلة التي تعول عليها أمريكا واستثمرت فيها مع جملة من دول المنطقة التي تدور في فلكها .

هذه الأنتخابات التي ستتزامن مع الأنتخابات الأيرانية في حزيران 2021

ولست أدري هل جاء هذا التزامن عفوياً أم أن السيد الكاظمي كان قد حدد موعدها في العراق بناءً على رؤية استشرافية لمستقبل العلاقة بين البلدين في تعويل على بعض الخطوط السياسية في الجمهورية الأسلامية ، الساعية بل والمشاركة بشكل وآخر  بمحاولات فصل المسار بين شيعة البلدين على أساس الأنتماء القومي والوطني  !

وعلى أي حال وبقدر مايتعلق الأمر بشيعة العراق فإن مجموعة الخطوات والإجراءات التي اتُخذت على الصعيد الحكومي وما رافقها من تحضيرات جدية

لإجراء تعديلات جوهرية في الدستور،

من شأنها أن تثبت دعامات التحول في مسلك التشيع بالعراق على ما أريد له

 

(أن تكون شيعة العراق كشيعة آذربيجان).

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
فيسبوك